أكدت محكمة النقض، في حيثيات حكم أصدرته بإلغاء حكم إعدام 149 متهما، أن حكم القاضي ناجي شحاتة، صدر دون أي سند قانوني.
وأوضحت النقض أن حكم الجنايات عرض واقعة الدعوى وأدلتها في إجمال وإبهام، لا تتوافر به أركان الجرائم التي أدانهم بها؛ ما ينبئ بأن المحكمة لم تحط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
وقررت المحكمة بناء على ذلك إلغاء حكم إدانة ١٤٩ متهما بالإعدام شنقا، ومدان بالسجن 10 سنوات، في قضية “اقتحام قسم شرطة كرداسة وقتل أفراد الشرطة والتمثيل بجثثهم” عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة 14 أغسطس 2013.
وأكدت حيثيات الحكم أن محكمة النقض عجزت عن إعمال رقابتها؛ وذلك لأن أسباب حكم الإدانة يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة؛ ما لا يمكن معه استخلاص مقوماته ما يتعلق بموضوع الدعوى أو بالتطبيق القانوني.
وأوضحت الحيثيات أن الأدلة التي استند لها حكم الجنايات بإدانة المتهمين، جاءت غامضة ناقصة ومبتورة؛ بحيث لا يبين منه أن المحكمة حين استعرضت هذه الأدلة قد ألمت بها إلماما شاملا، ومن ثم يكون الحكم معيبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله.
ولم يبين حكم الجنايات الأفعال المادية التي ارتكبها كل طاعن في خصوص جرائم القتل العمد والشروع فيه، وعلاقة السببية بين هذه الأفعال والنتيجة، وعوَّل على الدليلين القولي والفني رغم تعارضهما، دون أن يعرض لدفاع الطاعنين في هذا الشأن، ولم يدلل تدليلا كافيا وسائغا على توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين؛ ما يعيب الحكم، فالحكم عاقب الطاعنين بعقوبة جرائم القتل العمد والشروع فيه مع توافر الظرف المشدد وإعمال أثره في حقهم مسؤولية وعقابا، دون أن يورد ما يكفي في توافره في جانبهم.
وأكدت النقض أن محكمة الجنايات أصدرت حكمها على فريق من المتهمين دون حضور محام معهم ولم تنتدب محاميا للدفاع عنهم، كما أنها لم تمهل المحامين الحاضرين في الجلسات مع فريق آخر من المتهمين بعض الوقت للدفاع عنهم، بعلة سير الدفاع في اتجاه واحد ومكرر، إضافة إلى أن الدفاع عن فريق ثالث من المتهمين كان دفاعا شكليا.
وأضافت أن القانون أوجب حضور محامٍ يدافع عن كل متهم بجناية أحيلت إلى محكمة الجنايات ليكفل له دفاعا حقيقيا لا مجرد دفاع، كما أن القانون يوجب سماع الدفاع كاملا ثم بعد ذلك يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه فيه لاحتمال أن يجيء هذا الدفاع بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى.
وكشفت الحيثيات أن حكم الإدانة لم يعول في إدانتهم إلا على ما أسفرت عنه تحريات الشرطة، رغم أنه طرحها بالنسبة لمتهمين آخرين قضي ببراءتهما، فكانت إدانتهم المتهمين وبراءة آخرين تحمل معنى التناقض في الحكم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يبطله.