يبدو أن الشخص الذي سيتولى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، والذي سيخلف نبيل العربي، سوف يشهد الكثير من الجدل بين أعضاء الجامعة خلال الأيام القادمة، وحتى حسم الأمر الخميس المقبل في اجتماع وزراء الخارجية.
ومن المتوقع أن يحسم الاجتماع المنصب لصالح مرشح بعينه حيث يوجد ما يشبه الانقسام بين كتلتين داخل الجامعة كتلة تمثلها مصر ومعها الإمارات وليبيا وعددًا من الدول الأخري وكتلة أخري برئاسة السعودية ومعها السودان والجزائر وقطر فالفريق الأول يدعم وجهة النظر القائلة بابقاء المنصب قاصرًا علي دولة المقر وهو ما تم تفعيله منذ نشأة الجامعة حتي الآن وبذلك ظل منصب الأمين العام مصريًا منذ نشأة الجامعة حتي الآن وحتى الاستثناء الوحيد عندما تولي التونسي الشاذلي القليبي تم عندما نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس كان إقرار لمبدأ أن يكون منصب الأمين من دولة المقر .
مطالبات بتناوب المنصب
وعلي الطرف الآخر تري كتلة السعودية ومن معها أن يتم تناوب المنصب بين أعضاء الجامعة وألا يظل قاصرًا علي دولة المقر وهو ما طالبت به الجزائر من قبل وتحديدًا عام 2005 وكذلك قطر التي قامت بترشيح وزير خارجيتها في 2011، عندما أعلن عن ترشيح مصطفي الفقي لمنصب الأمين العام، ودخلت السعودية والسودان علي الخط حيث كانت هناك توقعات بترشيح المملكة لسفيرها في القاهرة أحمد القطان.
وكانت القاهرة قد أعلنت مرشحها وهو أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الأسبق في عهد مبارك، ومن جانبه أعلن المستشار “أحمد أبو زيد”، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أن عبد الفتاح السيسي تقدم بمرشح مصري ذي ثقل وخبرة دبلوماسية كبيرة إلى الملوك والرؤساء والقادة العرب لشغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفًا للدكتور “نبيل العربي”.
وأضاف “أبو زيد”، أن مشاورات رفيعة المستوى تجرى حاليًا للحصول على الدعم العربي للمرشح المصري، وذلك تعقيبًا على إعلان الدكتور “نبيل العربي”، عن عدم اعتزامه الترشح لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية من جديد.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية، أنه يعرب عن أمله أن يحظى الترشيح المصري بالدعم العربي المطلوب، تمهيدًا لاستكمال الجامعة العربية مسيراتها نحو تحقيق التضامن العربي المنشود وحماية الأمن القومي العربي في مواجهة التحديات الكبيرة القائمة.
لكن مصادر دبلوماسية عربية أكدت أن مصر بدأت علي الفور في مفاوضات مع عدد من الدول العربية حول من سيحل محل الأمين العام لجامعة الدول العربية “نبيل العربي”، وطرحت اسم المرشح الجديد وهو وزير الخارجية الأسبق “أحمد أبو الغيط”.
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية، لم تشأ ذكر اسمها، ألمحت لأن مصر رشحت “أحمد أبو الغيط” لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية، في رسائل وجهت إلى وزراء الخارجية العرب.
“القطان”.. من أقوى الترشيحات
وفي المقابل كشفت مصادر عربية أن هناك تنسيقًا خليجيًا مغاربيًا لترشيح مرشح عربي لا مصريًا لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأن أقوى الترشيحات السفير السعودي في مصر “أحمد عبد العزيز القطان “.
ويتردد أن هناك اتصالات بين السفير السعودي في مصر “أحمد قطان” والسفير الجزائري في القاهرة “نذير العرباوي”، للتنسيق من أجل فتح ملف دورية تولى منصب أمين عام جامعة الدول العربية مرة أخرى، وعدم قصره على مصر، على اعتبار أن الجزائر كانت صاحبة هذا الطرح قبل دورة الجامعة الماضية.
و من جانبها تطالب الجزائر في كل مرة يتجدد فيها الحديث عن تعيين أمين عام جديد بأن يتم التناوب على المنصب، وفق فلسفة “دورية تولى المنصب”، وسبق لقطر أن طرحت اسم مرشحها “عبد الرحمن العطية” للمنصب قبل تولي العربي.
وسوف يتم التصويت على المرشح للمنصب في ظل توتر العلاقات المصرية السعودية، حيث تشير مصادر دبلوماسية في القاهرة إلى أن العلاقات المصرية السعودية ليست في أحسن أحوالها، ما قد يعرقل أو يؤجل منح القاهرة تعيين أمين عام مصري للجامعة، على الرغم من تأكيدات المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد بأن العلاقات بين القاهرة والرياض جيدة وأن زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة مازالت في موعدها المقرر خلال أسابيع.
وتقول المصادر إن التوتر الخفي في العلاقات بين مصر والسعودية يرجع بالأساس إلى امتناع القاهرة عن دعم السعودية عسكريا في حربها باليمن، وفي تشكيل قوة برية إسلامية لمواجهة داعش في سورية، والاكتفاء بإعلان استعداد مصر للمواجهة العسكرية فقط “ضد من يعتدي على الدول الخليجية”.
