جاء إعلان الهيئة العامة للسلع التموينية والتجارة الداخلية، عن طرح مناقصة عالمية لاستيراد كمية غير محددة من الأرز “شحن فوري” لصالح البطاقات التموينية البالغة 20 مليون بطاقة، التي يستفيد منها نحو 80 مليون مواطن، مفاجئة للجميع في ظل مرور ثلاثة أشهر فقط على موسم حصاد محصول الأرز، الذي حقق فائضًا عن الاستهلاك يقدر بـ1.5 طن، سمحت الحكومة بتصديره للخارج؛ للحفاظ على سعره محليًّا.
استهلاك الأرز المخصص لسنة في ثلاثة أشهر
واستنكر الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة قيام وزارة التموين بطرح مناقصة لاستيراد الأرز؛ حيث قال في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “حد يفهمنا، وزارة التموين أعلنت عن مناقصة عالمية لاستيراد الأرز ولم يمض على حصاد محصول الأرز المصري في أكتوبر الماضي إلا ثلاثة أشهر فقط”.
وتابع: “ووقتها فتحت الدولة باب تصديره بسبب تحقيق فائض يتجاوز 1.5 مليون طن عن حاجة الشعب المصري (بما فيها احتياجات باقات التموين)”، مضيفا: “فهل استهلك الشعب المصري الأرز المخصص لسنة كاملة في ثلاثة أشهر؟ وهل تم تصدير أو تهريب فائض الأرز المصري بحجم 1.5 مليون طن في ثلاثة أشهر فقط ومعه باقي مخزون الأرز؟”.
وواصل “نور الدين” منشوره قائلا: “ولماذا سمحتم بتصدير الأرز ما دام هناك عجز قادم؟، وهل نعود لنغمة تصدير الأرز المصري الراقي واستيراد الأرز الرخيص الهندي والفلبيني؛ لأن الشعب المصري لا يستحق خير أرضه وجهده من الأرز المصري؟”.
واختتم أستاذ الموارد المائية منشوره قائلا: “وإذا كان الأمر كذلك لماذا تصرفون زيت الذرة وزيت العباد والزيوت الفاخرة والتونة ومساحيق الغسيل على بطاقات تموين الفقراء؟، وزارة التموين فيها حاجة غلط وبعد أن كان هناك عجز في الزيوت أصبح في الزيوت والأرز؟”.
تهريب أكثر من 400 ألف طن عبر المواني
وقال محمد شحاتة، الخبير الاقتصادي: إن ما تم تصديره بشكل رسمي منذ السماح بذلك لا يتعدى الـ30 ألف طن، لكن ما تم تهريبه عبر الموانئ تعدى الـ400 ألف طن للتهرب من رسم التصدير الذي فرضته الدولة بـ2 جنيه للطن، مشددًا على ضرورة تجفيف منابع التهريب لتوفير الأرز في الأسواق المحلية بأسعار في متناول المستهلك؛ حيث يبلغ سعر طن الأرز المصري في الخارج 650 دولارًا؛ أي ما يعادل خمسة آلاف جنيه مصري، في حين أن سعره في الداخل لا يتعدى 3 آلاف و750 جنيهًا.
وأكد “شحاتة” أن سبب تلك الأزمة تجاهل وزارة التموين تحديد سعر ضمان لمحصول الأرز خلال الموسم الماضي، هذا بجانب عزوفها عن شراء أي كميات من الأرز الشعير من الفلاحين، تاركة الملعب للتجار يتحكمون في الكميات والأسعار التي يتم طرحها محليًّا.
الاستغناء عن الأجود لتصدير الأردأ
وأوضح “شحاتة” أن ما تقوم به الحكومة من استيراد الأرز بعد السماح بتصديره يعني الاستغناء عن أجود أنواع الأرز المصري لاستيراد الأردأ والأرخص “الهندي والفلبيني” بجانب الخسارة المائية في زراعة الأرز الذي يستهلك المياه بشراهة، بخلاف ما ستتكبده الدولة من عملات أجنبية لازمة لعملية الاستيراد، في الوقت الذي يعمل فيه البنك المركزي خطة من خلال إجراءات جديدة لخفض فاتورة الاستيراد 25% خلال العام الحالي بما يعادل 20 مليار دولار.
وتابع قائلا: كميات الأرز التي قدرتها وزارة الزراعة بـ4.4 ملايين طن أرز أبيض، تكفي حاجة الاستهلاك محققة فائضًا يزيد على 30% متاحًا للتصدير نفد خلال ثلاثة أشهر فقط، وكان من المفترض أن يكفي الاستهلاك المحلي لمدة عام، ولا أحد يعرف أين ذهب.
لتشغيل المضارب الحكومية
وتوقع مصطفى النجاري، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، ارتفاع صادرات مصر من الأرز وكسر الأرز لعام 2016 إلى نحو 220 ألف طن خلال الفترة من أكتوبر الماضي وحتى الآن، مقابل نحو 32 ألف طن فقط خلال نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يمثل نجاحًا كبيرًا لمحصول الأرز رغم أنه الوحيد بين الحاصلات الزراعية المقيد بسداد رسم للتصدير.
وحول اتجاه وزارة التموين لفتح الباب لاستيراد الأرز بعد إعلانها عن مناقصة لاستيراد كميات غير محددة من هذا المحصول الاستراتيجي، قال النجاري: إن مصر يتوافر بها حاليًا نحو 4 ملايين طن أرز تزيد عن حاجة الاستهلاك.
وأرجع “النجاري” في تصريحات صحفية اتجاه الوزارة للاستيراد إلى محاولتها تصحيح الخطأ الذي وقعت فيه بعدم شراء كميات من الأرز خلال الأشهر الماضية لتشغيل المضارب الحكومية التي تواجه مشكلة عدم وجود أرصدة لديها من الأرز و الشعير، إلى جانب تهدئة الأوضاع في السوق في ظل الزيادات المتتالية في أسعار الأرز والتي وصلت إلى 10 بالمئة مقارنة بأسعار الشهر الماضي.