رغم اختلافاتهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية، إلا أن القوى المعارضة لنظام المخلوع حسني مبارك قررت أن تتوحد يوم 28 يناير 2011 لتسقط نظامه وخرجت في مظاهرات حاشدة شارك فيها الملايين من الشعب المصري لإسقاط النظام، واليوم وبعد مرور 5 سنوات، اجتمعت هذه القوى نفسها ولكن في سجون نظام السيسي، بعد أن فرقهم الميدان، وجمعتهم السجون.
وتعد من أبرز الشخصيات التي جمعتهم الثورة قبل خمس سنوات، وسجون السيسي اليوم، الدكتور محمد البلتاجي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، والراحل أحمد سيف الإسلام، أحد رموز التيار اليساري المصري، وكما كان الرمزان مشاركين في الثورة ليس فقط بشخصيهما ولكن بأسرتيهما، فقد شاركت أسرتا الرمزين في تحمل فاتورة الانقلاب العسكري.
أسرة الدكتور محمد البلتاجي
كانت أسرة الدكتور محمد البلتاجي، أول من تحملت فاتورة مواجهة نظام السيسي؛ حيث استشهدت ابنته خلال فض ميدان رابعة العدوية وهي تبلغ من العمر 17 عامًا، وعلى الرغم من سنها الصغيرة إلا أن أسماء شاركت في جميع أحداث الثورة منذ بدايتها مرورًا بمحمد محمود حتى استشهدت في ميدان رابعة العدوية خلال فضه.
وبعدها بأسابيع، اعتقل والدها؛ حيث يقبع داخل سجن العقرب، ويمنع عنه الأكل والملابس والزيارات، وصدرت ضده أحكام بلغت 250 عامًا وعدة إعدامات.
أما ابنه أنس البلتاجي، فقد تم اعتقاله مع آخرين؛ على خلفية اتهامهم بتمويل المظاهرات، وهو مصير عمار البلتاجي نفسه الذي تم اعتقاله بعد مقتل شقيقته أسماء، ثم أفرج عنه.
أما الأم سناء عبدالجواد، فكانت تشكل طاقة الصمود؛ حيث كانت في مقدمة المعزين في وفاة المناضل أحمد سيف الإسلام، تحمل على عنقها سلسلة بها صورة ابنتها الشهيدة أسماء البلتاجي، وبجوارها شعار رابعة العدوية.
الأم سناء باتت رمزًا للثبات، فعلى الرغم من ما أصابها من بلاء، إلا أنها ما زالت تخوض معركتها ضد النظام الحالي وتخرج في المظاهرات المعارضة له، وتذهب إلى السجن في محاولة لرؤية زوجها وابنها، وكانت كثيرًا ما تفشل في ذلك؛ حيث لقبها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بأم الثوار.
وعانت أيضًا الأم من نوع آخر من بطش النظام؛ حيث اتهمت بالاعتداء على الأمن خلال إحدى زياراتها لزوجها، فتم تحويلها للمحاكمة، وتم الحكم عليها بستة أشهر سجن.
أسرة الراحل سيف الإسلام
وبالحديث عن أسرة الراحل أحمد سيف الإسلام، فقد توفي خلال اعتقال ابنيه علاء عبدالفتاح وسناء عبدالفتاح، ومن أشهر مقولاته في رسالة له لابنه الذي يقبع داخل سجون السيسي: “أنا أسف إني ورثتك الزنازين اللي أنا دخلتها.. لم أنجح في توريثك مجتمع يحافظ على كرامة الإنسان.. وأتمنى أن تورث خالد حفيدي مجتمع أفضل مما ورثتك إياه”.
تلقى “سيف الإسلام” خبر الحكم على ابنه علاء عبدالفتاح بالسجن 15 عامًا، بتهمة الدعوة إلى مظاهرات مجلس الشورى في نوفمبر 2013 بثبات، وتم إلقاء القبض على ابنته الصغرى بعدها بأيام في 21 يونيو، بتهمة خرق قانون التظاهر، على خلفية مشاركتها في المسيرة المنطلقة إلى قصر الاتحادية للإفراج عن المعتقلين.
واعتقل الأب 4 مرات في عهدي الرئيسين الأسبقين أنور السادات والمخلوع حسنى مبارك؛ حيث كان أول اعتقال له عام 1972 لمشاركته في مظاهرة الطلاب لتحرير سيناء، ثم اعتقل على إثر مشاركته في الاحتجاجات التي اندلعت بعد خطاب السادات لتأخره في إصدار قرار الحرب على إسرائيل، فيما كانت آخر مرة اعتقل فيها يوم موقعة الجمل في 3 فبراير 2011؛ حيث اقتحمت قوات الأمن مركز هشام مبارك واعتقلته منه.
أما نجله علاء عبدالفتاح، الابن الأكبر، فهو سجين كل الأنظمة التي تعاقبت على حكم مصر؛ حيث دخل السجن في عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، كذلك في عهد المجلس العسكري، والدكتور محمد مرسي، والرئيس السابق، عدلي منصور، وأخيرًا في عهد عبدالفتاح السيسي.
وتعد منى سيف، العضو الرابع في العائلة، ناشطة سياسية بارزة؛ حيث كانت من أوائل مؤسسي حركة “لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين”، وشاركت في وقفات ضد المجلس العسكري، وانتقدت سياساته، واستهدافه للمتظاهرين والنشطاء، وتم القبض عليها في أحداث مجلس الشورى، وصدر حكم بمعاقبتها بالحبس سنة مع الإيقاف، في تهمة التجمهر وحرق مقر أحمد شفيق، كما تم القبض عليها في مظاهرات الشورى، واتهمت الشرطة بإلقائها في الصحراء مع بعض الناشطات.
وعلى الرغم من أن سناء سيف، الابنة الصغرى تعتبر أقل بروزًا في العمل السياسي ضمن أفراد أسرتها، إلا أنها كانت واحدة من 24 شخصًا ألقت الشرطة القبض عليهم بزعم اشتراكهم في المسيرة التي انطلقت إلى قصر الاتحادية يوم 21 يونيو 2014، لرفض قانون التظاهر وتم الحكم بحبسها 3 سنوات، إلى أن خرجت بعفو رئاسي من عبدالفتاح السيسي من أشهر.