كتب عطية عدلان، الباحث والكاتب في السياسة الشرعية، مقالًا نشر له في عدة مواقع، تحت عنوان “جماعة الإخوان المسلمين بين الوفاق والافتراق”، بشأن الأزمة بين صفوف جماعة الإخوان المسلمين.
واستهل “عدلان” مقالته بقول الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة”، مؤكدًا أنه من هذه القاعدة الراسية يتحرك الحريصون على خير الأمّة في الإصلاح بين طرفي النزاع داخل جماعة الإخوان المسلمين في مصر؛ بغية الوصول إلى حالة من الوفاق.
ثم أشار بعد ذلك إلى دور التحالف الوطني لدعم الشرعية في محاولة الوصول إلى حلّ للمشكلة ينهي الأزمة بين أطرافها، مؤكدًا نجاحه نجاحًا كبيرًا في الحفاظ على الخطوة التي خطاها، والتي حيل بينه وبين البناء عليها، وثمرة هذه الخطوة تتمثل في كونها تُوفِّر على الساعين كلفة البدء من (أول السطر).
وأكد على ضروروة اللجوء إلى التحكيم الآتي: أولًا: إذا كان التشبث باللوائح والمؤسسات سيؤدي إلى ضرب الجماعة وقسمها إلى جماعتين متصارعتين، تستعين كل واحدة على الأخرى بكل ما حل وحرم، وتصبح سيوف أبناء البنا وألسنتهم مغمودة عن الباطل وأهله مسلولة على الحق وأهله؛ فليتعارض معها التحكيم، ولتذهب هي إلى الجحيم، فما هي بالكتاب ولا السنة حتى يكون الاعتصام بها عاصمًا من الضلالة أبد الدهر.
ثانيًا: أن تحكيم العلماء يعني تحكيم الشريعة، وهي حاكمة على اللوائح لا محكومة بها، ورقيبة على المؤسسات لا واقعة تحت رقابتها، وما أقيمت المؤسسات ولا وضعت اللوائح إلا لخدمتها وإعمال أحكامها وتحقيق سيادتها، وقد أوجب الله تعالى طاعة أولي الأمر، وهم -عند شغور الزمان من السلطان الشرعي- علماء الأمة الربانيون.
ثالثًا: وما الضير على المؤسسات إن كانت قائمة بشكل يوجب الاحترام والالتزام، ويحقق مصالح أهل الإسلام، وما الضير كذلك على اللوائح إن لم يكن بها عوج أو جمود يعوق تحقيق مراد الشارع من العمل الجماعي الذي تقوم به الجماعة؟ ما الضير إذا جرى التحكيم مع وجودهما؟ أليس من الواجب على لجنة التحكيم -بموجب العدل ومقاصد الشرع- أن تحكم بردّ الأمر إلى أهله إذا تبين لها أن طالبي التحكيم والراضين به ليسوا سوى شرذمة متربصة شاردة الفكر تريد تفريق الصف وإثارة الفتنة وتفويت فرص النصر؟!
رابعًا: وإذا كانت التجربة التاريخية والواقعية تكشف عن خلاصة موضوعية، مفادها أن الأحداث الكبيرة زلازل تهشم وتحطم، فلا يثبت أمامها بناء مهما كان شامخًا، ولا يصمد لها عماد مهما كان راسخًا، مما يضطر الدول أحيانًا لأن تجلس على (الطاولة) طارحة خلف ظهرها سوابقها التشريعية والقيمية؛ فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نعرض عن الفرصة السانحة للجماعة؛ لتستعيد وحدتها وقوتها؛ بمرونة ولياقة ولباقة، تستجيب للهزة الكبرى التي تصاحب موجة التغيير العظمى التي تنتاب الأرض كلها اليوم، والتي نراها تهيئ المسرح لميلاد الحضارة الإسلامية الرشيدة التي سوف تبتلع كل الحضارات كابتلاع عصا موسى لكل ما صنعه السحرة؟!
خامسًا: ليس من حق الجماعة اليوم أن تستعلي على المحاسبة ولا أن تستعصي على التقويم؛ إذ لم تعد تنظيمًا خاصًا، يحتكر تقرير مصيره صفوة من الرجال الذين حازوا ثقة أعضائها، بل لم يعد من حق أحد من قياداتها -كائنًا ما كان موقعه فيها- أن يغلق بابها مدعيًا خصوصية شأنها، اللهم إلا ما كان من قبيل التراتيب الإدارية التي تخص المسؤولين عن تسيير أعمالها.
واختتم مقالته قائلًا: “هذه هي المبررات التي أراها تدعم موقف التحالف ورؤيته، وكاتب هذه السطور لم يستأذن التحالف في كتابتها؛ إذ هي من قبيل التحليل المبني على أخبار تم تسريبها بغير فعل منه، وهو متحمل مسؤوليتها وحده، ونسأل الله القبول والتوفيق والسداد”.