اعتبر عدد من الكتاب والنشطاء السياسيين، أن ما وقع من صحفية “اليوم السابع” مع النجم العالمي، ليوناردو دي كابريو، فضيحة للصحفيين المصريين، ودليل على ضعف تأهيلهم، فيما اعتبرها البعض أن ما حدث فضيحة لمصر وأنه ثقافة عامة يعانيها الآلاف.
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعًا مصورًا لصحفية “اليوم السابع”، خلال مؤتمر صحفي بمهرجان الأوسكار، حينما سألت ليونادردو دي كابريو عن حصوله على أول جائزة أوسكار في حياته، فكان رده أنه لم يفهم السؤال وكرر سؤالها مرة أخرى، وسخر رواد مواقع التواصل من اللغة الإنجليزية التي تحدثت بها الصحفية؛ حيث إنها استخدمت كلمات غير مناسبة لصياغة للسؤال، كما سخروا من إجابة دي كابريو عليها.
فضحتونا
وسخر الصحفي بالتليفزيون الألماني، وليد الشيخ، قائلًا -عبر منشور له على “فيس بوك”-: “هي ناقصة فضايح عالمية لمصر حتى في الأوسكار، ومع مين.. ليوناردو #مسسسخرة”.
وعلق الدكتور حسام الديب، استشاري أمراض الروماتيزم، قائلًا: “ما شاء الله عرفت نفسها إنها أول صحفية مصرية تقوم بتغطية الأوسكار من موقع الحدث.. وسألت النجم عن الـ… (ولا حاجة) فاضحينا في كل مكان”.
تقصير وإهمال
أعرب المطرب محمد عطية، عن دهشته من أن تكون صحيفة “اليوم السابع”، بعد أن استطاعت المشاركة في حضور مهرجان الأوسكار، أن تخفق في اختيار صحفي مؤهل لتلك اللحظة، واصفًا ذلك بالتقصير والإهمال.
وقال “عطية” -في منشور له على “فيس بوك”-: “أنا ما عنديش مشكلة خالص مع الأكسينت بتاعة الصحفية المصرية اللي سألت ليوناردو دي كابريو في الأوسكار.. الإيطاليون والروس والإسبان وكل الدول عندها أكسينت.. مشاهير كتير ولاعيبة كورة معروفين بيتكلموا بأكسينت وده عادي إحنا بس اللي بنشوفها جريمة ومش فاهم ليه.. (طبعًا الأفضل إنك تكون متمكن من الأكسينت) بس ما علينا مش دي المشكلة خالص”.
وأضاف “عطية”، “أنا مشكلتي إن جريدة تكون متحملة نفقة وتكاليف سفر للأوسكار وقدرت توصل لأن يكون ليها ممثل هناك في أهم حدث سينمائي على وجه الأرض وتكون مش محضرة حد مخضرم يعرف يسأل سؤال ذو قيمة لنجم في حجم ليوناردو”.
وتابع: “مافيش حاجة اسمها رهبة اللحظة.. أومال إيه المؤهلات اللي ميزت الصحفية دي عن غيرها من الصحفيين لاختيارها للسفر لحدث كبير زي الأوسكار.. وفي حالة إنك وثقت في إمكانيات صحفي جديد كده يكون في تقصير من الصحفي إنه مش مجهز نفسه ولا محضر نفسه للحظة زي دي.. في الحالتين في تقصير وإهمال.
واقعة مع نجيب محفوظ
وبمناسبة واقعة صحفية “اليوم السابع”، حكى عمرو سمير عاطف، المؤلف وكاتب السيناريو، قصة حدثت له منذ 27 عامًا، وقال: “ذهبت لمقابلة الأديب نجيب محفوظ للمرة الأولى في حياتي، عقب حصوله على جائزة نوبل؛ وذلك لإجراء حوار معه لجريدة “الدمايطة”، التي كان يعمل بها حينما كان طالبًا”.
