بعد أسابيع من الحكم على 26 عسكريًا مصريًا بأحكام تتراوح بين السجن المؤبد والمشدد؛ بتهم المشاركة في التخطيط لانقلاب على عبدالفتاح السيسي، كشفت عدة وسائل إعلام، أن القضاء العسكري أصدر -في سرية تامة- حكمًا بالإعدام منذ نحو أسبوعين، على ثلاثة ضباط في الجيش.
وتعتبر هذه هي القضية الثانية، خلال فترة قصيرة، التي يتم محاكمة ضباط فيها بتهم الانقلاب، وهذا ما يثير التساؤلات حول حالة الغضب داخل الجيش من سياسية عبدالفتاح السيسي.
ارتباك داخل الجيش
يقول اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري، إن أي تجمع داخل الجيش حتى ولو كان صغيرًا بهدف إحداث انقلاب في الجيش، يسبب ارتباكًا كبيرًا داخل صفوف الجيش ولا يمكن الاستهانة به.
وأضاف “مسلم” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن الكشف ومحاكمة ضباط جيش مرتين بتهم الانقلاب، إن صح، فهو مؤشر خطير جدًا، مشيرًا إلى أن المخابرات الحربية تقوم بدور كبير للتخلص من هذه الحركات سريعًا.
وتابع: “على الرغم من أن احتمالات تكوين مجموعات معارضة داخل الجيش بهدف الانقلاب ضعيفة جدًا، لكنها ليست مستبعدة ويجب الانتباه لها جيدًا”.
غضب الجنود
ويعلق المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية، إسلام الغمري: “الأحكام لها دلالة واضحة، وهي أن المؤسسة العسكرية متمثلة في الجيش المصري؛ غير راضية عن ما يفعله قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي”، وأن “هناك الكثير من الاحتقان داخل هذه المؤسسة”.
وأضاف “الشرفاء داخل الجيش كثر، ونناشدهم أن يعبروا بمصر إلى بر الأمان، واحترام الإرادة الشعبية، وقواعد الديمقراطية”.
وأكد أن السلطات “تضلل الشعب، وتمارس الكذب، وتريد أن توهم العالم بأن الجيش المصري على قلب رجل واحد، وهذا غير صحيح”.
التخطيط لاغتيال السيسي
وقالت مصادر صحفية لـ”العربي الجديد”، إن الضباط الثلاثة الذين تم الحكم عليهم بالإعدام وُجّهت لهم اتهامات عدة؛ منها التورط بالتحضير لانقلاب عسكري، والتخطيط لاغتيال عبدالفتاح السيسي.
وأضافت المصادر، “أن مخطط الضباط الثلاثة، وفقًا للاتهامات، كان ينص على قتل السيسي وخلق حالة من الفوضى، والتمهيد إلى حراك في الشارع تقوده أطراف من القوات المسلحة”، مؤكدة أنه “تم ضبط تفاصيل المخطط، وكمية من المتفجرات”.
وكشف مصدر آخر، أن “الضباط الثلاثة كانوا يجهزون لتفجير طائرة رئيس الجمهورية خلال إحدى السفريات التي يقوم بها إلى الخارج”.
ليس الحكم الأول
هذا الحكم ليس الأول بحق عسكريين في عهد السيسي؛ حيث إن القضاء العسكري كان قد أصدر أحكامًا على 26 ضابطًا في الجيش واثنين من قيادات جماعة “الإخوان المسلمين” هما أمين حزب “الحرية والعدالة” في محافظة الجيزة، حلمي الجزار، وعضو مكتب الإرشاد في الجماعة، محمد عبدالرحمن المرسي.
وتراوحت الأحكام الصادرة بحق الضباط الـ26، ما بين السجن 10 سنوات و15 عامًا، والمؤبد، بعد أن وجهت لهم تهم: الانضمام لجماعة “الإخوان المسلمين”، والتجهيز لانقلاب على رئيس الجمهورية والحكومة والسيطرة على المنشآت الحيوية مثل مبنى وزارة الدفاع ومبنى التليفزيون، ومدينة الإنتاج الإعلامي.
وأكد أهالي الضباط الـ26، أنهم تعرضوا لتعذيب شديد داخل السجن الحربي، خصوصًا في ظل عدم وجود أية أدلة مادية على الاتهامات الموجهة لهم وأن جميعها عبارة عن كلام مرسل.
وحدد القضاء العسكري، يوم الخميس المقبل، كآخر موعد لتلقي طلبات الاستئناف على الحكم في القضية كآخر مرحلة تقاضٍ.
ترهيب الجنود
وفي محاولة لترهيب الجنود داخل الجيش من أي محاولة لمعارضة السلطة الحالية، كشفت مصادر سياسية مصرية، أن “الاستخبارات العسكرية أرسلت لائحة الاتهام والأحكام الصادرة في حقّ 26 ضابطًا في القوات المسلحة، إلى مسؤولي الوحدات العسكرية المختلفة، لنقلها للجنود والضباط، فيما يُعرف بالمحاضرات التثقيفية؛ بغية تحذيرهم من محاولة تفكير أيّ منهم في رفض أو التمرد على القرارات العسكرية”.
وأفادت المصادر، أن “الهدف من خطوة الحديث عن القضية في المحاضرات التثقيفية، هو إرهاب الضباط والقيادات العسكرية غير المؤيدة للسيسي، والذين يرفضون النهج الذي يسير عليه بتوريط القوات المسلحة في الحياة السياسية، وخلق عداوة بينه وبين أبناء الشعب المصري، من خلال تأكيد أن أي شخص من أبناء القوات المسلحة سيفكر في إبداء اعتراضٍ على ذلك سيتم التنكيل به وسيدمر مستقبله”.
أحكام ملفقة
من جهته، قال الناشط الحقوقي، هيثم أبو خليل، إن الأحكام ضد الجنود المصريين تمت على خلفية تهم ملفقة.
وأضاف “أبو خليل” -في تصريح خاص لـ”رصد”- “لا انتماءات سياسية للمحكومين”، وذووهم آثروا الصمت خوفًا على مستقبل أبنائهم، وتصوروا أن التحدث إلى وسائل الإعلام سوف يضر بقضيتهم”.
ووصف “أبو خليل” القضية والأحكام الصادرة فيها، بأنها “عملية إرهاب لتخويف الضباط الآخرين”، لافتًا إلى أنه “تم ضم مدنيَّين إلى القضية؛ حتى يتم استكمال الشكل الصوري لها، وهما القياديان في جماعة الإخوان، حلمي الجزار، ومحمد عبدالرحمن”.
وبيًن أن “كل من يتم ترقيته إلى رتبة مقدم فما فوق، لا بد أن يكون ملفه خاليًا من أية انتماءات سياسية أو حزبية أو فكرية، ولا يرتبط أحد من عائلته، حتى الدرجة الرابعة، بأي جماعة دينية”، مؤكدًا أن المحكومين “ضباط مخلصون، ووطنيون، وبعضهم حاصل على دورات تدريبية، وبعثات خارجية تشهد لهم بالكفاءة”.