استنكر عدد من النشطاء الحقوقيين والمثقفين، عملية منع الدكتورة والكاتبة التونسية، آمال قرامي، من دخول مصر لإلقاء محاضرة في مكتبة الإسكندرية عن التطرف والإرهاب.
وأكد عدد من الحقوقيين في تصريحات خاصة لـ”رصد” أن ما حدث هو وصمة عار للنظام المصري، إذ كيف لدولة تقول إنها تحارب الإرهاب وتطارده في كل محفل دولي، وتمنع ندوات للمثقفين والحقوقيين الدوليين للتحدث عن خطورة الإرهاب.
وكانت قوات أمن مطار القاهرة قد منعت الكاتبة التونسية، آمال قرامي، من دخول مصر لإلقاء محاضرة في مكتبة الإسكندرية عن التطرف والإرهاب.
ونشرت الكاتبة التونسية شهادتها حول منعها من دخول مصر في تعليق على صفحتها الشخصة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” أمس، قائلة: “حين يغدو قلمي صنو السيف والرمح والكلايشكنوف مهددا لأمن البلدان.. أقول ذاك هو العجب العجاب، فما الذي اقترفت يدي؟”.
وأضافت قرامي: “حين يسحب منك هاتفك وحاسوبك ويقال لك إلى التحقيق يا محجوزة.. تفكر أكثر مرة.. في معنى التطرف والإرهاب”، متابعة: “حين ادعى لتقديم محاضرة حول تقييم مناهج البحث في التطرف والإرهاب: الحصيلة والمقترحات، ثم أعد في خانة الإرهابيين.. تستوي الأضداد.. تفكر أكثر مرة.. في معنى التطرف والإرهاب حين تحجز من الساعة الـ4,30 مساء إلى الـ8 والربع صباحا، ترى وتعاين وتخاطب فئات متعددة.. السوري صاحب التأشيرة المضروبة والملتحي، والمهربين للمخدرات والإفريقيات الطامعات في العمل.. كلها فئات تودع في الحجز..”.
وتساءلت: “وإذا المحجوزة حجزت بأي ذنب صودرت حقوقها: الحق في أن تعرف ما وجه الخطورة في الاشتغال بالفكر؟ والحق في أن تحفظ كرامتها، والحق في يتعامل معها تعاملا إنسانيا؟ حين تساق إلى غرفة الاستحمام برفقة أمني، وحين تساق إلى الطائرة ويصحبك الأمن ويرافق المرافق حتى تسليمك إلى الأمن التونسي.. وحين تجرد من جواز سفرك تغدو بلا هوية”.
واستكملت: “من أنا؟ القصة ذكرتني بمسلسل ليلة القبض على فاطمة، هل مقالاتي بالشروق المصرية طيلة 3 سنوات مزعجة إلى هذا الحد؟ هل هي مواقفي؟ هل هي ؟ هل هي؟ المهم أنني عرفت اليوم ما معنى أن تتحول إلى Persona non desiderata من المضحكات المبكيات.. زميلي الملتحي في الحجز قال لي ادعي لي يا دكتورة.. حيفرج الله عليك مش من مقامك الحجز.. خرج زميلي الملتحي بعد التحقيق سالما وحجزت للتحقيق المطول”.
واختتمت: “أشكر مكتبة الإسكندرية لكل جهودها المبذولة واعتذارها ومحاولاتها المتعددة لتنتزع لي إذنا بالدخول، وأرجو أن يتفهم المسؤولون لما أصررت على العودة إلى بلادي ورفضت محاولات تبذل في سبيل دخول أرض مصر.. مصر أم الدنيا.. مصر الثقافة.. الأدب والفن.. أقسمت أن لا أدخل بلدا غدوت فيه مهددة للأمن القومي، زرت بلدانا عديدة، سربيا، لوتوانيا، ماليزيا، الهند، تانزانيا، أوروبا، الولايات الأمريكية المتحدة، العالم العربي.. وحظيت فيها بتكريم رؤساء الدول، وعوملت معاملة قلما يحظى بها المثقف في بلده، وشعرت بالفخر والاعتزاز.. ما معنى أن تكوني تونسية ومع الأمن الوطني المصري أدركت ما معنى أن تكوني امرأة ونصف، لا تصمّت حتى وإن احتجز الحاسوب والقلم.. تنطق.. تندد.. وتأبى أن تعامل باعتبارها محجوزة”.
في المقابل أكد نجاد البرعي الناشط الحقوقي، أن ما حدث هو وصمة عار للنظام المصري، فكيف لدولة تقول إنها تحارب الإرهاب وتطارده في كل محفل دولي، وتمنع ندوات للمثقفين والحقوقيين الدوليين للتحدث عن خطورة الإرهاب.
وأضاف البرعي في تصريح لـ”رصد”: أن مصر الآن تضع نفسها في مواقف محرجة دون أي سبب، فمثل هذه السيدة لم تأت إلا لإدانة الإرهابة فكيف لنا أن نمنعها من الدخول للبلاد، وكأننا نقول للعالم “نحن بلد لا ترحب بالمثقفين أو نخب الدول الأجنبية وحتى لو كانت تدعمنا”.
واستنكر سمير فرج عضو الهيئة العليا بحزب المصريين الأحرار وعضو لجنة الثقافة والإبداع بالحزب، منع السلطات المصرية الكاتبة التونسية من دخول مصر قائلا: “مصر بلد الثقافة يمنع فيها المثقفون من الدخول، ما يجعلنا دولة مثل بلاد القمع وانتهاك الحريات”.
وفي تصريح لـ”رصد” طالب فرج وزارة الثقافة المصرية بتقديم اعتذار رسمي لـ”القرامي” وتوجيه دعوة رسمية لها لاستضافتها في مصر، عوضا عن القرار المهين الذي قامت به السلطات.
من جانبه، اعتبر الشاعر رفعت سلام، أحد مؤسسي حركة “دستور الثقافة” هذا الأمر بالمهين لمصر، قائلا: “النظام يترك لأجهزة وجنرالات الأمن الحرية المطلقة في إدارة شؤون البلاد، والتعامل كان فظا مع قرامي لأنها جاءت بدعوة رسمية من مكتبة الإسكندرية”، واصفا موقف وزارة الثقافة بـ”المخزي” في التعامل مع الأزمة، وأنها لا تؤدي دورها المعني تجاه مثل هذه القضايا، والبيروقراطية غالبة على تعامل جميع المسؤولين داخلها.