مثل كل المشخصاتية المؤجّرين للهزل، في أيام الفتن في بغداد أو القاهرة، أو لدى بني أميّة، يؤدي الواحد منهم هزليته، ثم يؤجَر عليها بدرهمين أو بردتين من القز، وخصوصا لو كانت له عيون تشبه عيون غلمانهم الأثيرة، “للعلم فقط، كان للشاعر الكبير أبي نوّاس غرّة في مقدمة رأسه، يتباهى بها ما بين الغلمان”، ثم يهدي المشخصاتي، بعد ذلك، بغلة تقيه عثرات الطريق.
الآن، استبدلت البغلة بتذاكر السفر والبرامج التي يمولها طيران الإمارات والغرب الاستعماري.
فما بالك لو كان المشخصاتي معاصرا جدا، وقد ترك مهنتة الأصلية طبيبا، وقد آثر عليها ترقيص الحواجب بسماجةٍ، لا يحسد عليها.
أدى الرجل رقصته السمجة بخزي في أيام الرئيس محمد مرسي، ولم يقترب منه أحد بشيء، وازداد في السماجة علوا، حتى إنه ذهب إلى المحكمة بطاقيةٍ، مثل طاقية مرسي التي أهديت له في باكستان، تحت رعاية الأمن والمخابرات طبعا، أو قل بتوجيهاتهما، ولم يحدث للمشخصاتي البليد أي شيء، لأنه يعرف أن جنود بني أمية يحرسون الهزل إلى أقصى درجاته، مرّة بالغلمان ومرّة بالخصيان ومرّة بالقتلة ومرّة بالقضاء الشارخ، والذي يعرف بورصة جيبه من صغار المشخصاتية، يعرف جيدا من يحميه، ومن يدفع له، ومن سيودعه إلى صالات المطار، ومن سيعيده إلى الصالات أيضا، بالبطولة نفسها، وبالأجر نفسه، وأعلى أيضا.
وقد بدأ وحيد حامد “ابن الأمن البار” بتوجيه استعطافه للسلطة بعودة برنامج باسم يوسف، وسيجاب طلبه، بعد وضع الخطوط العريضة لترقيص الحواجب ومواسمها وأيامها، كي لا يخرج المشخصاتي على النص.
حاول باسم أن يسرق كتابات الآخرين، لكنه “اتقفش”، فكفّ عن المهنة الحرام، وبدأ من بعيد في مغازلة السلطة، حتى استعطفت السلطة أو أوشكت، وكطبيعة المشخصاتية، حينما يقتربون من أبواب السلاطين، بعد طول غياب، في القرى أو البادية، يزيدون من الدهانات تحت الإبطين ومن تزجيج الجفون، ولا مانع أيضا من تضخيم النهود تحت السوتيانات، ومن رفع صوت الصنوج والدفوف مع ترقيص القرود التي حولهم، ومحاولة أن يجعلوها تنام نومة العازب والمحروم.
يحاول الآن باسم، بكل الطرق، أن يصنع مشهد العودة، لا من أجل شيء، بل من أجل جيبه، وجيبه فقط، فيقول عن التظاهر في عيد ثورة يناير الخامسة: “ماتقرفوناش بقى”.
وصلت رسالتك، يا باسم، في يوم عيد الثورة، وصلت بحذافيرها، فعد على أية شركة طيران، ولا تنزعج أبدا عد حتى في صحبة مرتضى منصور، أو عد على فرطاقة بحرية للقوات المسلحة، أو حتى على متن المحروسة، عد بكل رموشك وحواجبك وكاميراتك وقرودك وديوكك، عد إلى استديوهات ساويرس أو مدينة الإنتاج الإعلامي، عد وسيعتذر لك أحمد موسى وتوفيق عكاشة، وقد يستقبلك على باب البرلمان، عد وستجد سيناريو لك سيخرجه خالد يوسف بنفسه.
عد ولا تخف؛ لأن معظم النساء اللائي كن بالملاءات اللف والجلاليب الشعبية، وكن يشتمنك أمام باب الأستديو، حينما حاولت، في حلقتين، أن تقول شيئا في عبد الفتاح السيسي، ستجدهن كلهن أمامك في صالة المطار، ولكن، في زي آخر، فالتي كانت تلبس الملاءة اللف، ستجدها في بنطلون جينز ونظارة شمسية رخيصة سوداء من سوق “عزبة أبو قرن”، والتي كانت تشتمك بأمك علنا مستخدمةً ألفاظ مرتضى وقاموسه، ستراها ببالطو صوف من عزبة أبو قرن أيضا، والتي كانت “تشلح”، وفي يدها عصا، قد ترى معها لاب توب صينيّا، وقد لبست عباءة بالترتر، ومن خلفهن سترى أزواجهن العرفي، وأحفادهن أيضا، وقد يطلبن منك جميعا أن توقع لهن على الأوتوغرافات، فاصبر وتصبر، لأن رحلة الميلون ميل تبدأ دائما بخطوة، وأنت اجتهدت وفعلت الكثير والكثير.
نصيحة أخيرة لك:
لا تحاول أن تتفحص الوجوه، أو تستخف بمشاعرهن، أو تغمز، بأنك رأيت مثل هذه الوجوه أمام أكاديميات الشرطة، تحت مسمى بنات مبارك أو شبابه. ولا حتى تحاول أن تستنكر المشهد، ولو حتى برفع حاجبك؛ لأنهن قد يشخرن لك جميعا في نفسٍ واحد، ويخرجن الملاءات اللف مرة أخرى من الحقائب.
——–
المصدر: العربي الجديد