“وصال” هي المولود البكر للروائي الواعد سلمان زكري، الذي يأمل من خلال روايته أن يكف الفكر عن الجفاء الذي أصابه بفعل التصحر الذي ابتلي به طيلة عقود، خال الكثيرون أن آثارها لن تمحى. لذلك كانت رواية “وصال” رسالة مشفرة أحيانا وصريحة أحيانا أخرى تدعو الجميع إلى تهجيها قبل قراءتها وإلى تأملها قبل نقدها.
رسالة لا تستثني أحدا من الفاعلين المباشرين وغير المباشرين في تقرير مصائر الشعوب والأمم وفق مخططات الغباء المبرمج. وهو ما يلمسه القارئ للرواية من حرص لدى المؤلف على أن ينأي بنفسه عن تقاليد المجاملة والمعاداة سواء في وصف الظالمين أو في وصف المظلومين.
“وصال” رواية تحكي واقع الشباب التونسي الحالم بالحرية والكرامة ككل شباب العالم. تجري أحداث الرواية في شوارع العاصمة التونسية وضواحيها عل خلفية ما شهدته جهات سيدي بوزيد والقصرين من أحداث دامية عقب إقدام محمد البوعزيزي على حرق نفسه. وهي تجربة تتحرك بين الواقع الفعلي والواقع الافتراضي في الداخل والخارج تأثيرا وتأثرا بالأصداء المنبعثة من أقبية السجون وعذابات المنافي. وفي غمرة هذه الأحداث تطفوا شبكة معقدة من العلاقات الاجتماعية والعاطفية بين شخصيات الرواية فتزيد القريب بعدا والبعيد قربا.
لذلك تبدو “وصال” بمثابة الشهادة الحية على تجربة الأمس القريب في تاريخ الشباب التونسي الذي صنع الحدث الاجتماعي والسياسي. حدث يجد تعبيره الفني في المنقلبات التي عايشتها شخصيات الرواية وهي تكافح ضد الفقر والتهميش وتناضل من أجل حرية حقيقية تجعل الإنسان يشعر أنه بحق إنسان.