قال الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه “منذ أن خرج علينا رأس الدولة باكتشافه المذهل -وما أكثر اكتشافاته التي تصيب المرء بالذهول- وقرر أنه لا يوجد شيء اسمه “نظام” وإنما هناك “دولة”، والدولة تواجه خطر السقوط.. فبدلًا من أن يكون النظام السياسي خط دفاع عن الدولة، يسقط عند الضرورة السياسية لإنقاذ الدولة، تحولت الدولة لخط دفاع عن نظام السيسي الذي يحتمي بها، باعتبار أنه لا يوجد نظام ليتلقى الهجمات وإنما الموجود فقط هو الدولة!!”.
وأضاف -عبر منشوره عبر “فيس بوك” والذي يحمل عنوان “إسقاط الدولة بناءً على تعليمات السيسي”- “منذ ذلك الوقت والكل يهاجم الدولة، ولم يعد أحد يهاجم النظام؛ فمن “أخطاء الدولة” إلى “فشل الدولة”، ومن “الدولة الظالمة” إلى “الدولة العبيطة”، إلى آخر قائمة التعبيرات وقد طالت بأكثر مما تحتمل هيبة الدولة، وانحطت تعبيراتها بأكثر مما تحتمل كرامتها!”.
وتابع “حسني”: “كل تلك الاتهامات والإهانات التي صارت توجهها قوى الرفض في المجتمع للدولة لا للنظام، كان يمكن إعفاء الدولة منها لو تواضع رأس الدولة قليلًا وأدرك أنه أيضًا رأس النظام السياسي، وأن الأخطاء التي يرتكبها هي أخطاء النظام، وأن فشله سيكون فشلًا للنظام، وأن الظلم هو ظلم النظام، وأن العبط هو عبط النظام، وأن الشعب إذا قرر يومًا أن يسقط ما يرفضه فإنه مدعو لإسقاط النظام، لا لإسقاط الدولة التي يبدو أن رأس الدولة لم يعد يأبه كثيرًا بحقها في البقاء انحيازًا منه لجثة النظام!… أفكاره الشاذة عن عدم وجود شيء اسمه “النظام” جعل معارضة نظامه معارضة للدولة من شأنها أن تُسقِط الاعتبار عن من يمارس حق الرفض والمعارضة!”.
ويستطرد: “أفكار الرجل الشاذة هذه تتفق مع أفكار بعض الجماعات الشاردة التي تستريح لفكرة هدم الدولة، ولا يعنيها كثيرًا ما يحدث بعد ذلك للنظام، فهو في كل الأحوال هالك معها، لكنني أخشى أن تكون النخب السياسية خارج هذه الجماعات قد انساقت وراء الوهم نفسه، وتصورت أن معركتها هي مع الدولة لا مع النظام الفاسد الذي يديرها.. البعض يفعل ذلك بحسن نية على سبيل المجاز، أو باستيراد لا إرادي لمفاهيم القرون الوسطى التي كانت ترى الدولة بمعنى النظام السياسي في العصر الحديث”.
واختتم “حسني”: يجب أن نتفهم خطورة استقرار هذا المعنى السلبي في نفوس العامة، وأن يخرج العوام في يوم من الأيام ليهتف “الشعب يريد إسقاط الدولة”!!… فليلعب رأس الدولة لعبة الشيطان هذه -عن جهل أو عن خبث- كما يشاء، لكن من العار أن نجاريه فيها، فلا نعرف كيف نميز بين مفهوم “الدولة” ومفهوم “النظام”.