هل بدأت لتوّك في تعلّم لغة أجنبية ثانية و وجدت الأمر شاقًا و قررت – أو تشعرُ أنك ستقرر! – التوقف عن المُضيّ قدمًا قريبًا؟
هل سئمت حقًا من حفظ هذا الكمّ من الكلمات و تلعثمت مئات المرات في مُحاولة نُطقها بشكل صحيح دون أن تبدو مُضحكًا؟ أم أنك شعرت أن تصريف الأفعال حسب نهاياتها في الأزمنة الثلاثة عملية أعقد من دراسة فيزياء الكم؟!
هل أنفقت الكثير الطائل من المال في الدورات و الاختبارات اللغوية و قد شارفَ صبرك على الإنتهاء، و لولا أنك تحتاج الأمر بقوة ما فعلته؟ هل تخلل لك إحساس أنك لست موهوبًا في تعلُّم اللغات و أن الرائعين فقط هم من يفعلون؟
ولعلك كُنت محظوظًا كذلك و تمكّنت من إتقان واحدة، و قررت أنك لن تخوض هذه التجربة الحزينة مُجددًا من حفظ ملايين الكلمات و الروابط، و غمر رأسك بكثير من الصوتيات الغريب.
لكنك كذلك مفتون بكثير من اللُغات و تحلمُ يومًا أن تتحدثها كلها، و لكنه يبدو حُلمًا ساذجًا قليلًا.. لأن الأمر – برأيك – يبدو مستحيلًا!
حسنًا، هاك الأمر.. لست وحدك!
لكن هناك قومًا استطاعوا بالفعل أن يحققوا هذا الحُلم، و قد يكونون أقل منك مهارة و موهبةً بالمُناسبة.
فهذا Benny Lewis.. صديقنا الإيرلندي خفيف الظل.
درس بيني الهندسة في إيرلندا مُكتفيًا بالإيرلندية و الإنجليزية كلغة ثانية، و شاعرًا بالسلام الداخلي..كان هذا حتى عُمر الخامسة و العشرين، حين رأى صديقًا اسبانيًا كُلما مرّ عليه صديقٌ فرنسي ألقى عليه التحية و مازحه بالفرنسية، بعدها يمرُ صديقه البُرتغالي فيسأله عن شأن ما بالبرتغالية .. و هكذا!
أُعجب بيني بالأمر كثيرًا، و كان هذا هو إلهامه الاول ليبدأ في رحلة إتقانه اللُغات..
المُميز بشأن بيني هو أنه يتعلم أية لغة في خلال ثلاثة أشهر فقط!
و غالبًا ما يُسافر لهذه البلد و يتلقى اللغة من أهلها، و يُطبق ما أطلق عليه speak from day 1.. غير أنه لا يرى أن المرء ينبغي أن يكون في البلد الناطقة للغة التي يتعلمها لكي يُجيدها، فهو يقول أنه أتقن عدة لغات في غير بلادها.
وهذا الاسلوب يهدف إلى تنحية الكتب و قاعات الدراسة و الاوراق و كل هذه الامور جانبًا، و بدأ مُمارسة اللغة منذ اليوم الأول.
و هذه كلمة بيني يحكي تجربته كاملةً و كيف بدأ و استطاع أن يُحقق هذا.
و ها هو اليوم يُتم لُغته الثانية عشر و قد كانت العربية المصرية.
كما يوجد كذلك الشاب الأميريكي Tim donner الذي سجّل لنفسه مقطعًا يُمارس فيه عشرين لغة مُمارسةً مُتقنة، و كان عُمره
آنذاك ستة عشر عامًا.
بدأ تيم في تعلُم اللغات منذ صِغره من خلال الكُتب و قاعات الدراسة و المُمارسة عبر الإنترنت و في الأحياء الأجنبية الموجودة في أميركا و السفر لقضاء العُطلات في البلاد التي يتعلم لُغاتها.
يتحدث تيم الفرنسية و الهاوسا و الولوف و الروسية و الاسبانية و الايطالية و التركية و الفارسية و الاندونيسية و الالمانية و الصينية و اليديش و الهندية و الهولندية و السواحيلية و العربية و الانجليزية و الزوسا ( لغة شعب الزولو ) و الباشتو و العبرية.
وقد حقق هذا المقطع ثلاث ملايين مُشاهدة و نصف.. يُمكنك أن تُشاهده:
و ها هو تيم يحكي تجربته في حديثه في TEDxTeen:
وتيم ليس الوحيد كذلك، فهُناك مثلًا الشاب البرازيلي جورج الذي يبلغ من العمر الثانية و العشرين، يتحدث اثنين و عشرين لغة منها الروسية و الاسبانية و الهندية و الكرواتية و المنغولية و الاوكرانية و البولندية و الصينية و اليابانية و الايطالية و غيرها..
و يُمكنك أن تجد أمثلةً كثيرةً شابة مثلهما، مثل صديقنا الأوكراني الصغير ستانيسلاف- Stanislav الذي يبلغُ من العمر سبعة عشر عامًا..
سجّل ستان لنفسه مقطعًا يُمارس فيه اللُغات التي يتعلمها و قد بلغت العشرين أيضًا!
لعلك تفكر.. حسنًا، هؤلاء بدأوا مُبكرين جدًا و لستُ صغيرًا مثلهم..
لست وحدك كذلك!..فهذا السيد المُحترم لا يبدو لي شابًا يافعًا، لكنه مع ذلك يتحدث 24 لغة و يتقنهم إتقانًا كبيرًا..
فلا تحتاج أن تكون حديثَ السن لتبدأ الآن، لا يُمكن أن تكون مُتأخرًا جدًا..
و من تُراثنا، فإن النبي قد طلب من سيدنا زيد بن ثابت أن يتعلم العبرية لكي يُكاتب اليهود، فتعلّمها و حذقها في 17 يومًا فقط!.. ثم طلب منه تعلم السيريانية، فتعلمها في 14 يومًا فقط حتى كان يتحدثها مثل أهلها.
و كما رأيت، فإن التحدث بأكثر من لغة لا يبدو نشاطًا مُستحيلًا و لا خارقًا، كل ما يحتاجُه هو إستخدام الطُرق الصحيحة و المُمارسة الجيدة.