رأى موقع “فوكس” الأميركي، أن سبب قمع السيسي لطلاب الجامعة هو إدراكه لمدى خطورة الطلاب على سلطته، والقدرة التاريخية للطلاب على إحداث التغيير، وهو ما تجلى في الخامس والعشرين من يناير؛ حيث قال تقرير للموقع إنه خلال الأسبوع الماضي اعترفت وزارة الداخلية المصرية أنها تعتقل على الأقل 3462 طالبًا جامعيًا، وكما ذكر البروفيسور “هوارد أيسنستات” فإن هذا العدد أكبر من طلاب بعض الكليات في أميركا.
وأضاف التقرير “اعتقال هذا العدد الضخم هو جزء من حملة القمع الموسعة لـ عبدالفتاح السيسي على المعارضة بعد الربيع العربي، ويعطي نشطاء حقوق الإنسان أعدادًا مخيفة مؤخرًا حول اختفاء مئات من المصريين قسريًّا؛ إذ يتم إحتجازهم في اماكن سرية، وفي الغالب يتم تعذيبهم ويقول محمد المسيري، الباحث في منظمة العفو الدولية: “الهدف هو إرهاب المجتمع لإظهار أن أي أحد سيجرؤ على انتقاد الحكومة سيواجه المصير نفسه“.
وتابع التقرير: “لمعرفة سبب خوف السيسي من المعارضة، وبالأخص من طلاب الجامعة، يجب أن ننظر إلى تاريخ مصر الحديث؛ فالسيسي ليس أول رئيس مصري يستخدم القمع والتعذيب والاعتقال الجماعي لإسكات أي أحد يشكل تهديد لقبضته على السلطة، وتاريخيًا جاء هذا التهديد من الحرم الجامعي”، مستعرضًا النشاط الطلابي في الجامعة في عهد السادت وحسني مبارك.
السادات
وفقًا لما ذكره الباحث “جلس كبل”، فإن السادات شجع نشاط الجماعات الإسلامية في الجامعة لدعم صورته كـ”رئيس مؤمن” ولمواجهة الإيدولوجية القومية العربية العلمانية والتي اجتاحت مصر إبان حكم الرئيس جمال عبدالناصر، لكن في النهاية غضبت هذه الجماعات من السادات بسبب بعض القرارات السياسية له بما في ذلك قرار توقيع اتفاقية سلام مع “إسرائيل”، وموقفه الداعم للغرب وأدرك السادت خطر هذه المجموعات وحظر نشاطها في الجامعة، وبدأ في محاصرتها وإلقاء المئات من أعضائها في السجون، واعتقل السادات وقتها 1500 شخص من مختلف قطاعات المجتمع، وانتهى الأمر باغتياله من تنظيم الجهاد الذي تكون بشكل أساسي من الطلاب والعسكريين وتولى نائبه محمد حسني مبارك للرئاسة.
مبارك
عند تولي مبارك لم يكرر خطأ سلفه؛ فقام بفرض قانون الطوارئ، ووقعت الجامعات في عهده تحت رقابة مشددة، ومنعت كل الأنشطة والنقاشات العامة، ناهيك عن المناقشات السياسية، وزورت انتخابات اتحادات الطلاب، واختير النواب ورؤساء الجامعات والكليات من قبل أجهزة الاستخبارات وعينوا وفقًا لولائهم للنظام، ومع ذلك استمر الطلاب في تنظيم المظاهرات الطلابية، التي وصل عددها في بعض الأحيان إلى عشرات الآلاف.
وتابع التقرير: “بدأ ذلك يتغير بحلول عام 2008 عندما قامت محموعة من الشباب بإنشاء صفحة على الفيسبوك أطلقوا عليها حركة شباب 6 إبريل في إشارة إلى دعمهم لإضراب عمال غزل المحلة وقتها، ومنذ ذلك الحين أدرك النشطاء قوة وسائل الاجتماعي في نشر رسائلهم خارج الحرم الجامعي، وفي بداية 2011 ساعد طلاب وخريجو الجامعة في المظاهرات التي أدت في النهاية إلى الإطاحة بحسني مبارك”.
مصر اليوم
حكم الديكتاتور عبدالفتاح السيسي مصر، وبدأ في استهداف الطلاب مرة أخرى؛ ففي 2014 تعاقد نظام السيسي مع شركة أمن خاصة تدعى “فالكون” لتقديم الخدمات الأمنية في جامعة الأزهر و15 جامعة حكومية أخرى، ووفقًا للباحثين “ميتشل دني” و”كاتي بنتفوليو” فإن السيسي اتخذ إجراءات صارمة ضد أنشطة الجامعة لأنها أكثر الأماكن خطورة بالنسبة له.
ويرى الباحثان أن تركيز السيسي على قمع مظاهرات الطلبة يعكس إدراكه لما يمكن أن يكون نقطة ضعف مميتة بالنسبة له؛ إذ يحظى بدعم ضعيف في أوساط جيل الشباب المصري الذي أشعل الانتفاضة ضد مبارك في 2011.
وختم التقرير بالقول: “كمثل المستبدين الآخرين يدرك السيسي أن عشرات الآلاف الطلاب في الحرم الجامعي على طول البلاد يمثلون خطرًا كبيرًا ومحتملًا لسلطته، ولهذا السبب يعتقل الآلاف منهم، فعلى الأقل يستطيع إيقاء عينه عليهم في السجن”.