أكد الكاتب الصحفي عماد الدين حسين أن هناك ما يشبه الإجماع بين غالبية خبراء الاقتصاد على ضرورة وقف مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، لخطره الداهم على ما تبقى من سيولة نحتاجها لمشروعات ذات أولوية عاجلة.
وقال “حسين” في مقال له نشر بصحيفة “الشروق” تحت عنوان “حان وقت تجميد العاصمة الإدارية الجديدة”: “كنت أحد المتحمسين لهذا المشروع لحظة إعلانه قبل نحو عام بالضبط فى ١٥ مارس ٢٠١٥ في اليوم التالي لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي العالمي، في هذا اليوم كنت حاضرًا لحظة إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي ورئيس مجلس الوزراء في الإمارات عن المشروع، وإزاحة الستار عن الماكيت الأساسي له، بحضور رجل الأعمال الإماراتي الكبير محمد العبار، الذي قال وقتها إن مجموعة شركات تقودها شركته هي التي ستتولى تنفيذ المشروع”.
وأضاف: “تحمسي وآخرين للفكرة وقتها كان سببه الواضح أن الشركة الإماراتية أعلنت أنها ستضخ ٤٥ مليار دولار في المشروع، وبالتالي سوف يستفيد الاقتصاد المصري بصورة مثالية، لكن وبعد أسابيع اكتشفنا أن الشركة الإماراتية تريد أن تقترض من البنوك المصرية، وهو ما يعنى أنها كانت تريد أن تبيع لنا “الترماي” حرفيًا، حصل ما حصل ونشأت خلافات كثيرة حول الشروط والتفاصيل، وتم فض الشراكة مثلما حدث فى مشروع شركة “أرابتك” التى فاجأتنا بأنها تريد أموالًا مصرية أيضا لبناء المليون وحدة سكنية التى تم الإعلان عنها قبل ترشح الرئيس عبدالفتاح السيسى مباشرة، التطور الذى حدث لاحقًا بعد انسحاب الجانب الإماراتى هو دخول شركة صينية، لتنفيذ جزء بسيط من مشروع العاصمة الإدارية”.
وتابع “حسين” مقاله بقوله : “الآن نحن نعانى أزمة اقتصادية خانقة، شعارها الأساسى هو نقص العملة الصعبة، بعد تراجع السياحة وانخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات العاملين المصريين فى الخارج، بفعل الأزمة المالية العالمية والاضطرابات العنيفة التى تهز المنطقة العربية، السؤال الجوهرى هو: “هل فى ظل كل هذا يكون من المنطقى الاستمرار فى مشروع العاصمة الإدارية؟!”.
وقال “حسين” أنه وجه سؤاله هذا إلى العديد من خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال والسياسة، مشيرًا إلى أن إجابتهم الثابتة هى “لا”، وأضاف : “وجهة نظرهم باختصار أن المعطيات الآن تغيرت تمامًا عن لحظة الإعلان عن المشروع، وحتى إذا كان الهدف هو تنشيط السوق فان الحكومة المصرية تنفذ العديد من المشروعات العملاقة مثل شبكة الطرق القومية واستصلاح مليون ونصف فدان، وبالتالى فان ذلك كفيل بتنشيط قطاع المقاولات وتوظيف العمالة بصورة مرضية جدًا، بل إن هناك نقصًا فى العديد من المواد الخام اللازمة لهذين المشروعين، أحد الخبراء قال لى إن تنفيذ العاصمة الإدارية فى هذا التوقيت الصعب هو انتحار اقتصادى مكتمل الأركان”.
واختتم مقاله قائلًا : ” لو أكرمنا الله بمستثمرين أجانب، فليتهم يضخون دولاراتهم فى مشروعات توفر سلعًا أساسية أو تصديرية توظف عمالة كثيفة وتولد فرص عمل أخرى، بدلًا من مشروعات لن نشعر بها إلا بعد سنوات طويلة مثل العاصمة الإدارية، ليس عيبًا أن نتراجع عن شىء نكتشف أنه خطأ أو أن هذا ليس وقته، العيب أن نصر عليه”.