اشتعل الخلاف بين رجل الأعمال نجيب ساويرس، ومحافظ البنك المركزي طارق عامر؛ بسبب صفقة استحواذ الأول على بنك الاستثمار “سي آي كابيتال” التابع للبنك التجاري الدولي؛ حيث استخدم نجيب ساويرس منابره الإعلامية لمهاجمة محافظ البنك المركزي.
ساويرس يقاضي محافظ البنك المركزي
وقال المهندس نجيب ساويرس، إنه سيقاضي محافظ البنك المركزي، طارق عامر، بشأن تغيير رؤساء البنوك، مشيرًا إلى أن الأمن القومي طلب مراجعة صفقة شراء “سي أي كابيتال”، مؤكدًا أنه لديه دليل على أن “عامر” تدخل لإيقاف تمويل الصفقة من بنك مصر، ما يخل بقواعد الشفافية.
وأضاف “ساويرس”، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية لميس الحديدي، ببرنامج “هنا العاصمة”، عبر فضائية “سي بي سي”، “كل واحد ينافس بفلوسه من أي قطاع خاص، ولكن المشكلة الأساسية أننا ندعو للاستثمار الأجنبي والمصري ونفاجأ بأن الحكومة تنافسنا، ولو الحكومة فلوسها كتير مفيش داعي نجيب استثمار من بره”.
وتابع: “محافظ البنك المركزي يجب أن يكون رجل اقتصاد لا مجرد بنكي، وعليه أن يعلم حقيقة من يتحدث عنه ومؤهلاته وكونه من أكبر الاقتصاديين في مصر والعالم هو وعائلته التي تغذي نصف شركات البورصة المصرية، فلا يجب أن يتحدث محافظ البنك المركزي عن مؤهلاتي لأنني إذا تحدثت عن مؤهلاته مش هينبسط”.
تعنت حكومي وساويرس يهدد بسحب استثماراته
وفي مقال لساويرس، أمس الأحد، بجريدة “الأخبار”، وجه انتقادات حادة لعامر، حمل عنوان “الاستثمار وسوء استخدام السلطة!.. ماذا إذا أساء محافظ البنك المركزي استخدام السلطة المخولة له لنوازع شخصية”.
وقال “ساويرس”، في مقاله، إن هناك تعنتًا حكوميًا في صفقة استحواذه على “سي آي كابيتال”، وألمح إلى أنه قد يخرج استثماراته خارج مصر، قائلًا: “أرض الله واسعة”.
وكان البنك التجاري الدولي وافق، في فبراير، على بيع بنك الاستثمار “سي آي كابيتال” المملوك للبنك مقابل 924 مليون جنيه (104.05 مليون دولار) لساويرس من خلال شركته أوراسكوم للاتصالات والإعلام، لكن الصفقة لم تنفذ حتى الآن.
الحكومة تنافس ساويرس
وقال “ساويرس”: “سأسرد وقائع عملية شراء شركة سي آي كابيتال من البنك التجاري الدولي، والموضوع يتلخص في أن شركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا OTMT التي أرأس مجلس إدارتها وأنا أيضًا أكبر مساهم بها قد قدمت عرضًا لشراء شركة سي آي كابيتال من البنك التجاري الدولي وقد فوجئت بقيام البنك الأهلي وهو بنك قطاع عام مملوك للدولة بالكامل بتقديم عرض منافس للشراء بإيعاز من رئيس البنك الأهلي السابق وهو محافظ البنك المركزي الحالي”.
وكان البنك الأهلي المصري أعلن عن رغبته في الاستحواذ على سي آي كابيتال لكنه لم يتوصل إلى اتفاق نهائي مع التجاري الدولي بشأن مدة الفحص النافي للجهالة وانسحب بعدها من الصفقة.
رسالة سلبية
ووصف “ساويرس” خطوة البنك الأهلي بأنه يعطي “رسالة سلبية ومؤذية لمناخ الاستثمار مؤداها احذروا أيها المستثمرون إذا أردتم الاستثمار في مصر فستدخل الدولة وتنافسكم بالأموال العامة!”.
