أكد خبراء زراعة وبيئة، أن مشروع المليون فدان، الذي دشنه عبدالفتاح السيسي، أمس، يقضي على المياه الجوفية لمصر، ويهدر الاستثمارات التي من المتوقع ضخها، مؤكدين أن هذا المشروع إهدار للمال العام في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر.
لم يقدم الدراسات البيئية والجيوجرافية الكافية
وقال الدكتور صبري عبدالمنعم، وكيل وزارة البيئة السابق، إن هذا المشروع لم يقدم له الدراسة البيئية والجيوجرافية الكافية، مشيرًا إلى أنه يتوقع الفشل السريع للمشروع.
وأوضح “صبري” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن المشروع يعتمد على المياه الجوفية في الفرافرة، مشيرًا إلى أن المياه الجوفية في الفرافرة غير متجددة، ومن المتوقع أن تجف سريعًا، وأن تتملح مياه الآبار وتجف نهائيًا، وأن بعض المناطق وصل عمق الآبار إلى 3 آلاف متر.
وأشار صبرى إلى أن هذا يهدد الاستثمارات الضخمة لهذا المشروع، وأن المياه الجوفية الموجودة الآن تكفي الزراعة الموجودة حاليًا.
الأراضي توزع للكبار
وتساءل المهندس حسام رضا، الخبير الزراعي، عمن يجب أن يوجه له هذا المشروع، مشيرًا إلى أن التوزيع على مجموعة شركات مثل “سافولا” التي حصلت على 50 ألف فدان وغيرها من الشركات الكبرى، في ظل وجود 3 ملايين فلاح يملكون أقل من فدان، ومن الأولى أن توزع عليهم هذه الأراضي.
وأوضح أنه لا يجب أن يقوم مشروع به 330 ألف فدان في سيناء توزع جميعها على الشركات الكبرى، ولا يوجد نصيب للفلاح الذي يتحول من فلاح إلى عامل في مزارع الشركات الكبرى.
وأضاف حسام -في تصريح خاص لـ”رصد”- أنه في ظل أزمة المياه ونقص المياه الجوفية، كان من الممكن زيادة الطاقة الإنتاجية للأراضي في الدلتا، واستصلاح أراضٍ في بني سويف لم تستصلح، مشيرًا إلى أن هذه الأسئلة يجب أن تطرح للنظام الحالي أيًا كان هذا النظام.
لا توجد موارد مائية كافية
وقال الدكتور أحمد الشناوي، الخبير الجيولوجي، إن مشروع الاستصلاح المطروح فاشل بنسبة مائة في المائة، مؤكدًا أنه لا توجد موارد مائية كافية لتغطية المشروع، وأن الحديث عن طرح أراضٍ قريبًا “كلام وردي لا يستند إلى واقع”.
وأكد “الشناوي” أن المياه الجوفية محدودة للغاية بمنطقة الفرافرة؛ وذلك لأن مصدر المياه “غير متجدد”؛ حيث إن الطبقة الناقلة للمياه تسمى بـ”الحجر الرملي النوبي”، وهي طبقة قادمة من بحيرة تشاد، وهذه البحيرة ـعلميًاـ بدأت تجف، ولذلك فإن مصدر المياه في هذه المنطقة مهدد بالزوال.
وطالب “الشناوي” بإجراء دراسات سريعة على “الطبقة الناقلة للمياه الجوفية بالمنطقة”، مستغربًا من عدم إجراء تلك الدراسات قبل البدء فعليًا في المشروع بعد أن استنزفت مصر الملايين في حفر الآبار الجوفية التي سيأتي عليها يوم وتجف، قائلًا: “إن هذا اليوم قريب جدًا، ربما قبل البدء الفعلي في المشروع”.
وأكد الخبير العالمي، أن “فالق كلابش” وهو الناقل للطبقة الجوفية، حدث به انكسار كبير يسرب المياه ولا يحفظها، مؤكدًا أن الموارد المائية لهذا المشروع “غير مضمونة”، وبنظرة جيولوجية بسيطة فإن المياه لن تستمر طويلًا في منطقة الفرافرة الجديدة.
وفي السياق ذاته، قال ولاء الشيخ، الخبير المائي، إنه لا يجوز الحديث عن مشروع المليون ونصف المليون فدان الآن؛ لأن مصر تواجه مشكلة أكبر بكثير من هذ؛ وهي مياه النيل المهددة بعدم الانسياب إلى مصر، معلقًا على استصلاح الأراضي الجديدة قائلًا: “هم يضحك وهم يبكي”.
تعظيم الاستفادة من المساحة المزروعة
وعلق محمود البرغوثي، أمين الإعلام في الاتحاد العام للفلاحين المصريين، قائلًا: “إن تعظيم الاستفادة من المساحة الفعلية المزروعة في مصر حاليًا (٩ ملايين فدان)، أكثر نفعًا من إضافة مليون فدان جديدة، قي الوقت الراهن”.
وأشار البرغوثي، إلى أن أرض الوادي والدلتا القديمة تبلغ نحو ٦.٥ مليون فدان، تعاني من عدة مشاكل، وحلها كفيل برفع إنتاجيتها بنحو ٥٠%، كما أن المساحة الصحراوية التي أعلن عن زراعتها منذ ما قبل ١٩٩٧، تتخللها ما لا يقل عن مليون فدان غير مزروعة، لافتًا إلى أنه يجب إعطاء أصحابها مهلة لمدة عام، بالزراعة الجادة أو السحب.
وأضاف -في تصريح خاص لـ”رصد”- “أن آلية تنيفذ المشروع نظرية فقط لا تخضع إلى دراسات جادة لتنفيذه”، ﻻفتًا إلى أن تكلفة حفر البئر بعمق ٣٠٠م وتجهيزها للتشغيل الفعلي، تكلف الدولة ١.٢ مليون جنيه -وفق مناقصة وزارة الري (لكبار المقاولين)- فيما لا تتكلف البئر نفسها بالمواصفات نفسها نحو ٤٥٠ ألف جنيه (تنفيذ صغار المقاولين)، ما يوفر من تكلفة بنية المليون فدان نحو ملياري جنيه للدولة.
وأكد أن المشكلة الحقيقة ليست فى التوسع الأفقي الزراعي، بل في التوسع الرأسي بزيادة الإنتاجية من الفدان، باستخدام معدلات الري والتسميد نفسها (لتعظيم الاستفادة من وحدة الأرض والمياه)، وبعدها يأتي أيضًا دور التسويق الزراعي، مشيرًا إلى أن هناك ملايين الفلاحين الذين سيتضررون جراء عدم وجود آلية آمنة لبيع محاصيلهم.
مشاريع النظام عبء على مستقبلنا
وأعرب الناشط السياسي شادي الغزالي حرب، عن تخوفه من اعتماد مشروع “المليون ونصف المليون فدان” على المياه الجوفية، مشيرًا إلى أن “مصر تعاني من خطر سد النهضة”، على حد قوله.
وقال شادي الغزالي حرب -من خلال تغريدة له على صفحته بموقع “تويتر”-: “كيف نستنزف المياه الجوفية ونحن نعاني من خطر سد إثيوبيا؟! الحكاية مش مجرد تريقة أو فنكوش أقصى أملي الآن ألا تكون مشاريع النظام عبئًا على مستقبلنا”.