تواجه مصر أزمة مع 3 دول كبريات في مقدمتها أميركا بسبب سياسة الأولى تجاه انتهاكات حقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن بيان البرلمان الأوروبي الأخير أثار قلق النظام المصري، حيث أوصت دول الاتحاد الأوروبي بوقف المساعدات عن مصر بسبب عمليات القمع والتعذيب التي تشهدها مصر والتي تكللت بمقتل الباحث الإيطالي “جوليو ريجيني”.
سجال مصري أميركي
دخلت مصر في سجال مع ممثلة الولايات المتخدة الأميركية بالأمم المتحدة سامنثا باور التي وصفت امتناع مصر عن التصويت على المقترح الأميركي بشأن “ترحيل المتورطين من قوات حفظ السلام حال الاشتباه بارتكابهم جرائم انتهاكات جنسية”، بـ”المحزن”، وذلك عبر تغريدة لها على “تويتر”.
وعلق عليه السفير أحمد أبوزيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، بتغريدة أخرى قال فيها: “ما هو محزن أن تمرر ممثلة دائمة بمجلس الأمن قرارًا للشهرة والتطلعات الشخصية”.
كما ردت السفيرة الأميركية قائلة في تغريدة لها أيضًا عبر تويتر: “الأمم المتحدة تصوت على قرار ضد الانتهاكات الجنسية من قبل قوات حفظ السلام، 14-0، العار على مصر التي امتنعت”.
ونصت شروط المقترح الأميركي، بتفعيل القرار حال توافر أي منها، ما يستوجب ترحيل الوحدات المتورطة، “إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الدولة التي تتبع لها الوحدة المتهمة للتحقيق في تلك الاتهامات، أو إذا لم يتعرض الجناة للمساءلة، أو إذا فشلت الدول المسؤولة عن الوحدات المتهمة في إعلام الأمين العام للأمم المتحدة بتطورات التحقيقات أو الإجراءات المتخذة”.
ويقضي المقترح الأمريكي بـ”ترحيل أي وحدة من قوات حفظ السلام من البلد التي تخدم فيها، حال الاشتباه في قيام أحد أفرادها أو أكثر بارتكاب انتهاكات جنسية، إضافة إلى استبعاد تام لقوات الدول التي لا تتخذ إجراءات ضد جنودها المتهمين من المشاركة في مهام حفظ السلام”.
ورأت مصر أن القرار “سينتج عنه عقوبة جماعية على جرائم فردية”، لتطرح تعديلًا على القرار في اللحظات الأخيرة قبل التصويت، ينص على “اشتراط توافر الثلاث شروط معًا ليتم أخذ القرار بترحيل الوحدات”.
ولم تتوافق إلا 4 دول مع التعديل المصري، هي روسيا والصين وأنجولا وفنزويلا، ليتم تمرير المقترح ويصبح قرارًا صادرًا من مجلس الأمن.
نتائج التصويت أتت بموافقة 14 دولة من الـ15 الأعضاء على القرار، ومن بينهم الدول التي كانت تساند مصر في تعديلها، وفقط مصر وقفت وحيدة في مواجهة القرار وامتنعت عن التصويت.
وعلقت السفيرة الأمريكية على الموقف المصري، داخل مجلس الأمن، قائلة: “أحب أن أرد على المداخلة المصرية، تم اتهامنا (بأدب) بأن لدينا دوافع شخصية، أنا أعترف أن لدي دافع شخصي، دافعي الشخصي، هو أن نفعل حقيقة شيئًا تجاه سرطان، سرطان الانتهاكات الجنسية ضد الناس التي تثق بعلم الأمم المتحدة، هم يرون أحد قوات حفظ السلام قادمًا تجاههم يفكرون أنه شخص سوف يساعدهم لا يفكرون في أن عليهم الركض هذا شخص سيغتصبني، هذا ليس ما يفكرون فيه وليس ما يجب عليهم أن يفكروا فيه أبدًا، لكن هذا ما سيفكرون به، وبعضهم يفكر في ذلك بالفعل، لأن ليس هناك حساب للجرائم التي ترتكب بحجم ما تبدو عليه المشكلة، إذن هذا هو دافعي الشخصي، قاضوني”.
بريطانيا تعبر عن قلقها من التعذيب
أعربت بريطانيا عن قلقها الشديد من الاعتقالات والتعذيب وأوضاع المجتمع المدني في مصر.
ونشر “جون كاسن”، السفير البريطاني لدى القاهرة من خلال تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي بموقع التغريدات القصيرة “تويتر” تصريح بريطانيا في الأمم المتحدة، والذي يعبر عن “القلق الشديد، من الاعتقالات والتعذيب في مصر وأوضاع المجتمع المدني”.
إيطاليا تقود البرلمان الأوروبي
وبرعاية إيطالية أدان البرلمان الأوروبي بشدة ما وصفه بالتعذيب والاغتيال تحت ظروف مريبة للشاب الإيطالي جوليو ريجيني البالغ من العمر 28 عاما، والذي عثر عليه مقتولا على جانب أحد الطرق في 3 فبراير الماضي، مطالبا بوقف المساعدات لمصر.
وقال البرلمان في قرار له، الخميس الماضي، عقب جلسته الطارئة في مقره بستراسبورغ، إن جثة ريجيني وضحت عليها علامات الضرب الشديد و”العنف غير المقبول”، وأن نتائج الفحص الطبي والتشريحي للجثة، والتي أجريت بواسطة السلطات المصرية والإيطالية لم يتم إعلانها بعد.
كما دعا البرلمان الأوروبي الحكومة المصرية إلى إلغاء قانون التظاهر الذي وصفه بالقمعي، داعيا إياها إلى إلغاء الحظر المفروض على حركة 6 أبريل، ووقف حظر السفر المقرر على بعض النشطاء الحقوقيين، وإلغاء قانون مكافحة الإرهاب، وقانون الكيانات الإرهابية، وكذلك قانون الجمعيات.
وأعرب البرلمان عن استيائه من اتفاقيات التعاون الأمني المتواصل، وبيع الأسلحة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمصر، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى تبني قائمة إصلاحات، تكون بمثابة عناصر يمكن على أساسها تحديد مستقبل ومصير العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر.
ووصل المدعي العام الإيطالي إلى القاهرة أمس للوقوف على نتائج تحقيقات النيابة في واقعة مقتل ريجيني، وسبق وأرسل فريق تحقيق لمتابعة القضية.
أزمة كبرى
وقال نجاد البرعي، الناشط الحقوقي، إن الغرب وضع مصر في كماشة “انتهاكات حقوق الإنسان” والسلطات المصرية للأسف في وضع محرج خاصة بعد قرار البرلمان الأوروبي، كما أن المراهنة الآن على النظام الأمريكي القادم ورئيسه الجديد، بعدما ظهر الشد والجذب بين البلدين الفترة الماضية.
وأضاف البرعي، في تصريح لـ”رصد”: “على مصر أن تصحح المسار وتبدأ في اتخاذ خطوات جدية في مجال حقوق الإنسان، والإفراج عن المعتقلين في قضايا خرق قانون التظاهر الذي منع وجرم التظاهر في مصر بعد ثورتين متتاليتين”، مؤكدًا أن هناك العديد من الأطراف الدولية تضغط على مصر تحت ذريعة “انتهاكات حقوق الإنسان” خاصة بعد واقعة مقتل الشاب الإيطالي “ريجيني”.