وأضاف أنه بعد الشكوى إلى رئيس الحكومة، انسحب البنك الأهلي من العرض، “لكن أبدًا لم ينته مسلسل الترصد؛ فقد فوجئنا بانسحاب بنك حكومي من تمويل الشراء بناءً على تعليمات من البنك المركزي.. فذهبنا إلى البنوك الخاصة والتي وافقت على التمويل إلى أن جاءتها التعليمات نفسها مرة أخرى لكن متأخرة بالانسحاب أيضًا!”.
وكان “ساويرس” يرغب في تمويل الصفقة من خلال قروض من البنوك، إلا أنه أعلن مؤخرًا أنه سيتم تمويل الصفقة من الموارد الذاتية وأن الشراء سيكون من خلال شركته التابعة “بلتون” المالية.
التخلص من رؤساء البنوك
وقال ساويرس: “هذا التصرف ليس بغريب على المحافظ (طارق عامر) الذي أصدر قرارًا أخيرًا لعقاب والتخلص من رؤساء البنوك الخاصة وحدد المدة بتسع سنوات بالتفصيل الواضح لاستهداف أشخاص محددة -رغم أنه من المفترض أن البنوك الخاصة تحدد جمعياتها العامة ومساهموها من يديرها وليس المحافظ- وعلى رأسهم هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي البائع في هذه الصفقة عقابًا له على هذه الصفقة وأيضًا لتعيينه هشام رامز (المحافظ السابق للبنك المركزي) في وظيفته السابقة كنائب لرئيس مجلس الإدارة وعضو منتدب للبنك التجاري الدولي والذي لم يوافق المركزي على عودته حتى تاريخه دون حتى مراعاة لرجل خدم بلده بإخلاص في المنصب نفسه“.
طارق عامر يرد
واستبق طارق عامر، محافظ البنك المركزي، هذا المقال وقال، في مقابلة تلفزيونية، مساء أمس السبت، في برنامج “هنا العاصمة” على فضائية “سي بي سي”، إنه لم يصدر تعليمات إلى بنك مصر وهو البنك الحكومي الذي أشار إليه ساويرس، بالامتناع عن تمويل صفقة الاستحواذ.
وردًا على ما إذا كان قد أصدر توجيهات لبنك مصر، قال “عامر”: “لا أنا مقولتش كده.. احنا حطينا قواعد.. قولنا مش هنمنع الاستحواذ.. بس هنخلي في نسب.. هنخلي المستثمر ييجي بفلوس”.
وكان البنك المركزي قرر، في بداية الشهر الجاري، تعديل قواعد تمويل الاستحواذ على الشركات داخل السوق المحلية من خلال خفض إجمالي التمويل الموجَّه لهذا الغرض إلى 2.5% بدلًا من 5% من إجمالي محفظة القروض للبنك الواحد، وألّا يزيد حد تمويل العميل الواحد والأطراف المرتبطة به على 0.5% من إجمالي المحفظة.
واشترطت التعديلات عدم زيادة إجمالي التمويل المقدم من خلال البنوك العاملة في مصر بغرض تمويل عملية استحواذ واحدة على 50% من قيمة العملية. الاقتصاد لازم يستفيد، وبرر “عامر” إصدار هذا القرار قائلًا: “في مصر شركة أو فرد يقول أنا عايز اشتري الشركة دي.. ومش معاه فلوس يشتري بها، يروح للبنك الفلاني ياخد 90 أو 80% ويدفع هو وكام شريك معاه 20%.. وخدوا الشركة.. الاقتصاد استفاد إيه؟”.
ونفى “عامر” أن يكون قد أصدر تعليمات للبنك الأهلي بالمنافسة على شراء “سي أي كابيتال”، وقال: “هو قالي (رئيس البنك الأهلي) إن الشركة (سي أي كابيتال) هتطلع من الجهاز المصرفي.. إيه رأيك.. عايزين القطاع المصرفي يكون عنده شركة استثمار.. قولتله معندناش مانع”.
وقال: “لو كانت بتعليمات مني كنت خلصت.. وقولت له اشتريها من غير فحص نافٍ للجهالة”.
وقال عامر: “نفسي أعرف المستحوذ (ساويرس) إيه خبرته في بنوك الاستثمار؟ إيه القيمة اللي هيضفها في بنوك الاستثمار؟ هل الحكاية حكاية فلوس؟ لأ.. لازم أسأله.. خبرتك إيه..؟”، وأضاف “ده رأي شخصي.. لكن أنا مليش أقوله يبيع ولا ميبعش هو حر”.