أكدت صحيفة “إيكونوميست” البريطانية، على ضروة عدم الثقة في التحقيقات التي تجريها الحكومة المصرية حول مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي “جوليو ريجيني”، في ضوء سياسة إفلات الشرطة من العقاب ونتائج التحقيقات في مقتل السياح المكسيكيين، وذلك في تقرير لها بعنوان “الشكوك تتجه إلى الأمن المصري بعد مقتل الشاب الإيطالي”.
وقالت الصحيفة -في التقرير- إنه “بعد اختفاء طالب “جامعة “كامبريدج” “جوليو ريجيني” في الخامس والعشرين من يناير، قام أحدهم بنزع أظافره، وأحرق جسده بالسجائر، وقام بضربه حتى الموت، ووجد جثمانه بعد تسعة أيام ملقى عاريًا على إحدى الطرق الصحراوية، ووصف الطب الشرعي الإيطالي ما حدث له بأنه “عنف غير آدمي””.
وذكرت الصحيفة أنه في اليوم الذي اختفى فيه “ريجيني” كانت القاهرة تمتلئ بالشرطة في محاولة للحكومة التي يقودها عبدالفتاح السيسي تفادي المصير السابق لحسني مبارك، مشيرة إلى السمعة السيئة لنظام عبدالفتاح السيسي الذي اكتسبت حكومته ناتجة عن وحشية الشرطة المتزايدة ، والتي تحوم الشكوك حولها في قيامها بدور في مقتل “ريجيني” الذي ربما أدت أبحاثه على الحركة العمالية في مصر والكتابة في صحيفة “مانيفستو” اليسارية إلى التواصل مع مجموعات تعتبرها الحكومة أعداء للدولة مثل جماعة الإخوان المسلمين.
وأشارت الصحيفة إلى ما ذكره ثلاثة ضباط شرطة مصريين لصحيفة “نيويورك تايمز” من أن الشرطة اعتقدت أنه جاسوس بحجة دراسته للنقابات العمالية في مصر، معقدة بقولها: “لكن بشكل علني كان للسلطات تفسير مختلف، ففي البداية ووفقًا للحكومة كانت الوفاة نتيجة حادث سيارة ثم عمل إجرامي مع رفض الإفصاح عن ما تضمنه تقرير التشريح الذي ذكر فيه وجود “علامات واضحة” للتعذيب”.
ولفتت الصحيفة إلى أن وحشية الشرطة كانت سببًا رئيسيًا في اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، إلا أنها في ظل حكم السيسي صارت أكثر وحشية، وفي الغالب تقوم الشرطة باعتقال المصريين وفق أدلة واهية، وفي البداية حدث ذلك مع الإسلاميين فقط، لكن يبدو الآن أن أي شخص يعارض النظام معرض لذلك، ويوجد عشرات الآلاف يقبعون في السجون؛ حيث يمارس بشكل والإكراه والتعذيب، والضرب على نطاق واسع، ويعتقل المئات بشكل سري، وماتت أعداد كبيرة في اماكن الاحتجاز.
واعتبرت الصحيفة أن الأحكام الأخيرة تلقي الضوء على سياسة عدم المحاسبة؛ إذ تمت تبرئة الضابط المتهم بقتل سيد بلال، وفي الوقت الذي اعتُقِد فيه أن العدالة تحققت بالحكم بالسجن 15 عامًا على الضابط قاتل شيماء الصباغ العام الماضي والتي انتشرت صورتها وهي تصارع الموت على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنه في الرابع عشر من فبراير ألغت محكمة النقض الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة.
ورأت الصحيفة ضروة عدم التعويل على الضغط الذي تمارسه الحكومة الإيطالية على الجانب المصري من أجل الكشف عن ملابسات الحادث؛ إذ انتهى التحقيق في مقتل السياح المكسيكيين بإلقاء اللائمة على شركة السياحة، ولم تنته الحكومة حتى الآن من التحقيقات في إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء.
وختمت الصحيفة تقريرها بقولها: “يبدو أن الحكومة المصرية تتلكأ في قضية “ريجيني” على الرغم من المشاركة الإيطالية في التحقيق، ورفض المحققون المصريون جمع الأدلة التي ربما تكشف غموض الحادث مثل كاميرات المراقبة بالقرب من مكان اختفائه، وذلك في الوقت الذي احتشدت وسائل الإعلام الرسمية حول الحكومة واتهمت الأجانب بالجاسوسية، فيما حمل أحد المتضامنين المصريين في الوقفة التضامنية خارج السفارة المصرية لافتة مكتوبًا عليها: “جوليو واحد مننا واتقتل زينا”.