ويتداول دبلوماسيون عرب احتمال أن ترشح السعودية سفيرها في القاهرة أحمد قطان ليصبح أول أمين عام للجامعة العربية غير مصري في القاهرة، حيث كان الشاذلي القليبي – التونسي الجنسية – هو الوحيد الذي شغل هذا المنصب من غير المصريين حينما انتقل مقر الجامعة مؤقتا إلى تونس عقب توقيع مصر اتفاقية سلام منفردة مع إسرائيل عام 1979، وقطعت معظم الدول العربية علاقتها مع القاهرة آنذاك
وهناك توقعات لعدد من المحللين تقول بان احتمالين لاجتماع الخميس القادم اذا لم يتم التوافق علي المرشح المصري احمد ابو الغيط اما تاجيل الاجتماع الي ابريل القادم وهو الموعد المقترح للقمة العربية القادمة او المد سنة اخري للامين العام الحالي نبيل العربي حتي يكون هناك مزيد من الوقت للتوافق على مرشح بعينه
صراع بين كتلتين
وتعليقًا علي هذا الموضوع يقول السفير عبد الله الأشعل، في تصريحات خاصة لـ”رصد”، أن هناك شواهد كثيرة علي إمكانية عدم التوافق على المرشح المصري احمد ابو الغيط منها ان ابو الغيط معروف بأنه وزير التطبيع مع اسرائيل والصورة العالقة بأذهان الكثيرين من خلال الصورة الشهيرة له مع وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيفيني ليفني وحرب غزة التي اعقبت اجتماعه بها بالقاهرة فضلا عن تصريحات ابو الغيط ضد اهل غزة من انه من يدخل الاراضي المصرية “سيكسر رجله”، والسبب الآخر، بحسب “الأشعل”، ان مصر باتت الان كالرجل المريض ولم تعد مصر القائدة والرائدة حيث اختفي دورها وتاثيرها وهناك لاعبين جدد في المنطقة علي راسهم السعودية وبالتالي تري الدول الاعضاء بالجامعة انه لم يعد بالضرورة الان ان يكون الامين العام مصريا.
ويضيف “الأشعل”: “يبدو ان هناك صراعا خفيا بين كتلتين داخل الجامعة كتلة بقيادة السعودية وكتلة أخرى بقيادة مصر وفي حال رفضت السعودية أعتقد الامر سيكون بالغ الصعوبة علي مصر وحتى لو السعودية تغاضت ورفضت السودان ابو الغيط من الممكن ان يصطف خلف السودان عدد من الدول الاخر رافضة للتطبيع مثل الجزائر وقطر وتونس والعراق ولبنان وبالتالي نكون امام انقسام حقيقي سببه ترشح ابو الغيط واذا ما استمر الامر هكذا سيكون امام المجتمعين خيارين اما تاجيل التصويت علي المرشح الي ابريل القادم وهو موعد مقترح للقمة العربية القادمة او المد لنبيل العربي عام اخر حتي يتم التوافق علي مرشح للمنصب”
عُرْفٌ وليس قانونًا
ويؤيد السفير إبراهيم يسري، في تصريحات خاصة لـ”رصد”، ما ذهب اليه “الأشعل” من انه في حال رفض السعودية لابو الغيط او على الاقل تحفظت فسيصعب علي مصر تمرير ابو الغيط وهذا التحفظ ربما يكون مرده للخلافات الحالية بين مصر والسعودية في ملفات عربية مهمة مثل الوضع في اليمن وسوريا والعراق وهنا ستنحاز الكتلة الخليجية وعلي راسها قطر الي وجهة النظر السعودية فضلا عن انضمام دول اخري رافضة لابو الغيط بسبب موقفه من التطبيع وبذلك نكون امام انقسام حقيقي بسبب هذا الترشيح.
وأشار “يسري” إلى أنه من حق أي دولة عضو بالجامعة ان ترشح أمينا عاما لها لان لائحة الجامعة تجيز هذا وما يجري من منح المنصب لدولة المقر هو عرف وليس قانونًا، ومن هنا يمكن ان تتقدم بعض الدول بمرشح ليس للفوز ولكن للعرقلة وعدم تمكين ابو الغيط من الفوز او ترحيل الملف برمته الي اجتماع القمة القادم او البحث عن حلول اخري تطرحها القمة بحيث يتم الحفاظ والتوافق علي منصب الامين العام لان هناك دول ربما تتحفظ علي ابو الغيط ولكنها لا تريد خلافات عربية اعمق في هذه المرحلة ومن بين هذه الدول السعودية التي لا تريد الدخول في خلافات جانبية تشغلها عن القضية اليمنية والسعودية.
من جانبه، قال محمد المسفر أستاذ للعلوم السياسية بجامعة قطر، في تصريحات صحفية، إن المرشح المصري أبو الغيط سيلقى اعتراضاً من قبل بعض دول الخليج، مستبعداً أن يحظى بالحصول على هذا المنصب.
واستبعد “المسفر”، إقدام دول الخليج على ترشيح أحد يمثلهم لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية، لأنه سيكون عبئاً عليها، أكثر مما يكون عوناً لها، إذ إن دول الخليج تتستر خلف جامعة الدول العربية، في كثير من قضايا السلبية بالعالم العربي.