مما جعل موقعها الفريد يربط قوى وحضارات مختلفة كـ(الفرس والروس من الشمال الشرقي -والعرب، والكرد من الجنوب الشرقي -والروم من الغرب والجنوب الغربي ) مع أنها تعد مزيجاً من كل هؤلاء على أراضيها يسكنها الكرد، والترك، والعرب، والروم وحتى الفرس.
ويحدها من الجنوب جزيرة قبرص المتنازع عليها المنقسمة إلى دولتين واحدة في الشمال دولة قبرص الشمالية المعترف بها من تركيا ومن الجنوب قبرص اليونانية أو الرومية.
تعد تركيا في قلب الصراعات العالمية الجارية الآن وهي “البوابة “كما سأفصل القول.
نعلم جميعا أنه يوجد عداء مخفي وثأر قديم لدى دول أوروبا “إمبراطورية قيصر “منذ الأزل وبالتحديد منذ عهد الفتوحات الإسلامية التي توالت عليهم وكان من أثرها سقوط مدينة من أهم المدن لديهم وهي “القسطنطينية” عاصمة دولتهم البيزنطية -إسطنبول حالياً فهم في أمل دائم لاستردادها كما استردوا “الأندلس” ونحن هنا لسنا بصدد ذكر الأحداث التاريخية ولكن ذكرت شيئاً منه كي نتذكر الحقيقة التي يجب ان لا نغفل عنها والوقوف عليها.
ولكن وفي الوقت الحالي تحتاج أوروبا لدعم لتركيا في الفترة الحالية أشد من سابقه لعدة أمور منها
أن أوروبا تعتبر داعش “الدولة الإسلامية” خطراً محضا يهدد استقرارها فوجدت في تركيا حداً أو فاصلا يحول بينها وبينهم ويحمي أراضيها أو على الأقل الحد من تواجدهم على أراضيها او تدفقهم إليها هذا إذا اعتبرنا إن “الدولة الإسلامية لم تأتي لتكفير المسلمين ومعادتهم وانهم على حد فهمها اعتبروهم أشد عداء من غير المسلمين !!! وهذا ما يؤمنون به ويحاربون من إجله المسلمون
-الامر الأخر أن أوروبا مضطرة لدعم تركيا على الأقل في الوقت الحالي لعدم تدفق اللاجئين إلى أراضيها مما يزعجهم هذا الامر جداً وكان سببا في إقلاق راحتهم.
وأرى في هذا الخصوص أن تركيا تعمّدت تدفق اللاجئين إلى أوروبا ليس لأنها تنصلت من انسانيتها لا بل كي تُذيق الذين يتشدقون بالإنسانية وحقوق الانسان من نفس “الكوب” فيظهر معدنهم الخبيث، وضربت تركيا وكرم أهلها في ذلك أروع مثل في المساعدات الإنسانية وحقوق الانسان.
ولما تدفق اللاجئين بالآلاف الى أوروبا اجتمعت جميع دول أعضائها على الفور لبحث ما وقع بهم فبدأت تُغيّر من سياساتها تجاه تركيا وبدأت بدعم مادي محدود وفتحت بعض الفصول العالقة بين الجانبين في “الملف ” المعني بدخول تركيا كعضوة في الاتحاد الأوروبي ولكن بعد “جس النبض” بإلغاء التأشيرات في شهر أكتوبر 2016 لرعايا دولة تركيا كبداية وتعطي لنفسها الوقت الازم لتريب أوراق أولوياتها من جديد وكانت تتمنى ألا يحدث مثل هذا الأمر من قبل.
-روسيا “الدبة” تعاني حصار اقتصادي كبير من الدول الأوروبية وغيرها بسبب احتلالها “للقرم ” في أوكرانيا ولكن ماذا بعد فك هذه الأزمة؟ بالطبع تريد ان تصدر ما تتميز به “الغاز الطبيعي” الى السوق الأوروبية حتى يتعافى اقتصادها وأفضل طريق لذلك هو عن طريق مد خطوط الغاز عبر الأراضي التركية ثم إلى دول أوروبا فتعد تركيا بوابتها لتنفيذ هذه المشاريع.
-الامر الأخر وبعد أن قررت روسيا الدخول على خط النار في سوريا لحماية النظام على حساب الشعب السوري كان لزاماً عليها أن تسلك طريق البحر أو الجو أو البر كي تصل إلى سوريا.
ويعد الطريق البحري أهم الطرق لها ولكن وللأسف تركيا مكبلة باتفاقية تلزمها عبور السفن وحتى السفن الحربية ولا تستطيع ان توقف الناقلات الروسية حسب الاتفاقات الدولية إلا إذا كانت لهذه الدولة عداء مع تركيا وتهدد أراضيها.
جرى التوقيع على اتفاقية “مونترو” لتنظيم الملاحة وحركة العبور من المضائق التركية وحمايتها (البوسفور والدردنيل) في أوقات الحروب والسلام، وذلك في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1936، في سويسرا بمشاركة عدد من الدول أهمها الاتحاد السوفيتي وتركيا وفرنسا وبريطانيا وفرنسا واليابان، ولا تزال الاتفاقية سارية المفعول حتى الوقت الحاضر.
وتمنح اتفاقية مونترو، الحقوق الكاملة لتركيا في ممارسة سيادتها على المضائق، وإدارتها وإعادة تحصينها، وتعطي حرية المرور عبر مضائق البحر الأسود للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب، وتسمح بمرور السفن الحربية لدول حوض البحر الأسود بدون أي تحديد، أما السفن الحربية التابعة لدول من خارج حوض البحر الأسود، فقد سمحت بأن تكون سفنا خفيفة ومساعدة بحيث لا يزيد عدد المجموعة المارة عبر مضيق في آن واحد عن تسع سفن، وبحمولة إجمالية لا تتجاوز 15 ألف طن.
وتمنع الاتفاقية، مرور حاملات الطائرات عبر المضائق المعنية، ويسمح للغواصات بالمرور في المضائق شريطة أن تكون ظاهرة على السطح، وتمنح لتركيا الحق في منع مرور السفن الحربية بالكامل في المضائق، إذا كان مرورها يهدد أمن الدولة التركية.
مما أجبرها على اتخذت طريقاً أخر جوياً أخر
-تعد تركيا بوابة للشعوب العربية وملجأ للمضطهدين في بلادهم ومدافعة عن حقوقهم المسلوبة أو على الأقل ضمضمة لجراحهم ومواسية لمصائبهم فيجتمع فيها علماء الشرق والغرب من المسلمين لوضع خطط مسارتهم المستقبلية وكيفية التعامل مع الأوضاع السيئة في بلادهم.
-وهي خط الدفاع الأول للمسلمين من ناحية الغرب والتاريخ حافل بالوقائع
– وتعد أيضا بوابة من حيث كف جماح إيران عن التمدد في المنطقة العربية من هذا الاتجاه.
-فيرى حكام العرب “دول الخليج والمغرب العربي” في تركيا أن لها قوة لا يستهان بها فهذا يحتمل معنيان إما يسعون لاستنفاذ قواها بتوريطها في حروب حتى تضعف، وإما أنهم يرونها “الحصان الرابح” لأجل ذلك عدلت السعودية عن التعامل مع مصر بتركيا وليس ما يمنع ان من الدول الخليجية ما يريد استنساخ الوضع المصري في تركيا.
وبهذا تعد تركيا بوابة للجميع وهي الوحيدة المخولة بفتح بابها لمن تشاء وتغلقه في وجه من تشاء إذا اقتضى الامر في ظل استقلالية إدارتها وفي ظل حكماً عادلاً يحافظ على حقوق الجميع.