اعتبرت صحف إسرائيلية، أن نظام عبدالفتاح السيسي يعد عاملًا مهمًا في تشديد الحصار على قطاع غزة الذي تحكمه حركة “حماس” المرتبطة أيدولوجيًا بجماعة الإخوان المسلمين الملاحقة أمنيًا في مصر، فهو من جهة يغلق معبر رفح المنفذ الخارجي الوحيد للغزيين؛ إذ لم يفتح العام الماضي إلا 26 يومًا على فترات متباعدة، ومن جهة أخرى أقام قناة مائية على طول الحدود مع غزة البالغة 14 كيلو مترًا.
وقالت الصحف -التي من بينها “هآرتس” و”إسرائيل بلس” و”معاريف”، في تقارير منفصلة- إن نظام السيسي يرفض التعاطي مع أية مقترحات لرفع الحصار المطبق على القطاع منذ 10 سنوات، وهو في فعله هذا حاز احترام وإشادة الإسرائيليين الذين اعتبروا السيسي هدية المصريين إلى “إسرائيل”.
وأوضح الصحافة الإسرائيلية أن السيسي لم يكتف بحصار غزة، بل إنه “ينظر إلى مرحلة ما بعد رئيس السلطة محمود عباس في ظل الحديث المتزايد عن انتهاء دوره والإعداد لخلافته، وحسب وزير خارجية الاحتلال الأسبق “أوري سافير”، فإن السيسي معني بأن يخلف أحد قادة الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد أن يغادر الحياة السياسية”.
وبحسب موقع “إسرائيل بلس”، فإن “سافير” يعد من أبرز مهندسي اتفاقية “أوسلو” ويحتفظ بعلاقات وثيقة مع كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية السياسيين والأمنيين”.
وأوضح موقع “إسرائيل بلس”، أن “سافير” نقل عن مسؤول بارز في السلطة قوله إن السيسي معني بنقل التجربة المصرية إلى السلطة الفلسطينية، بحيث لا يتم اختيار الرئيس الجديد بشكل ديمقراطي، مضيفًا أنه يرى أن قادة الأجهزة الأمنية فقط يمكنهم أن يمثلوا ثقلًا موازيًا لحركة “حماس” ويمنعوا وقوع الضفة الغربية تحت سيطرة الحركة.
وتابع الموقع ناقلًا عن “سافير” قوله: “إن السيسي لا يمانع أن يتوافق قادة الأجهزة الأمنية في السلطة على تسمية “رئيس” لخلافة عباس، بشرط أن يكون “مجرد دمية، وأن يكونوا هم أصحاب القول الفصل في النهاية””، على حد تعبيره.
يذكر أن القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية ينص على تولي رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة بعد موت أو غياب الرئيس بشكل طارئ، على أن تجرى انتخابات عامة في غضون 60 يومًا بعد موته أو استقالته.
وفي تقدير موقف نشره مساء أمس، قال: “مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة”، الذي يديره وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي دوري جولد إن عباس يمر في أصعب أوقاته، وإن إحساسًا يسود في المجتمع الفلسطيني بأنه فشل في كل شيء.
وأوضح المركز أن عباس اضطر لتكثيف التعاون الأمني مع إسرائيل بعد أن تبين له أن تواصل العمليات والانتفاضة يمكن أن يغير قواعد المواجهة بشكل لا يتناسب مع مصالحه.
حصار السيسي لغزة
إلى ذلك، وبينما يتحمس وزراء اليمين الإسرائيلي الأكثر تشددًا إلى رفع الحصار عن غزة لتحسين مكانة إسرائيل على الساحة الدولية، فإن هذه الحماسة تصطدم بموقف قائد الانقلاب في مصر المتشدد حيال هذه المسألة.
في هذا الصدد، تتحدث صحيفة “معاريف” عن إعداد وزير الاستخبارات الليكودي “يسرائيل كاتس”، خطة شاملة لرفع الحصار عن قطاع غزة، بالتعاون مع رئيس جهاز الموساد الأسبق “مائير داجان”.
وتكمن المفارقة -بحسب “معاريف”- في أن”كاتس” يُعدّ من أكثر الوزراء تطرفًا من بين ممثلي الليكود في الحكومة، ناهيك عن أن داجان معروف بتوجّهاته المتطرّفة تجاه الفلسطينيين والعرب عمومًا.
وتقوم فكرة “خطة كاتس، العضو في المجلس الوزاري المصغّر لشؤون الأمن، على تدشين ميناء عائم قبالة سواحل غزة، ينهي الحصار المفروض على القطاع من خلال ربطه بالعالم الخارجي”.
وتنص “على وجوب وضع الميناء تحت رقابة دولية وإسرائيلية، لضمان عدم المس بالأمن الإسرائيلي من خلال تمرير أسلحة ومواد قتالية لقطاع غزة”.
ويعتبر معدا الخطة أن تنفيذها “يعفي إسرائيل من المسؤولية عن تواصل الأوضاع الاقتصادية السيئة في قطاع غزة، ويُقلّص فرص اندلاع مواجهة جديدة فيه”، كما أن تنفيذها سيُحسّن المكانة الدولية لإسرائيل ويمنحها هامش مناورة أوسع في الساحة الإقليمية.
وأوضحت “معاريف” أنه سبق لوزير التعليم المتطرف “نفتالي بينيت، الذي يرأس حزب “البيت اليهودي” المتدين، الذي يمثل المستوطنين في الضفة الغربية أن ذكر خلال كلمته أمام المؤتمر السنوي، الذي نظمه “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي مطلع الأسبوع الماضي أن “لإسرائيل مصلحة واضحة في رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح آفاق أمام حياة كريمة أمام الغزيين”.
وبحسب الصحيفة الاسرائيلية، فإنه قد سبق لوزير الاستيطان والزراعة “أوري أريئيل”، الرجل الثاني في “البيت اليهودي”، أن دعا إلى رفع الحصار عن قطاع غزة، على اعتبار أن هذا التطور يمثل مصلحة إستراتيجية لإسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن حماسة اليمين لرفع الحصار عن القطاع لإدراكهم بأن التخلّص من المخاطر التي تشكلها المقاومة في قطاع غزة، يتسنّى فقط في حال إعادة احتلال القطاع، وهو ما لا يُحبّذه اليمين لكلفته الأمنية والسياسية والاقتصادية.
وقالت الصحيفة: “مع ذلك، تصطدم حماسة وزراء اليمين لرفع الحصار عن قطاع غزة، برفض نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي أبلغ إسرائيل مجددًا أنه غير معني برفع الحصار عن غزة”.
وكشف معلق الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس” تسفي بارئيل، أن “السيسي أوضح لإسرائيل رفضه المقترحات التركية لرفع الحصار عن غزة، وهي المقترحات التي من شأن تطبيقها تمهيد الطريق أمام تطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب”.
ينوّه بارئيل إلى أن “السيسي لم يُبلّغ إسرائيل فقط رفضه رفع الحصار مع غزة، بل إنه أكد أن مصر غير مستعدة للتعاون مع تركيا وإسرائيل في التخفيف عن القطاع عبر إعادة فتح معبر رفح”.