نشر موقع “كارنيجي” لدراسات الشرق الأوسط تقريرًا عن نتائج دراسة مقارنة بين فترتي حسني مبارك وعبد الفتاح السيسي في حكم مصر من حيث الاحتجاجات الشعبية على نظام كل منهما، وذلك بمناسبة مرور خمس سنوات على ثورة 25 يناير.
وأشار التقرير الذي حمل عنوان “احتجاجات مصر بالأرقام” إلى أنه على الرغم من القمع غير المسبوق والرقابة على الإعلام، فإن السيسي يواجه احتجاجات تساوي في المعدل خمسة أضعاف الاحتجاجات التي شهدها مبارك بين 2008 و2010.
تضاعف الاحتجاجات منذ عزل مرسي
حسب التقرير فإن البيانات تُظهر أن متوسط عدد الاحتجاجات في اليوم تضاعف تقريبًا ثلاث مرات منذ عزل الدكتور محمد مرسي، مشيرًا إلى أن الأشهر الخمسة الأولى إبان الانقلاب على مرسي قد شهدت المستوى الأعلى من الاحتجاجات وذلك بمعدل 107.5 احتجاجات في اليوم، مضيفًا أنه في المقابل، خلال العام الذي أمضاه مرسي في السلطة، بلغ متوسط عدد الاحتجاجات في اليوم الواحد 38.6 احتجاجا.
وأضاف التقرير أن الحراك الاحتجاجي لم يسجل تراجعًا ملحوظًا إلا بعدما أقرّ الرئيس المؤقّت عدلي منصور قانون التظاهر في 24 نوفمبر 2013، ما أدّى إلى تراجع بنسبة 25% في مجموع الاحتجاجات.
الاحتجاجات في عهد السيسي
وتكشف البيانات -حسب التقرير – أيضًا أنه منذ وصول السيسي للحكم في 8 يونيو 2014 حتى أواخر ديسمبر 2015، بلغ متوسط عدد الاحتجاجات 29.1 احتجاجًا في اليوم. وعلى الرغم أن هذا الرقم أدنى من متوسط عدد الاحتجاجات خلال وجود مرسي في الحكم، إلى أنه أعلى بكثير من عدد الاحتجاجات خلال العقد الأخير من عهد مبارك.
وأضاف التقرير: “فحتى خلال صعود الحركة العمالية من جديد في العام 2008 وموجة الإضرابات التي بدأت في مدينة المحلة الصناعية – أكبر موجة من الإضرابات في مصر منذ أربعينيات القرن العشرين – كان متوسط عدد الاحتجاجات في اليوم في العام 2008، 3.9 احتجاجت في فقط، وفي العام 2009 بلغ متوسط عدد الاحتجاجات في اليوم 4.4 احتجاجات؛ وفي عام 2010 كان المتوسط 5.8 احتجاجات”.
وقال التقرير: “بعبارة أخرى، يساوي متوسط عدد الاحتجاجات التي تشهدها مصر يوميًا في عهد السيسي نحو خمسة أضعاف متوسط عدد الاحتجاجات من 2008 إلى 2010 خلال عهد مبارك، فضلاً عن ذلك، بقي عدد الاحتجاجات منذ فبراير 2014 ثابتًا إلى حد ما”.
وقارن التقرير بين عدد الاحتجاجات التي خرجت خلال عهد الدكتور مرسي والتي قارتب 15000 احتجاج خلال تلك السنة، وبين عدد الاحتجاجات التي خرجت منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013 وحتى نهاية ديسمبر الماضي “عهدي منصور والسيسي” والتي تجاوزت 40 ألف احتجاجا.
ويؤكد التقرير أن البيانات التي توصل إليها هي مؤشر لقياس فعالية الرقابة على الإعلام والقمع على السواء، مضيفًا: “لم يكد يمضِ دقائق على عزل مرسي حتى أقدم النظام على إغلاق القنوات التلفزيونية التابعة للإسلاميين والإخوان المسلمين، وتوقّف بث “البرنامج” الذي يقدّمه باسم يوسف، وكذلك برنامج “بلدنا بالمصري” الذي تقدّمه ريم ماجد، مع العلم بأن البرنامجَين كانا ينتقدان النظام”.
وتابع التقرير قائلا: “صحيح أن هذه الرقابة الفاضحة على الإعلام قد تحرم المصريين من مصادر بديلة للمعلومات – ومن الترويح عن النفس من خلال البرامج الهزلية – إلا أنها ليست فعالة في عصر البيانات الكبرى. بما أن قاعدة البيانات GDELT تستمد معلوماتها من مصادر إعلامية في مختلف أنحاء العالم، فإن العدد الكبير للتقارير المأخوذة من الإعلام غير المصري يمكن أن يكون كافيًا للقضاء على مفاعيل الرقابة في مصر، ربما كانت الاحتجاجات تحظى بتغطية أقل من جانب وسائل الإعلام في مصر، لكن هذه الرقابة بالتحديد قد تدفع بوسائل الإعلام في الخارج إلى التدقيق أكثر في الموضوع وإعداد مزيد من التقارير عن الاحتجاجات”.
وأشارالتقرير إلى أن هذا القمع الذي تشهده مصر دفع بعدد كبير من المراقبين إلى الاعتقاد بأنه من المستبعد اندلاع انتفاضة جماهيرية جديدة، مشيرين إلى أن التهديد الأكبر للسيسي لا ينبع من الاحتجاجات إنما من داخل نظامه”.
واختتم التقرير قائلا: “لكن عبر النظر في المدى الطويل بعيدًا من بعض التواريخ الرمزيةتُظهر البيانات أن العدد الإجمالي للاحتجاجات منذ فبراير 2014 لم يظهر أي مؤشر بالانحسار، يبدو أنه لا القمع ولا الرقابة على الإعلام نجحت في وضع حد للاحتجاجات في مصر، ولا في تحقيق الاستقرار الذي وعد به السيسي”.