في السابعة والنصف مساء الجمعة الماضية هام مسلحون أحد الفنادق في أوجادوجو والمقهى والقريب منه. قتل ٢٨ شخصا وأصيب العشرات في أحد أخطر حوادث الإرهاب في تاريخ بوركينا فاسو. تبنت إحدى الجماعات التي تنتمي للقاعدة وهي “القاعدة في بلاد المغرب” (أقم) الهجوم بعد وقت قصير.
وكما كان أحد الفنادق في مالي هدفا لاعتداءات هذه المجموعة فإن فندق سبلينديد في بوركينا فاسو كان هدفا واضحا لإرهابيين يسعون لارتكاب مجزة يلفتون بها أنظار العالم. في مدينة تقل فيها أماكن السكن الفاخرة, كانت الفنادق هي المفضلة لنخبة بوركينا فاسو, ورجال الأعمال الأجانب والعاملين بالإغاثة الذين يزورون البلد. أما مقهى كابتشينو الواقع قرب الفندق فهو غالبا متكدس بالسكان المحليين والمغتربين. وبحلول صباح السبت, كانت هناك ١٨ جنسية مختلفة بين القتلى.
وأشارت صحيفة “الجارديان” البريطانية، أنه في تصريح نشر على الانترنت, قالت الجماعة أن الهجوم هو بمثابة ” رسالة جديدة من أبطال الإسلام الأبطال, يخطونها بدمائهم وأجسادهم إلى عباد الصليب ومن احتلوا بلادنا ونهبوا ثرواتنا وزعزعوا أمننا.” ولكن إذا نحينا الغلو والدعاية جانبا, ما هي الرسالة التي تريد “أقم” إرسالها – وإلى من؟
بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية
هذه رسالة إلى تنظيمات جهادية منافسة, وبالذات تنظيم الدولة الإسلامية, أن “أقم” مرة أخرى أصبحت قوة لا يستهان بها.” وبعدما أضعفتها القتالات الداخلية, وجدت “أقم” أن انتشارها وتأثيرها يتلاشي بينما تنظيم داعش يحوز مكاسب كبيرة في شمال وغرب أفريقيا.
ولكن بعض هذه الإنقسامات قد تم علاجها بالفعل. والأهم من ذلك أن مختار بلمختار ووحدة المرابطين الخاصة به قد عادت إلى العمل مرة أخرى, وقد أعلنوا مسؤوليتهم عن كلا الهجومين في اوجادودو وباماكو.
أما بالنسبة لفرنسا
الهجوم هو رسالة لفرنسا وعملية وعمليتها “برخان” – وهي قوة مكونة من ثلاثة آلاف جندي تتجول في خمس دول هدفها القضاء على المتشددين الإسلاميين. ومفاد هذه الرسالة أن التدخل لن ينجح.
لدى عملية برخان قاعدة في اوجادوجو, وقد تدخلت قوات الكوماندوز الفرنسية في الرد على الهجوم يوم الجمعة – ولكن في ذلك الحين كان الوقت متأخر جدا. فتمدد “أقم” قد عاد مرة أخرى في قلب العاصمة الإقليمية, ما يبعث رسالة للمجتمع الدولي بأن القوات الفرنسية وحدها لا يمكنها التعاطي مع الأزمة.
وبالنسبة لبوركينا فاسو
كما كان هجوم الجمعة الماضية أيضا رسالة إلى حكومة بوركينا فاسو الجديدة بأنها واقعة ضمن نطاق تمدد عمليات جماعة “أقم”.
ربما يبدو الهجوم الأخير “كمحاولة من جماعة تنظيم القاعدة في المغرب ليس فقط لتعزيز وجودها كأكبر جماعة جهادية في المنطقة, بل أيضا لتظهر أنه بإمكانها نشر جملة العنف التي تتبناها إلى حدود جديدة,” هكذا قال المراسل الأمني لـ “بي بي سي” في أفريقيا, تومي أولاديبو.
تعتبر هذه بالفعل أخبارا سيئة للرئيس المنتخب حديثا روك مارك كريستيان كابوري, الذي تولى المنصب في نوفمبر الماضي بعد عام من الاضطراب السياسي الذي اعقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس بليز كومباوري.
وبالنسبة للشعب البوركيني
وأخيرا, يبعث هذا الهجوم رسالة مشؤومة إلى الشعب البوركيني: بأن نضالهم من أجل حقهم في تقرير المصير لم ينته بعد. فقد كانت الانتفاضة ضد كومباوري عام ٢٠١٤ متميزة جدا لأنها كانت سلمية نسبيا. حتى عندما انتزع السلطة من الحكومة المؤقتة أحد اتباع كومباوري في أواخر عام ٢٠١٥, كان رد الفعل الشعبي غاضيا جدا ولكنه في النهاية هادئ إلى حد بعيد. ولكن بالنسبة لجماعات مثل “أقم” الذين اختاروا سلوك الطريق المتطرف للتغير, فإن نجاح سلطة الشعب هو تهديد لوجودهم وعليهم تقويضه.
كما أن الهجوم يبعث برسالة قوية ويزرع بذور الخوف والشك وعدم الأمان وهو على نحو ما انتصار سياسي إيجابي لصالح الشعب البوركيني.