أصبح الاقتصاد المصري في خطر محدق؛ بعد إعلان السعودية والكويت والإمارات عن تبني خطة للتقشف ورفع الدعم وترشيد الإنفاق الحكومي، ما يعني نضوب المساعدات الخليجية لمصر، خلال الفترة المقبلة.
المساعدات الخليجية
وأكد خبراء ومراقبون، أن المساعدات الخليجية لمصر أصبحت في مهب الريح مع هذه القرارات؛ حيث سجلت الموازنة السعودية العجز الأكبر في تاريخها.
ويسعى عبدالفتاح السيسي الحصول على ثلاثة مليارات جديدة من دول الخليج لمواجهة تناقص الاحتياطي من النقد الأجنبي، في ظل عودة أزمة الدولار مع بداية العام الميلادي الجديد.
أزمة سعودية كويتية إماراتية
ويرى المراقبون، أن قرارات الملك سلمان التي أعلنها بالمملكة، وإعلان وزير الشؤون المالية بدولة الكويت، أمس، عن فرض رسوم وضرائب على 12 سلعة وخدمة، فضلًا عن فرض الإمارات لرسوم على تحويلات العاملين بها، يؤكد أن المساعدات الخليجية قد انتهت، خاصة أن السيسي قام بتبديد ما يقرب من 40 مليار دولار حصل عليها من دول الخليج.
ووجه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإطلاق برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة، تشمل الحد من تنامي المرتبات والأجور والبدلات، وترشيد الإنفاق الحكومي، وكذلك استحدث رسوم جديدة على التبغ والمشروبات الغازية.
وكان مجلس الوزراء قد أقرَّ، برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1437-1438هـ 2016؛ حيث بلغت الإيرادات 513 مليار ريال والمصروفات 840 مليار ريال.
خطوات ترشيد الإنفاق السعودية
وكانت الصحف السعودية قد نشرت، اليوم، خطوات ترشيد الإنفاق كما أعلنها العاهل السعودي على النحو التالي:
– العمل على الحد من تنامي المصروفات الجارية، وخاصة الرواتب والأجور والبدلات وما في حكمها والتي بلغت (450) أربع مئة وخمسين مليار ريال، والتي تزيد على (50) بالمئة من المصروفات المعتمدة بالميزانية.
ـ مراجعة مستويات الرسوم والغرامات الحالية، واستحداث رسوم جديدة، واستكمال الترتيبات اللازمة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي أقرها المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته السادسة والثلاثين التي عقدت في الرياض في شهر صفر 1437هـ، بالإضافة إلى تطبيق رسوم إضافية على المشروبات الغازية والسلع الضارة؛ كالتبغ ونحوه.
– رفع كفاءة الإنفاق التشغيلي للدولة، ويتضمن ترشيد نفقات الأجهزة الحكومية، وتوظيف الاستخدام الأمثل للتقنية في تقديم الخدمات الحكومية، وتطوير وتفعيل آليات الرقابة.
الكويت تتقشف
وكانت لجنة الدعوم الحكومية بالكويت، قد قررت، الأسبوع الماضي، أن يكون تطبيق البرنامج الإصلاحي للميزانية وترشيد الإنفاق تدريجيًا على مدى 3 سنوات؛ حتى لا يشعر المواطنون والمقيمون بالصدمة، حال تطبيق خفض الدعوم وزيادة الرسوم دفعة واحدة بالحد الأقصى.
وتوقعت المصادر أن يتم التدرج اعتبارًا من بداية السنة المالية المقبلة مطلع إبريل القادم، بخفض الدعم ورفع أسعار بعض السلع والخدمات، على أن تكتمل عملية خفض الدعم وزيادة الرسوم على السلع والخدمات المدعومة من الدولة في نهاية مارس 2019.
وقدرت المصادر إجمالي المبالغ المتراكمة التي ستوفرها ميزانية الدولة بعد تطبيق السياسات التصحيحية في منح الدعوم فقط خلال السنوات الثلاث الأولى، ما يتراوح بين 4 الى 6 مليارات دينار، دون احتساب المبالغ التي ستتحصل عليها الدولة من رفع الرسوم الإيجارية لأراضيها ومبانيها، التي لم يتم حسابها حتى الآن.
انتهاء عصر المساعدات
ويؤكد الخبير الاقتصادي ونقيب الصحفيين الأسبق ممدوح الولي، انتهاء عصر المساعدات الخليجية لمصر، مشيرًا إلى أن الاقتصاد المصري يعاني من أزمة كبري من المتوقع أن تتفاقم خلال الفترة القادمة، في ظل عجز الموازنة وتوقف الدعم الخليجي لمصر.
وأشار “الولي” -في تصريح خاص لـ”رصد”- إلى أن المساعدات السعودية الأخيرة لمصر في صورة استثمارات، مشيرًا إلى أن أسلوب المساعدات الخليجية بدأ في التغير منذ بداية عام 2015.
وأوضح “الولي”، أنه بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، بدأت المساعدات الخليجية إلى مصر في صورة ودائع وقروض كبيرة لإنقاذ الاقتصاد المصري من الانهيار، واستمر هذا الأسلوب لمدة عام ونصف العام إلى بداية عام 2015؛ حينما تحول الأسلوب من ودائع إلى قروض، ثم تحول الآن إلى صورة استثمارات خليجية؛ حيث أصبح الخليج لا يتحمل إقراض مصر.
وأكد “الولي” أن الخليج وخاصة السعودية يعانون من أزمة اقتصادية كبيرة؛ بسبب انخفاض سعر البترول وحروب اليمن وسوريا التي أدت إلى عجز في الموازنة والتي يتوقع أن يصل إلى 19%، بحسب صندوق النقد.
زيادة الضرائب وخفض الإنفاقات
ويقول الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي: إن قيام مصر حاليًا بالتفاوض مع المملكة العربية السعودية بشأن الحصول على منح، وقروض، ووديعة جديدة، ليس أمرًا جديدًا؛ لأن المملكة أعلنت في مؤتمر مارس الماضي بشرم الشيخ عن مساعدات تقدر بـ2 مليار دولار، وإلى الآن لم تكتمل هذه المساعدات.
وأضاف “أعتقد أن السعودية لا تستطيع في الوقت الحالي أن تعطي مصر قروضًا أو منحًا، لكونها تمر بضائقة مالية هي وكل دول الخليج بسبب انخفاض أسعار النفط”.
وتابع -خلال تصريحات صحفية-: “للمرة الأولى يوجد تخفيض في التصنيف الائتماني للسعودية، ووجود عجز في الموازنة الكويتية، بسبب انخفاض أسعار النفط”.
وأوضح “نافع” أنه يجب زيادة الإيرادات الضريبية، ومحاربة التهرب الضريبي، وخفض النفقات؛ لأن عجز الموازنة المصرية مرشح للزيادة وليس النقصان”.