في الوقت الذي يسجن فيه نحو 70 صحفيا داخل الزنازين والمعتقلات بتهم عدة منها نشر أخبار كاذبة وتشويه صورة الدولة والانتماء لمنظمة إرهابية، بدأ مجلس نقابة الصحفيين بتنظيم احتفال اليوبيل الماسي للنقابة برعاية السيسي، ضاربين بعرض الحائط أنه مع بداية سيطرته على الدولة تم الزج بالعشرات من زملائهم في السجون.
وتسبب قرار مجلس النقابة الذي يرأسه يحيى قلاش بأن يكون السيسي هو راعي هذه الاحتفالية، في غضب العديد من الصحفيين، إذ نظم بعضهم وقفة احتجاجية في 31 مارس الماضي لإعلان رفضهم لرعاية السيسي للاحتفال باليوبيل الماسي لإنشاء نقابة الصحفيين.
وقال الصحفيون، إن أكثر من 60 من أبناء المهنة ذكرًا وأنثى يقبعون داخل السجون، مما جعل مصر تتربع على رأس القائمة الدولية لاعتقال الصحفيين، واعتبر الصحفي أبوالمعاطي السندوبي خلال الكلملة التي ألقاها في الوقفة “أن رعاية السيسي للاحتفال هو بيع النقابة للسلطة السياسية، ولن نسمح بهذا البيع، وعار على النقابة ان توافق علي رعاية السيسي، فهذا عار على مجلس النقابة”.
وكانت منظمات حقوقية من بينها “المرصد العربي لحرية الإعلام والتعبير” الذي دشنه صحفيون مصريون وعرب لرصد الانتهاكات ضد حرية الإعلام، قد أفاد بأنه تلقى عدة شكاوى من أسر بعض الصحفيين المعتقلين في مصر، بعد الانقلاب في الثالث من يوليو 2013م، والذين وصل عددهم إلى 67 معتقل، مشيرًا إلى أن هذه الشكاوى كشفت عن احتياج بعض المعتقلين لعمليات جراحية عاجلة، أو لرعاية طبية خاصة أو لأدوية معينة بسب أمراض ألمت بهم داخل الأسر.
عدم الدفاع عن البلشي
وفي ذات السياق، لم يظهر لمجلس نقابة الصحيفيين أي مواقف جدية ضد قرار النيابة العامة بضبط وإحضار خالد البلشي وكيل نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات بالنقابة، بتهمة سب وقذف الداخلية وإهانة الشرطة، والدعوة لتكدير السلم العام، والتظاهر ونشر تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” وتويتر تدعو لقلب نظام الحكم.
يأتي ذلك على خلفية بلاغ تقدم به مساعد وزير الداخلية للشؤون القانونية، والذي حمل رقم إداري 2131 لسنة 2016م، وبناء عليه تم إصدار القرار بضبط وإحضار البلشي، كما أمرت النيابة مباحث الاتصالات بتقديم تحرياتها حول البلاغ، والذي يتعلق بموضوعات نشرت على صفحتيه بـ”فيس بوك وتويتر”.
وشملت الدعوى سيديهات تحوي فيديوهات للبلشي، وأيضًا “برنت سكرين” من بعض تدويناته وتصريحاته على “فيس بوك” وتويتر”.
سامحي والفخراني.. عامان ونصف العام من الاعتقال
ومر أكثر من عامين ونصف العام، على اعتقال الصحفيين سامحي مصطفى وعبد الله الفخراني، عضوي مجلس إدارة شبكة “رصد”، والمعهد الدولي للصحافة IPI، والمحكوم عليهما بالمؤبد في قضية غرفة عمليات “رابعة”، وسامحي مصطفى هو المدير التنفيذي السابق وعضو مجلس إدارة شبكة “رصد” الإخبارية وأحد مؤسسيها، وهو صحفي حر مدافع عن قضيته وعن حق وطنه في الحرية، وشارك في التغطية الإعلامية لثورة 25 يناير حينما كانت شبكة “رصد” الوحيدة التي تبث أخبار الميدان.
ولم تتحرك نقابة الصحفيين لإصدار ولو بيان للتضامن معهما، كما يحدث مع العديد من الصحفيين، سواء المقيدين بعضوية النقابة أو الغير مقيدين.
وتم اعتقاله سامحي مع رفيقه، عبد الله الفخراني يوم 25 أغسطس 2013م، حيث كان “الفخراني” عضوًا في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وأحد مؤسسي شبكة “رصد” الإخبارية، حيث كان يعرف بدفاعه عن حقوق الإنسان، ومشاركته في توثيق عمليات القتل الجماعي في ميداني “رابعة العدوية” و”النهضة”. وقد جهت النيابة لهما تهمًا بإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة، وبثها على شبكة الانترنت وبعض القنوات الفضائية، وكان من شأن ذلك تكدير الأمن، وإلقاء الرعب بين الناس، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
كما اتهم أيضًا بالانتماء إلى جماعة على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، لينتهي به المطاف بحكم بالمؤبد في قضية أقل ما يقال عنها إنها ملفقة”.
شوكان.. أكثر من عام حبس احتياطي
ويعد محمود أبو زيد الشهير بـ”شوكان”، وهو مصور صحفي، أحد ضحايا الصورة، فقد حبسه النظام احتياطيًا على خلفية أحداث فض “رابعة العدوية”، منذ أغسطس 2013م، في أثناء القيام بتأدية عمله الصحفي، وفقًا لمحامي الدفاع عنه.
وكانت قوات الأمن قد اعتقلت شوكان والعديد من المتظاهرين السلميين وصحفيين أجانب في ستاد القاهرة لمدة يوم واحد، وذلك بعد ضربه ضربًا مبرحًا، وتجريده من كافة معداته، ثم قامت بإطلاق سراح الصحفيين، ونقل شوكان إلى قسم أول القاهرة الجديدة، ثم إلى سجن أبو زعبل، حيث بقي رهن الاعتقال حتى يومنا هذا.
وفي سبتمبر 2013م، أمر النائب العام بتجديد حبس صحفيين آخرين، ومن بينهم شوكان، ويستمر التجديد لشوكان تلقائيًا ودون محاكمة منذ ذلك الحين في القضية المعروفة إعلاميًا باسم “أحداث فض اعتصام رابعة”، والتي تحمل رقم 15899 لسنة 2013م إداري أول مدينة نصر، مع استمرار رفض حقه في إخلاء سبيله أو حتى إحالته الى المحكمة.