قالت صحيفة “الرأي” الكويتية إن الكويت تجاوزت أزمة دبلوماسية كادت تؤثر سلبا في العلاقات بينها وبين دولة عربية كبرى بسبب اتهامات أجهزة الأمن في تلك الدولة لسفير الكويت لديها برشوة موظف يعمل في إحدى أرفع الهيئات القيادية من أجل تزويده بأخبار ونشاطات الجهة التي يعمل فيها.
وتمكن نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد من نزع فتيل الأزمة بإدارته المباشرة للملف مع أرفع إدارات الأمن في الدولة العربية، بحسب الصحيفة.
وأوضحت مصادر أن “مسؤولا كبيرا في مخابرات تلك الدولة زار الكويت لساعات والتقى الخالد، وأعرب عن ارتياحه لما سمعه منه، خصوصا بعدما تبين أن القضية فردية ولا تعكس على الإطلاق موقف الكويت لا من قريب ولا من بعيد، إضافة إلى تأكيد الخالد له الحرص على افضل العلاقات وما يستتبع ذلك من إجراءات، وتأكيده أن التحقيق سيستمر ولن يتوقف حتى تتضح كل ملابسات القضية”.
ونشرت الجريدة ذاتها في وقت سابق لنشر الخبر خبرًا آخر يتحدث عن استقبال الشيخ محمد الخالد في مكتبه بمقر وزارة الداخلية، رئيس جهاز المخابرات العامة في جمهورية مصر العربية اللواء خالد محمود فوزي والوفد الأمني المرافق له.
ورحب الخالد في بداية اللقاء باللواء خالد فوزي، مؤكدا عمق العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين الشقيقين الكويت ومصر، بحسب الجريدة.
وبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية سبل تعزيز التعاون في المجال الامني خاصة في مجالات التنسيق وتبادل المعلومات الأمنية وتوسيع أفق التعاون الأمني بين البلدين.
من جانبه أكد اللواء خالد فوزي على أن التنسيق الأمني بين البلدين الشقيقين على أعلى مستوى، منوها بالعلاقات الوطيدة التي تربط بين الجانبين على كل المستويات.
وتربط مصر علاقات قوية منذ عهد المخلوع مبارك بعد مساندة الكويت في حربها مع العراق في التسعينيات، لتتدهور العلاقات المصرية بالكويت عقب ثورة يناير بعد دفاع الكويت عن المخلوع مبارك، لتعود العلاقات بعدها إلى سابق عهدها بعد انقلاب الثالث من يوليو عام 2013م الذي قاده السيسي، حيث أصبحت الكويت من أكثر الدول الداعمه للسيسي بعد السعودية والإمارات.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن “أجهزة الأمن في الدولة، رصدت قبل فترة ما يمكن اعتباره (أكثر من علاقة رسمية) بين سفير الكويت وبين موظف مهم يعمل في جهة سيادية حساسة جدًا، وتم وضع الموظف المذكور تحت الرقابة فتبين أنه يقدم معلومات خاصة عن القرارت التي تتخذها هذه الجهة السيادية أو عن النقاشات الدائرة حولها أو عن وجهة نظرها في ما يتعلق بهذه الأزمة العربية أو تلك أو بما يتعلق بعلاقات الدولة بدول عربية أخرى وخصوصا الخليجية منها”.
وأضافت المصادر أن “تحقيقا سريعا أجراه مسؤول كبير في المخابرات مع الموظف، فأنكر أولا أن يكون التعاون مع السفير الكويتي قد تجاوز الصفة الرسمية”، مشيرا إلى أن “ما قدمه له عبارة عن مواقف عامة وتحليلات، وعندما وجه بتسجيلات ووثائق إلكترونية اعترف بأنه كان يزوّد السفير هذه المعلومات مقابل مبالغ مالية”.
ورفضت المصادر تأكيد أو نفي حصول مخابرات تلك الدولة على كمبيوتر من داخل سفارة الكويت وتفريغ المعلومات المخزنة به، مكتفية بالقول: “إن كل ما من شأنه حفظ أمن الجهة السيادية التي يعمل بها الموظف المرتشي اتخذ وسيتخذ حتى لو تم تجاوز كل الأعراف الديبلوماسية؛ لأن ما حصل لا يمكن السكوت عنه ويشكل سابقة لم تكن متوقعة تحديدا من سفارة الكويت التي نتمتع معها ومع الكويت تاريخيا بأفضل العلاقات”.
وكشفت المصادر أن “القضية برمتها كانت محل تنسيق دائم بين مخابرات الدولة مع نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الكويتي الشيخ محمد الخالد الذي أمر بسرعة تطويق الموضوع والتعاون الكامل مع أجهزة الدولة العربية الكبرى بغية حصر ذيوله في إطار (خطأ أو اجتهاد شخصي من السفير)، مع التعهد بتزويد سلطات تلك الدولة بملابسات القصة بعد انتهاء التحقيقات”.
وتابعت أن “السفير الكويتي في تلك الدولة استدعي إلى الكويت وتمت مواجهته بوثائق القضية واعترافات الموظف المرتشي، فأفاد بأنه مارس مسؤولياته في تسليط الضوء على مواقف الدولة التي يعمل فيها بغية تكوين صورة واضحة من خلال التقارير التي يرسلها ويمكن أن تفيد وزارة الخارجية الكويتية وبالتالي الحكومة في اتخاذ القرارات المناسبة (وهو الأمر الذي يفعله السفراء في كل العالم)”.
وعندما قيل للسفير أن ثمة مبادئ ومواثيق تحكم عمل السفير بينها أنه يمكن أن يحصل على حقائق الموقف من خلال لقاءات مع وزراء ومسؤولين وشخصيات عامة ومفكرين وأدباء وإعلاميين ومحللين… وليس من بين هذه المواثيق (رشوة) موظف في جهة حساسة لإعطائه معلومات؛ لأن ذلك أقرب إلى التجنيد والتجسس وليس إلى التعاون، أجاب أنه فعل ذلك بحسن نية وأن ما قدمه عبارة عن (هدايا ومساعدات وليس رشوة)”.
وبحسب صحيفة “الرأي” الكويتية فإن السفير الكويتي “طلب أن يكمل عمله لأشهر ثلاثة حتى انتهاء مهلة انتدابه رئيسا للبعثة ثم يتقاعد بعدها، مع إبداء استعداده الدائم للتعاون والرد على أي سؤال”.
كما علمت “الرأي” أن السفير “لم يرسل كل المعلومات التي حصل عليها من الموظف المرتشي إلى المسؤولين في الكويت، بل اكتفى بإرسال جزء بسيط منها، وعندما سئل عن السبب رد بأنه لم ير في هذه المعلومات ما يستحق أن يرسل إلى الكويت”.