نجح مجلس نواب السيسي، مساء أمس الأربعاء، في تمرير جميع القرارات بقوانين التي أصدرها عدلي منصور، وعبدالفتاح السيسي، وبلغ عددها 341 قانونًا، بخلاف قانون “الخدمة المدنية”، الذي تعرض للرفض بأغلبية 468 نائبًا.
أمر شكلي وتضييع للوقت
واعترف رئيس البرلمان، وكذا النواب، بأن إقرار القرات بقوانين التي صدرت في غيبة البرلمان هو أمر شكلي، وأن المناقشة فيها لا تقدم ولا تؤخر، وهو ما أيده أكثر من نائب بشعار “اللي بنعمله تضييع للوقت”.
وقالت النائبة إلهام السناوي: “احنا بنضيع وقت على الفاضي لأن نتيجة التصويت بتطلع بالموافقة وواحد أو اثنين معترضين يبقى ملوش لازمة اللي بنعمله”، وصفق النواب للنائبة وأيدها رئيس المجلس قائلًا إن الحديث فيها لا يؤثر بالسلب أو الإيجاب ونرجو التزام الهدوء حتى ننتهي من الملف الشائك”.
وكان المجلس بدأ دور انعقاده، الأحد 10 يناير الجاري، على أن تنتهي مهلة الخمسة عشر يومًا، التي منحها له دستور 2014، لمناقشة وإقرار القوانين التي صدرت في غيابه، والتي تنتهي يوم الإثنين المقبل؛ حيث تم توزيع القوانين على 19 لجنة فرعية، وعرضها على المجلس، الذي بدأ في تمريرها دون نقاش يذكر، من الأحد الماضي حتى أمس الأربعاء، لمدة 4 أيام فقط.
رفض قانون الخدمة المدنية
ولوحظ أن أعضاء ائتلاف “دعم الدولة”، ظهير السيسي في البرلمان، قد صوتوا في غالبيتهم مع رفض القانون، وأن أبرز نجوم هذا الرفض من مؤيدي السيسي هم: مصطفي بكري، وتوفيق عكاشة، وعبدالرحيم علي، وحمدي بخيت، وسعيد حساسين، وصلاح عيسى، وخالد يوسف، وصلاح حسب الله، ومحمد أنور السادات.
وصدرت تصريحات مطمئنة من قبل مسؤولين في الحكومة بأنه ستتم العودة إلى العمل بالقانون القديم، وأنه سيتم ضمان صرف رواتب الموظفين في موعدها لهذا الشهر، في أواخر الأسبوع المقبل.
تشكيك في دستورية القوانين
وحذر الفقيه الدستوري، محمد نور فرحات، من الطريقة التي يناقش بها مجلس النواب حاليًا القرارات الرئاسية بقوانين، مشددًا على أن تلك الطريقة تهدد بحدوث انهيار تشريعي وسياسي بالبلاد.
وكتب “فرحات” -في تدوينة له على صفحته الشخصية على “فيس بوك”-: “الأمر لم يعد يحتمل السكوت أو عرض أنصاف الحقائق: الطريقة التي يناقش بها مجلس النواب حاليًا القرارات الرئاسية بقوانين تهدد بحدوث انهيار تشريعي وسياسي بالبلاد”.
واستعرض الفقيه الدستوري أسباب هذا الانهيار المحتمل قائلًا: “1- المادة 156 من الدستور تطلبت مناقشة القوانين قبل إقرارها وإلا زال ما لها من قوة القانون بأثر رجعي دون حاجة إلى قرار بذلك”.
وتابع: “2- ما يجري الآن ليس مناقشة لأن المادة 177 من لائحة المجلس تشترط أن تكون مناقشة القرارات بالقوانين التي يصدرها الرئيس بنفس إجراءات مناقشة المشروعات بالقوانين التي تقدم للمجلس في الأوقات العادية”.
وقال فرحات: “3- المادتان 148 و149 من اللائحة تشترط أولًا الموافقة على القانون من حيث المبدأ، ثم الموافقة على مواد القانون مادة مادة مناقشة وتصويتًا. 4- ما يجري الآن ليس مناقشة، وهو مخالف للدستور ومخالف للائحة، وعملية صورية بحتة، وتعتبر هذه القوانين في حكم العدم دون حاجة إلى صدور حكم قضائي من المحكمة الدستورية”.
وواصل تحليله بقوله: “5- تبطل الآثار التي ترتبت على كل هذه القوانين المنعدمة ومنها انتخاب مجلس النواب ذاته لانعدام قانونه. 6- تحت دعوى دعم مصر يدمرون المستقبل السياسي والتشريعي لمصر اللهم إني بلغت اللهم فاشهد”.
خرق دستوري
وقال النائب خالد يوسف، إن هناك خرقًا دستوريًا واضحًا من رئيس المجلس، في تمرير قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 32 لسنة 2014 بتنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة.
وأضاف “يوسف” -في كلمة له في الجلسة العامة المسائية- أن المادة 121 من الدستور تتحدث عن أن القوانين المكملة للدستور تصدر بموافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس، في حين أن التصويت تم بثلثي الحضور وليس ثلثي عدد الأعضاء.
وطالب “يوسف” رئيس المجلس بمنح شباب النواب فرصتهم، معتبرًا أن هناك تعسفًا في استخدام سلطة رئيس المجلس في إخراج نواب شباب من الواجب احترامهم واحتوائهم والنظر إليهم بعين الاعتبار.
سلق للقوانين
وانتقد عصام الإسلامبولي الفقيه الدستوري، تعامل مجلس النواب مع القوانين الصادرة في غيابه قائلًا: “ده اسمه سلق للقوانين”، مشددًا على ضرورة احترام الدستور ومواده ومبادئه وعدم التحايل والالتفاف حول نصوصه.
وأوضح أن المادة 156 من الدستور اشترطت عرض ومناقشة القوانين وإقرارها أو تعديلها أو رفضها، أما الموافقة المبدئية بهذا الشكل دون مناقشة جادة للقوانين والقرارات التفاف على الدستور.
وتابع: “عملوا لجان ليه كانوا وافقوا على القوانين حزمة واحدة”، مشيدًا في الوقت نفسه بتوصية لجنة القوى العاملة برفض قانون الخدمة المدنية، متوقعا التحايل على هذه التوصية، وإقرار القانون في الجلسة العامة بدعوى تعديله في وقت لاحق.
ولفت الفقيه الدستوري إلى أنه تم توزيع بعض القوانين على اللجان بطريقة عشوائية دون مرعاة لاختصاص اللجان بالقوانين والقرارات، معتبرًا ذلك يشير إلى عدم وجود رؤية أو إستراتيجية بعيدة المدى لإقرار هذه القوانين من عدمه، ويعكس تخبطًا شديدًا في إدارة مجلس النواب، مشيرًا إلى أن هناك بعض القوانين مطعون على دستوريتها منها تحصين عقود الدولة.