جدل سنوي يتكرر بداية كل عام، ألا وهو حكم تهنئة المسيحيين بـ”عيد الميلاد”، إذ أكد غالبية علماء الأزهر الشريف أن الإسلام لا يمنع تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ومناسباتهم والتزاور معهم ما لم يكن بينهم وبين المسلمين عداوة أو قتال، بل إن الإسلام حث على التعامل مع أهل الكتاب.
وصرّح مفتي الديار المصرية السابق، علي جمعة، بأن تهنئة غير المسلمين بالمناسبات الاجتماعية والأعياد الدينية الخاصة بهم كعيد ميلاد السيد المسيح، ورأس السنة الميلادية جائز باعتبار أن ذلك داخل في مفهوم البر، وتأليف القلوب شريطة أن لا يشارك مقدم التهنئة في ما تتضمنه الاحتفالات بتلك الأعياد من أمور قد تتعارض مع العقيدة الإسلامية.
كما أجاز الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، على أساس أنها من البر الذي لم ينه الإسلام عنه، وقال القرضاوي: بمناسبة احتفالات المسيحيين بأعياد رأس السنة الميلادية، أجيز تهنئتهم إذا كانوا مسالمين للمسلمين، خصوصا من كان بينه وبين المسلم صلة خاصة، كالأقارب والجيران في المسكن، والزملاء في الدراسة، والرفقاء في العمل.
بابا الفاتيكان وياسر برهامي
انتقد البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، الاحتفال بعيد الميلاد واصفًا إياه “بالجاهلية” وأنه صورة زائفة تصور حكاية خرافية مائعة، لا وجود لها في الإنجيل، على حد تعبيره.
وأضاف في صلاة التبشير الملائكي في عيد القديس ستيفانو الشهيد الأول، وتذكر “المعنى الحقيقي للتجسيد”، الذي يربط “بيت لحم إلى الكالفاريو”، ويتذكر “أن الخلاص الإلهي ينطوي على مكافحة الخطيئة، عبر الباب الضيق للصليب، وهذا هو السبيل الذي علمه السيد المسيح لتلاميذه، كما يتضح من إنجيل اليوم”.
بينما أشار الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية، إلى أنه لا يجوز تهنئة الأقباط بعيد الميلاد، لأنه يخالف الشرع الإسلامي القائل بعدم صلب سيدنا عيسى عليه السلام، مضيفا: “تهنئة الأقباط بالزواج وعيادة مريضهم ما حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم”.
وقالت صفحات تابعة للدعوة السلفية وحزبها السياسي “النور”: “بابا نويل شخصية مسيحية وترمز للقسيس “نيكولا” يساعد الناس، وله قصص، فيُقدسونه تعظيمًا للمسيحية”.
وأضافت: “معنى كلمة بابا نويل تفصيلاً ها هي العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى اسمه عمانويل الذي تفسيره الله معنا، فـ”عما نويل” كلمة عبرانية تفسيرها بالعربي “إلهنا معنا” ومعناه عند النصارى “الله معنا”.
وتابعت: “فهذا الشيخ الكبير ذو اللباس الأحمر واللحية البيضاء الذي يسمونه “بابا نويل” هو الإله الأب الذي ولد له مولود من مريم وهو عيسى الابن، فيقوم الأب الإله بتوزيع الهدايا في يوم ولاده ابنه عيسى عليه السلام”.
انقسام الكنائس
طوال تاريخ المسيحية حتى القرن الخامس ظلت الكنيسة دون تعدد للطوائف، لكنها كانت تنقسم إداريًا لأربعة كراس رئيسية، وهي كرسي الإسكندرية وكرسي أنطاكية وكرسي القسطنطينية وكرسي روما، إضافة للكنائس التي كانت تخضع لهذه الكراسي، وكانت كل كنيسة منهم متفقة في الإيمان رغم خلافهم في اللغة والثقافة وبعض الطقوس وشكل الكنائس، ولم يحدث الانشقاق إلا عندما اختلفوا في العقيدة في القرن الخامس.
حدث أول انشقاق في الكنيسة خلال مجمع خلقدونية عام 451م، حيث انفصلت كنيسة روما “الكنيسة الكاثوليكية” برئاسة البابا لاون الأول وكنيسة القسطنطينية “يعرفون اليوم بطائفة الروم الأرثوذكس” من جهة، وكنيسة الإسكندرية برئاسة البابا ديسقوروس الأول “الكنيسة القبطية الأرثوذكسية”، وكنيسة أنطاكية “الكنيسة السريانية الأرثوذكسية”، وما يتبعهم من كنائس مثل الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية والكنيسة الإثيوبية التي لم يكن لها كيان مستقل وقتها، من جهة أخرى.
حدث ثاني انشقاق في داخل الكنيسة الكاثوليكية نفسها، عندما أراد الملك هنري الثامن ملك إنجلترا أن يطلق زوجته ليتزوج بأخرى، وهو ما لم يبحه المعتقد الكاثوليكي، فأعلن انفصاله عن كنيسة روما عام 1533، وأسس الكنيسة الإنجليكانية ليصبح ملك أو ملكة إنجلترا هو من يرأس الكنيسة حتى الآن.