وأضاف -عبر منشور له على “فيس بوك”- “وأخدت ميعاد ورحت أقابله في قهوة علي بابا اللي في ميدان التحرير، فقالي معلش استنى عشان فيه ميعاد مع واحدة صحفية هاخلص واقعد معاك، وجت واحدة ست عرفت بعد كده إنها الصحفية، احنا كنا في الدور اللي فوق ومافيش أي حد قاعد غيرنا، فدخلت الصحفية وقربت مني وقالتلي هو نجيب محفوظ هنا ؟ فاستغربت وقلتلها اه قالتلي فين؟ قلتلها اهه وشاورت على الراجل اللي كان قاعد على بعد متر ونص تقريبا فقالتلي هو ده ؟ استغربت أكتر وأكدتلها إنه هو قامت داخله عليه وابتدت تسأل بعد السلامات والاعتذار عن التأخير”.
وأشار إلى أن نص الحوار كان كالتالي: الصحفية: “إحساسك إيه لما خدت نوبل؟، نجيب: الحمد لله اتبسطت، الصحفية: هو انت خدتها عن إيه؟، نجيب: عن روايات كتبتها، الصحفية: هي نوبل دي شكلها إيه؟ نجيب: شكلها جايزة يعني، الصحفية: أيوه يعني عاملة ازاي؟، نجيب: مدورة”.
وتابع: “ولاقيت نجيب محفوظ الصبور الأخلاق بيوجهلي نظرة فيها استغاثة زي ما يكون بيقولي انت برضه ها تسألني عن حاجات زي دي؟ فضحكت ومشيت الصحفية بعد كتير وماطولتش على الراجل لإني كنت مكسوفلها سلفي”.
وختم: “يا جدعان أرجوكوا اعرفوا أي حاجة عن البني آدم اللي انتوا رايحين تسألوه العالم النهارده بقي صغير قوي كفاية فضايح”.
فضيحة دولة كابحة للمعنى
ويعلق حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بقوله: “المسؤولية على النظام العام والثقافة التي نعيش فيها.. الحقيقة هي أن هذه الصحفية ما هي إلا ضحية مثل ملايين الضحايا في بلادنا نشأوا و”ترعرعوا” في ظل نظام عام كابح للمعنى”، مشيرًا إلى أنه لا يشارك البعض سخريتهم من الصحفية ووصف ما فعلته بالفضيحة.
وأوضح -عبر منشور له على “فيس بوك”- “السؤال الذي وجهته الصحفية المصرية للنجم السينمائي -الذي لا أرى سببًا للهجوم عليه بدوره- هو وليد ثقافة هذه الدولة التي لا ترى أن المواطن لا يكون صالحًا إلا إذا وجه مثل هذه الأسئلة السطحية التي تستدعي إجابات لا تقول ولا تضيف شيئًا لمنظومة المعنى!”.
وأضاف “حسني”، “انظروا لأحاديث ساستنا وإعلاميينا ومؤسساتنا الدينية.. انظروا لمناهجنا التعليمية وكيف يتدرب العقل المصري على التفكير، أو -بالأحرى- على اللا تفكير، لتوقنوا بأن الفضيحة ليست فضيحة صحفية نشأت و”ترعرعت” كمواطنة “صالحة” تتعامل مع مناخنا المعرفي الموبوء، وإنما الفضيحة في انكشافنا كمجتمع ظل لفترات طويلة -وما زال- مستسلمًا لأنظمة تضطهد المعنى، وتضطهد مع المعنى كل العقول التي تبحث عنه باعتبارها عقولًا مريضة مطلوب من أصحابها إما أن يصلحوها على مقاس عقل وثقافة النظام أو أن “يسكتوا”!.
وأكمل “حسني”: “بدلًا من جلد الصحفية على مواقع التواصل الاجتماعي، كان على مواطني دولة تجرم البحث عن المعنى، وتحكم بالسجن على من يبحثون عنه، بل تطلب من مواطنيها أن يبدءوا طريق إعادة بناء بلادهم بألا يستمعوا لأحد غير الرئيس، أن يسألوا أنفسهم: ماذا لو كان الرئيس نفسه هو من توجه بسؤال لحائز الأوسكار؟ ماذا -بربكم- سيكون عمق السؤال الذي يطرحه؟! وما هو المعنى الذي كان سيبحث عنه من طرحه لهذا السؤال؟!!”.