في أحد مراكز إعادة التأهيل بتركيا، على الجانب الآخر من الحدود السورية، يخضع بسام فروح للعلاج الطبيعي، وهو أحد مقاتلي المعارضة الذين قاتلوا ضد نظام الأسد لسنوات.
يتحدث فروح عن بداية الأحداث قائلاً: “لم تكن حربًا في البداية، لقد كانت ثورة ضد النظام، لقد كنا نحاول اتخاذ موقف ضد النظام، وهذا ما وصلنا إليه”.
ويقول فروح: “إن أجمل الأيام كانت أيام البداية، عندما بدأت الثورة ضد بشار الأسد عام (٢٠١١م)، قبل بدء الدول الأخرى في تمويل مجموعات بعينها في سوريا، وقبل ظهور تنظيم الدولة الإسلامية”.
لا تزال كتيبته تعتبر نفسها جزءًا من الجيش السوري الحر، لكنها الآن أضعف بكثير، فمدينته مارع تقاتل الآن على ثلاث جبهات “الدولة الإسلامية، والنظام السوري، والمسلحين الأكراد”، وجميعها أكثر تمويلاً وأفضل تنظيمًا من مجموعته من المقاتلين المحليين الذين يحاولون التشبث بأرضهم.
منذ الأيام الأولى للثورة، وقفت الولايات المتحدة إلى جانب المعارضة ضد الأسد، وسألته عن الدعم الذي تلقاه رجاله من أمريكا.
ويتابع فروح: “في الحقيقة، كان الأمريكيون يدعموننا، ولكن فقط من أجل المظاهر، لكن الأمر لا يتعلق بالدعم، فما كان على الأميركيين أن يفعلوه هو أن يتخذوا قرارا”.
التعاون الأميركي
ويعتقد فروح بأنه بالرغم مما يقوله المسؤولون، بأن أمريكا لم تكن تريد عزل الأسد من منصبه كرئيس لسوريا، وبفضل برامج الجيش الأميركي والاستخبارات الأميركية وتعاون أميركا مع بعض الدول العربية، تلقى الثوار بعض الأسلحة والتدريب، لكنها لم تكن كافية أبدا لإحداث توازن في القوى.
وكانت النتيجة أن تراجعت مجموعات مثل الجيش السوري الحر، لصالح مجموعات متطرفة مثل “تنظيم الدولة”، ولصالح قوات النظام السوري المدعومة من قبل روسيا وإيران، وتعتبر روسيا حليفًا قويًا للأسد، وقد راقب الثوار التعاون الأميركي الروسي بقلق.
يقول بسام حاج مصطفى، وهو ممثل لإحدى كتائب المعارضة: “أعتقد أن الأميركيين يبعثون برسالة للمرة الألف تفيد بأنهم لا يريدون أي شيء له علاقة بالوضع في منطقتنا أو بالناس هناك”.
وقد تزعمت الولايات المتحدة وروسيا جهودًا دولية للتوصل إلى وقف للأعمال العدائية في سوريا، الذي دخل حيز التنفيذ السبت الماضي.
وبالرغم من استمرار إطلاق النار في بعض المناطق فإن الصراع عمومًا قد خفت حدته بشكل كبير، ومن المفترض أن تبدأ المحادثات بين الفصائل السورية مرة أخرى الأسبوع المقبل، ولكن بعد سلسلة من الانتصارات التي حققها النظام السوري الشهر الماضي، فإن المعارضة سيكون موقفها ضعيفا جدًا.
يقول مصطفى: “إننا نشعر كثوار أننا في موقف سيئ جدًا، فالمجتمع الدولي يصورنا في صورة إرهابيين، وإسلاميين متطرفين”.
وفي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تقصف تنظيم الدولة الإسلامية منذ صيف (٢٠١٤م)، فإن كثيرين في واشنطن، يعتقدون أن المتطرفين يهيمنون على أرض المعركة في سوريا، وهناك مؤشرات ضئيلة على أن الولايات المتحدة سوف تكثف مساعداتها للثوار.
المتطرفون أكثر هيمنة
ويقول أحد قادة الثوار: “إنه يعتقد أن خطأ الثورة الأكبر هو أن المجموعات المتطرفة كانت دائمًا أكثر تنظيمًا من المعتدلين، وهذا يشمل تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على أجزاء كبيرة من شرق سوريا، بالإضافة إلى جبهة النصرة، والمجموعات التابعة للقاعدة شمال سوريا”.
لكن القادة والمواطنين العاديين يصرون على أنه لا يزال هناك رجال يقاتلون فقد من أجل حماية ديارهم من قوات الأسد، وما زالوا يتلقون الدعم من الولايات المتحدة وحلفائها.
ويتابع القائد: “في بلدة كيليس الحدودية التركية، أقابل رجلاً بسيطًا يُدعى عبدالمنعم محمد، وقد فر من منزله بعدما صعدت روسيا من غاراتها الجوية في وقت سابق هذا العام”.