عكف العسكر علي مدار عقود مضت علي إيجاد وسائل لإلهاء هذا الشعب المكلموم في حكامه حتي لا يصبح له هدف سوي ما يحدده له النظام الحاكم. و من اهم هذه الوسائل لقمة العيش فكم من أجيال ضاعت وتأخرت معها بلدنا بسبب هذه الأمنية “توفير حياة كريمة لأسرته” حتي أصبحنا قسمين ؛ الاول قسم العسكر ومن حولهم ممن يبحثون عن الترف والمتعة في هذه الحياة والقسم الثاني فقط يبحث عن الحياة و لن يجدها ايضا إلا بالذل والمهانة. ‘ و مؤخرا صنع العسكر وسيلة جديدة فجعلوا من كرة القدم و اخبارها قضايا رأي عام فأصبح إنتصار فريقنا الذي نشجعه إنتصارا يستحق المتابعة والمؤازرة و التسمر امام احدي شاشات التلفاز لعدة ساعات إن لما يحالفنا الحظ بالفوز بمقعد في ملعب المباراة. و عندما ظهرت روابط الاولتراس لتفسد عليهم فكرتهم الخبيثة تصدوا لهم بكل جرم من خلال الإعتداء عليهم و إعتقال أعضائها . و منذ الثالث يوليو وحتي الان ولا نعلم إلي متي. نجح الإنقلاب بكل مؤسساته في صناعة اهداف صغيرة لكل معارضيه حتي انشغل كل منا بهدفه الصغير و قصرنا ( ومعنا الاعذار) في تحقيق الهدف الاكبر وهو إسقاط هذا الإنقلاب.
ساحكي لكم قصص قصيرة (إشتغالات) عايشتها اخر لكي يتضح لكم كيف نجحوا في إشغالنا عن هدفنا الكبير .
البداية مع إشتغالة إبن بلدتي ( د:خالد ) شاب يعمل باحد المؤسسات الحكومية ،منذ الإنقلاب ينظم ويشارك ويشجع الناس علي الثورة في وجه هذا الغاصب. اراد الإنقلاب ان يصنع له هدف صغير يشغله به فاقتحم بيته مرات عديدة فاصبح له هدف جديد و هام وهو ان يجد بيتا يأويه ليلا ويحفظه من شر الاوغاد. ولكن هذا لم يحول بينه و بين هدفه الاكبر .ففصله من عمله الحكومي و اصبح علي قائمة المطلوبين الاهم في بلدته فصنعوا له اهداف عديدة منها توفير عمل و مسكن خارج بلدته..هنا نجحت خطتهم فقد اصبحت الاهداف الصغيرة التي صنعوها له ضرورة ملحة..
إشتغالة رفيقي ( محمود ) شاب ثوري بامتياز شارك في كل المناسبات الثورية حتي التي لم تدعوه لها جماعته اهدي مصر كل شئ فأهدته رصاصة في الحوض و 17 شهر في ليمان طرة. ظن ان مع خروجه سيصبح الوضع افضل ولكن صنع له الإنقلاب اهداف اخري تشغله عن الهدف الاكبر فمنهم هدف إكمال دراسته الجامعية الذي تأخر بها بسبب إصابته وإعتقاله . وايضا يبحث عن الامان و الزواج ..ايضا هذا نجحوا في إشغاله.
إشتغالة صديقي ( محمد ) شاب إكاديمي واحد الكوادر الشبابية في حزبه الحاكم حينئذ . قضي في المعتقل قرابة العام ونصف. و عندما خرج صنعوا له اهداف صغيرة فقرار إخلاء سبيله ينص علي حضوره اسبوعيا للقسم التابع له فاصبح مرور هذا اليوم بسلام هدفا له .. ربما الهدف لك صغير ولكنك لو عشت هذه اللحظات لعرفت انها ليست بالسهلة.
إشتغالة اخي ( وائل ) “رجل اعمال شاب يمتلك شركة صغيرة تمثل له الحاضر والمستقبل ،ينتمي لاحد الحركات الثورية ، خرج من المعتقل وجد شركته تحتاج الكثير والكثير من الاهتمام والعمل الدؤب حتي ترجع لسابقتها .فاصبحت هي صوب اهتماهه و مني احلامه”
إشتغالة صديقي ( ياسر ) “احد الشباب الموهبة يجلس امام جهاز الكمبيوتر الخاص بها لساعات فتخرج لوحة فنية توصل الرسالة ببساطة . قضي في المعتقل اشهر عدة ما كان يظن يوما انه سيقضي و لو يوما منها هناك. و ما ان خرج ووجد اهدافا جديدة في إنتظاره فاصبح يبحث عن عملا جديد و إكمال دراسته و الهدف السائد ايضا كيف يأمن مكر الاوغاد”
و كاتب هذه السطور ايضا اصابه ما اصاب القوم فهو يشترك مع بعضهم في اهدافهم الصغيرة وغيرهم الكثير والكثير. ونهاية اري بأن المخرج من ازمتنا بالبحث عن اهداف جديدة نصنعها نحن لا العسكر تطور من إمكانيتنا و مهارتنا وتقوي فكرتنا و في النهاية هي في طريق تحقيق الهدف الاكبر وهو إسقاط هذا الإنقلاب وبناء دولة تستحق ان توصف بهذه الكلمة) “الإشتغالة اكيد جزء من حياتنا بس عايزين نشتغلها عشان متشتغلناش”
* القصص حقيقة والاسماء فقط وهمية و تم استخدامها لإكمال السياق.