تلقى تيار استقلال القضاء ضربتين خلال الأيام القليلة الماضية من قبل النظام الحاكم؛ الأولى بعد عزل 32 قاضيا بتهمة الاشتغال بالسياسة، والثانية عزل المستشار هشام جنينة من رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات.
جاءت الإطاحة بالمستشار جنينة بعد أن كشف أن حجم الفساد بمصر وصل إلى 600 مليار جنيه، وتم إحالته إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق في ما نسبته إليه لجنة تقصي الحقائق التي شكلها السيسي نهاية العام الماضي بتهمة تعمد الإدلاء بتصريحات كاذبة عن حجم الفساد وتكلفته في مصر للإساءة للدولة وزعزعة استقرار الاقتصاد المصري وتكدير الأمن العام.
الضربة الأخرى كانت عزل 32 قاضيا بتهمة الاشتغال بالعمل السياسي والتي عرفت بقضية “بيان قضاة رابعة”، وهي القضية التي كان قاضي التحقيق المختص بها قد وجه أيضا أصابع الاتهام فيها إلى هشام جنينة، بالإضافة لوزيري العدل السابقين أحمد مكي وأحمد سليمان، ونائب رئيس الجمهورية الأسبق محمود مكي.
الإطاحة بالمستشار أحمد الزند
جاءت الضربتان الموجهتان لتيار استقلال القضاء بعد ساعات من الإطاحة بالمستشار أحمد الزند، أحد أهم رموز التيار المناوئ لتيار الاستقلال؛ حيث أكد محللون أن الإطاحة بالزند جاءت بعد تحذيرات مخابراتية بأن تصرفاته وتصريحاته تعرض النظام للإحراج.
ويؤكد عدد من المراقبين أن الضربة المقبلة من نظام السيسي ستتركز على التنكيل بجنينة سياسيا وإعلاميا وقضائيا، وربما حبسه.
رسائل عزل جنينة
حملت إقالة جنينة في نفس الوقت الذي تم فيه عزل قضاة تيار الاستقلال عددا من الرسائل للمسؤولين في مصر، منها:
1- معاقبة جنينة على فضحه للفساد، ليكون عبرة لأي مسؤول في مصر يجرؤ على فتح ملفات الفساد.
2- الإطاحة بهشام جنينه وعزل قضاة الاستقلال، ومن قبله زكريا عبدالعزيز ومن قبلهما المستشار الخضيري والمستشار أحمد مكي والمستشار محمود مكي وملاحقتهم جميعا قضائيا أو تأديبيا وتنصيب خصومهم في مواقع قيادية رسالة لكل من يحاول الدفاع عن استقلال القضاء.
3- ترضية لمعسكر المستشار أحمد الزند من القضاة والإعلاميين والسياسيين أو أنصاره من حلفاء الخارج، حيث ضغط هذا المعسكر بكل السبل والتخريجات غير الدستورية لعزل “جنينة”.
4- استمرار التحالف بين الدائرة المخابراتية-الرقابية التي شكلها عبد الفتاح السيسي لإدارة المشهد السياسي، وبين التيار المناوئ للاستقلال داخل القضاء المصري.
5- التخلص من تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي كانت تزعج الرئاسة والنظام، والتخلص من الأجهزة التي تحارب الفساد في الدولة، والتخلص من تقارير الفساد والمخالفات بغير رجعة.
مذبحة القضاة
ويرى أسامة رشدي، المستشار السياسي لحزب أبناء والتنمية، أن مذبحة القضاة وعزل هشام جنينة قضيتان منفصلتان، فمذبحة القضاة بدأت مع بداية الانقلاب للتخلص من قضاة الاستقلال منذ وقفتهم في 2005 ضد تزوير الانتخابات؛ حيث إن المعركة بين الدولة وقضاة الاستقلال قديمة، في الوقت الذ تم فيه تقديم القضاة الفاسدين للتنكيل من دعاة الشرعية والمنتخبين، مشيرا إلى أن هذة معركة الفساد مع القضاء ولم تكتب فصولها النهائية بعد.
وأضاف رشدي في تصريح خاص لـ”رصد” أن قضية المستشار هشام جنينة هي معركة هذا الانقلاب مع قضية كشف الفساد، فهذا النظام قائم مع أجنحة في السلطة مع الفاسدين وهذا النظام يعمل للإطاحة بكل من يسعون لكشف هذا الفساد.
وأشار رشدي إلى أن معركة جنينة ليس فقط آخر من تبقى من من عينهم مرسي لكن هي معركة ضد كل من يرفض الفساد ويقف أمامه.