يقول الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الأميركية محمد المنشاوي: أن “تاريخ العلاقات السعودية الأميركية، يقوم على ما يمكن أن نطلق عليه عقدًا اجتماعيًا بين الرياض وواشنطن، اتبعت الرياض بمقتضاه سياسة خارجية محافظة لا تخرج عن النص الأميركى، لكن ما نشهده اليوم من سياسات خارجية سعودية تراها أغلبية خبراء واشنطن متهورة، وتراها أقلية منهم مستقلًة”.
وأوضح في مقال له نشر بصحيفة “الشروق” أن سياسات السعودية الخارجية في الأيام الأخيرة، أصبحت تمثل عامل اهتزاز لثوابت العلاقات بين الدولتين، وهو ما دعا البعض ليطالب بالتخلص مما يرونه عبئًا سعوديًا على واشنطن، على حد قوله.
كانت السعودية قد أعلنت يوم السبت الماضي عن إعدام 47شخصًا ممن وجهت لهم تهم “الاشتراك أو تنفيذ أو التخطيط لعمليات إرهابية” من بينهم رجل الدين الشيعي البارز “نمر النمر”، ما أسفر عن اشتعال تظاهرات واحتجاجات بإيران، وقام محتجون بالاعتداء على السفارة السعودية بمدينة مشهد الإيرانية، وهو ما أدى لقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين .
وأضاف : “وعلى الرغم من أن النفط لايزال يمثل أهمية كبيرة فى علاقات الدولتين، فإن تقارير وكالة الطاقة الدولية ترى أن الولايات المتحدة تخطت السعودية وروسيا لتصبح أكبر منتج للنفط فى العالم العام الماضى، وهو ما يثير التساؤل حول استغناء واشنطن عن النفط السعودى”، مشيرًا إلى أن واشنطن بدأت منذ الأسبوع الماضي بأول خطوة في تصدير النفط، حيث غادرت شاحنة نفط أميركية ميناء بولاية تكساس قاصدة أحد الموانئ الإيطالية.
ولفت في مقاله أن من بين أسباب وصف السعودية بـ”العبئ” على واشنطن، إعلانها رفض توقيع الاتفاق النووى بين الدول الكبرى بقيادة أميركية مع إيران، لرؤيتها أن الاتفاق يدشن لانفتاح أميركى، وتقارب لا تخطئه العين بين واشنطن وطهران، وهو ما اعتُبر بمثابة خذلان أميركى لأبرز حلفائها بعد إسرائيل.
وتابع : “ولم يقتصر شرخ العلاقات حول الملف الإيرانى، بل تمدد وشمل سوريا أيضًا، خاصة مع ما تراه واشنطن احتكارًا سعوديًا فى تحديد هوية المعارضة الشرعية، وتحديد حصص الفرقاء السوريين فى أى ترتيبات مستقبلية، ناهيك عن غضب الرياض من محدودية التدخل الأميركى العسكرى فى الأزمة السورية”.
وأشار إلى وجود أزمة بين البلدين أيضًا بسبب ماتقوم به السعودية في اليمن، والتى لم تخف فيها واشنطن انزعاجها مما آلت إليه وتيرة سير المعارك.
واوضح الكاتب ان عددا من الخبراء الأميركيين كشفوا عن ملامح علاقات بلادهم بالشرق الأوسط عام 2016، وذكر بعض هؤلاء الخبراء أنه بنهاية العام ستشهد العلاقات مع “الغريم الإيرانى” تحسنًا كبيرًا، فى حين ستشهد العلاقات الأميركية مع “الحليف السعودى” تراجعًا لافتًا”.
واختتم المنشاوي: لا أحد يتوقع انهيار العلاقة الخاصة بين أي رئيس أميركي مع ملوك الرياض فى القريب العاجل، إلا أنه من المؤكد أن المصالح المشتركة التى جمعت واشنطن بالرياض على مدى أكثر من نصف قرن تمر هذه الأيام باختبار صعب.