شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

عندما لا تتعامل الثورة وفق المعادلات التي فرضها العسكر!

عندما لا تتعامل الثورة وفق المعادلات التي فرضها العسكر!
توقع البعض أن يزحف الثوار إلى الميادين يوم 25 يناير، وتوقع البعض حدوث انفراجة من نوع ما. من ناحية أخرى فقد استعد النظام بمئات الألوف من الجنود وأغلق كافة الميادين.

 

الحاشد والمحشود:

توقع البعض أن يزحف الثوار إلى الميادين يوم 25 يناير، وتوقع البعض حدوث انفراجة من نوع ما. من ناحية أخرى فقد استعد النظام بمئات الألوف من الجنود وأغلق كافة الميادين.. 

فكيف يمكننا قراءة المشهد؟؟ وكيف يفكر الحاشد والمحشود في كل طرف؛ الثورة (الحاشد هو قيادة الثورة، والمحشود هم الثوار)، والانقلاب (الحاشد هو النظام، والمحشود هم الجنود في الشوارع).

النظام

الحاشد: 

ما سر دفع النظام  بـ 400 ألف جندي وضابط إلى الشوارع والميادين، وينقل وزارة الداخلية إلى التجمع الخامس، ويغلق جميع الطرق المؤدية لمقرها الأصلي قرب التحرير!  

النظام حشد جنوده إذن متخوفا من موجة ثورية قوية، ويدرك تماما أن عدم وجود حشود في 25 يناير، بالشكل الذي كان منتظر، لا يعني أنه لا توجد ثورة تشتعل، تنتظر الفرصة المناسبة للتعبير عن غضبها! 

المحشود:

 وهم جنود النظام المستنفرين، الذين يبيتون ليل نهار في الشوارع والميادين خوفا من اقتحامها.

 هؤلاء يلعبون وفق المعادلات التي فرضها الجيش بانقلابه العسكري في 3 يوليو، وهي أنهم يفرضون رأيهم على خصومهم بقوة السلاح، والسلاح فقط؛ وهذه معادلة بسيطة وخطيرة، سنأتي لها.

 لكن إلى متى يمكن أن يظل هؤلاء الجند مستنفرين في الشوارع والطرقات هكذا؟؟ وماذا لو قرر الثوار كسر المعادلات التقليدية، وفرض معادلات جديدة تكسر احتكار الانقلاب للقوة؟؟   

 هؤلاء الجنود تعودوا على معادلة فض المظاهرات السلمية بالقوة المفرطة، بسهولة وإجرام، لكن يبدو أن الثوار عزموا ألا يمكنوهم من أنفسهم بسهولة!

 

الثورة

الحاشد:
ظلت قيادة الثورة يتعاملون بحكم القصور الذاتي وفق المعادلات القديمة، وهي فلسفة حشد الثوار في الشوارع، حتى 6 أكتوبر 2013. ومع تأكد فشل هذه المعادلة، وبعد التقاط الأنفاس واستيعاب الصدمة وتشكيل قيادات جديدة، اتخذ الثوار قرارا بتغيير الاستراتيجية.

المحشود:
وهو وقود الثورة وعمادها، الذين أثبتوا أنهم عند حسن الظن بهم، بل وأكثرن وأنهم ما دعوا إلى ميدان إلا ولبوا النداء طائعين مختارين، رغم الإشارات المتعددة التي أعطاها الجيش لهم، ويهددهم فيها بقتلهم في الشوارع.

كان نموذج 1954 يلوح لهم في الأفق، وكانت القضية أغلى عليهم من أنفسهم، وظلوا في الميادين لفترة، حتى بدؤوا يفكرون في استراتيجية جديدة!

أدرك الثوار أن مشكلتهم لم تكن قط في قدرتهم على الحشد، بل على العكس لقد كانت قدرتهم غير العادية على الحشد هي سبب نقمة خصومهم عليهم، وهم الذين وصفوهم بأنهم كائنات انتخابية، وصارت أي عملية أولها انتخابات آخرها إخوان، ففازوا في كل الاستحقاقات الانتخابية التي حدثت بعد الثورة. وجميعنا يذكر مليونية جامعة القاهرة.

مشكلة الثوار كانت في التعاطي مع المعادلات الجديدة التي وضعها العسكر، فقد تأكدوا أن العسكر لديه ضوء أخضر خارجي بفتح النار على المتظاهرين في الشوارع مهما كان حجم الضحايا. 

فكر الثوار في استخدام منضبط للقوة، يكسر احتكار الانقلاب للسلاح، ويكسر من ثم  المعادلات الجديدة التي فرضت عليهم بعد الانقلاب، وهو ما بدأ في 25 يناير 2015، ولا يزال مستمرا.

*** 

وبناء عليه؛ يمكن فهم المرحلة الحالية من عمر الثورة في ضوء النقاط التالية: 

إن 25 يناير 2016 ليس مجرد يوم، بل هو بداية مرحلة جديدة بدأت وستسمر لأسابيع أو شهور ضد النظام الذي لا يستطيع أن يظل مستنفرا إلى الأبد

عدد من تظاهر في 2016 أكثر بكثير ممن تظاهروا في 25 يناير 2011، رغم إن استعداد النظام اليوم أضعاف أضعاف استعداده  في 2011، بالمعادلات الجديدة التي تحدثنا عنها.

الثوار قرروا ألا يكونوا لقمة سائغة للنظام، فخرجوا في الأماكن التي شعروا أنهم أكثر أمانا فيها، وقرروا ألا يواجهوا النظام في نقطة قوته، بل في نقاط ضعفه، وانتظار اللحظة المناسبة للانقضاض. 

من قال أن النظام سيسقط في يوم؟ الثوار فهموا أن الثورة عملية  مستمرة، والداخلية والجيش لا يمكن أن يبقوا على استنفارهم هذا إلى الأبد.. سياسة اللقطة السريعة لن تتكرر. والحرب طويلة النفس هي الحل

لا أدري لم يلوموا الإخوان على الأعداد رغم أنهم الفصيل الوحيد اللي تجرأ على الإعلان عن مشاركته والباقي في بيوتهم يثورون من وراء الفيس وتويتر.. أو اكتفوا بالاتشاح بالسواد، بعد أن كانوا وقودا للانقلاب العسكري!

لقد نجحت ثورة يناير نجحت فكان لها ألف أب؛ حتى زكريا عزمي وعمرو موسى تمسحوا بها! ما يحدث اليوم أن الثورة عادت حصريا للثوار الحقيقيين. 

لقد ثبت  للجميع أن لقب “القوى الثورية” كان يطلق كذبا على أناس كثر لا يستحقونه!   

*** 

 الحكمة فقط تقتضي كسر المعادلات الموجودة حاليا قبل فتح الميادين أمام الثوار.. وهذا يكون بإتباع سياسة كسر احتكار النظام بالقوة أولا! وهذا ما أراه سيحدث إن عاجلا أو آجلا…



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023