سلط تقرير لوكالة “رويترز” للأنباء الضوء على القمع الشديد الذي يتعرض له الباحثون في مصر بما في ذلك الباحثون الأجانب فيما اعتبره البعض آخر المحرمات التي كان من المستبعد أن يرتكبها النظام المصري لكنه فعلها.

“عندما طلب طالب تاريخ هولندي هذ الشهر من البروفيسور “باسكال غازله”، أستاذ التاريخ بالجامعة الأميركية بالقاهرة أن يقوم بإرسال مجموعة من الطلاب إلى مصر، كان رده “لا” قوية،  قائلا: “لا أعتقد أننا يجب ان نقوم بذلك لأنه بجانب كل الفهم الخاطئ الذي قد يحدث فإن المضايقات المصاحبة للفترة الدراسية تتطور إلى  التعذيب والقتل”.

هكذا بدأت وكالة رويتر للأنباء تقريرها عن قمع الحريات الأكاديمية في مصر في ضوء مقتل الطالب الإيطالي “جوليو ريجيني” الذي كان يجري بحثاً عن النقابات العمالية في مصر، حيث قالت “رويترز” في تقريرها إن الدارسين في مصر يؤكدون على أنهم يعملون تحت تهديد الترحيل أو القبض عليهم، لكن وفاة “ريجيني” المروعة زادت من المخاوف من أن السعي إلى المعرفة قد يقع فريسة اعتداء الحريات الأشد قسوة في تاريخ مصر الحديث.

وتقول المنظمات الحقوقية أن مقتل “ريجيني” يحمل بصمات قوات الأمن المصرية، وهو الاتهام الذي ترفضه مصر، فيما يشير الباحثون داخل وخارج مصر إلى تاريخ من المضايقات للطلاب الدارسين للنشاط العمالي في البلاد إذ خضعوا لاستجواب في حضور أحد الضباط.

ولفت التقرير إلى أن النوبات المتكررة للإضطرابات العمالية ساعدت في إشعال مطالب التغيير التي سبقت انتفاضة 2011  التي أعطت النقابات العمالية فرصة للحياة.

وتقول “إيمي أوستن” المدرس المساعد لعلم الإجتماع بالجامعة الأميركية: “أعرف العديد من الباجثين الذين عملوا في مواضيع دراسة مشابهة لموضوع بحث “ريجيني” ألقي القبض عليهم، وأجبروا على الرحيل”، بحسب التقرير.

وأشار التقرير إلى التحذير الشديد الذي أصدرته رابطة “دراسات الشرق الأوسط” لأعضائها البالغ عددهم 2700 أكاديمي الذي قالت فيه: “نعتقد أن مقتل “ريجيني” سبب للقلق العميق فيما يتعلق بقدرة أي شخص على القيام بأبحاثه بأمان”، كما أصدرت الجامعة الأميركية حيث كان يعمل “ريجيني” كأستاذ زائر بيانا طالبت فيه بحماية حقها في العمل بحرية وأمان، وخلال وقفة داخل الجامعة الأميركية في القاهرة علق الطلاب لافتة كبيرة مكتوب عليها “مقتل ريجيني ليس الحادث الوحيد والجامعة لن تحميك”.

ويشير “غازله”، بروفيسور التاريخ بالجامعة الأميركية في القاهرة إلى أجواء منع الباحثين بقوله: “الآن يجب أن تفحص قوات الأمن الباحثين والمؤرخين من أجل الحصول على إذن يمكنهم من الوصول إلى الأرشيف الوطني”.

ويضيف “غازله”: “التغير في قتل وتعذيب “ريجيني” هو أن آخر المحرمات قد ارتكبت”، مفسرا ذلك بقوله: “لم تعد الجامعة تحمي الباحث، ولم تعد العلاقات تحمي أيضاً ،والآن لم تعد الجنسية تحمي هي الأخرى”.