قال الكاتب الصحفي محمد المنشاوي: إن كلمة وزير الدفاع الإسرائيلي أمام جلسات منتدى سابان السنوي للعلاقات الأميركية – الإسرائيلية 2015، والذي انعقد قبل أيام، تضمنت تصورًا إسرائيليًّا للمنطقة ومستقبلها، وهو ما دعاه ليتساءل: “هل يستطيع حكام العرب إحياء القضية الفلسطينية؟!”.
وكتب في مقاله له بصحيفة “الشروق” تحت عنوان “إسرائيل ومعسكرات العرب الثلاثة” أن الوزير الإسرائيلي موشي يعلون انتقد الإدارة الأميركية، وهاجم استراتيجية الرئيس أوباما في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، وحذر يعلون من استمرار وقوف واشنطن متفرجة على ما يجري في الشرق الأوسط من أحداث خطيرة.
وأشار المنشاوي -في مقالته- إلى أن يعلون اتهم سياسات إدارة أوباما بدفع الأردنيين والسعوديين للهرولة نحو الروس، وهو ما لا يسعد إسرائيل كما ذكر، ويعقد منتدى سابان مرة واحدة سنويًّا، وشارك في حوارات هذا العام رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه، ووزير الخارجية الأميريكي والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وأضاف المنشاوي: “أشار يعلون إلى أن سوريا ستعاني ولمدة طويلة من غياب الاستقرار في ظل غياب أي أفق لنهاية هذه المأساة، وطالب الوزير الإسرائيلي بدور أكبر لدعم المعارضة السنية لمواجهة تنظيم الدولة، وحذر من ترك فراغ هناك تملؤه روسيا وإيران والشيعة، أو يملؤه تنظيم الدولة المعروف باسم داعش، إلا أن أهم ما ذكره يعلون تعلق بتقسيمه الشرق العربي لثلاثة معسكرات متنافسة”.
وعن المعسكرات الثلاثة التي يريدها الوزير الإسرائيلي أوضح “المنشاوي” أن يعلون قسمهم كالآتي: القسم الأول يشمل بالأساس النظام السوري الحاكم، الأحزاب الشيعية العراقية، وحزب الله اللبنانى، وإيران وروسيا.،وطبقًا للمسؤول الإسرائيلي فهذا المعسكر شيعي بالأساس، وتدعمه روسيا خدمة لمصالحها في المنطقة، ويتحكم هذا المعسكر في حكومتي سوريا والعراق، ويعاديه تنظيم الدولة داعش ودول سنية عربية، على رأسها المملكة العربية السعودية.
وتابع: “ويضم المعسكر الثاني مجموعات ودولاً سنية؛ منها جماعة الإخوان المسلمين وجبهة النصرة، ودولتا تركيا وقطر، أما المعسكر الثالث فيرى الوزير الإسرائيلي أنه معسكر واسع معتدل وعلى الغرب أن يدعمه بقوة وينصره على المعسكرين السابقين”.
وتعليقًا على حديث الوزير الإسرائيلي، أوضح المنشاوي رأيه قائلاً: “لم تخرج كلمات الوزير الإسرائيلي عن النص المتبع أخيرًا من محاولات إعادة توصيف طبيعة الصراع العربي ــ الإسرائيلي، وتوجد جهود أميركية ضخمة، يصاحبها قبول رسمي عربي واسع من عدة دول لاستبعاد الصراع بين العرب والفلسطينيين وبين إسرائيل من دائرة الصراعات الواجب التعامل معها”.
وتابع: “وبدلاً من ذلك يستعيض عن ذلك بما حاول الوزير الإسرائيلي أن يشير إليه من أن مصالح وتهديدات عدة تجمع بين إسرائيل ودول عربية متعددة تجعلهم يشكلون معسكرًا واحدًا أمام معسكرات أخرى تشتمل على دول عربية وإسلامية شقيقة، وتتجاهل هذه المعادلات أي وجود أو أي دور للفلسطينيين، ويرتبط بذلك دفع الجهود الإسرائيلية التي لا تتوقف من أجل تحسين وضعها التفاوضي في أي عملية سلام مستقبلية مع الفلسطينيين”؟
وأكمل: “تركز هذه الجهود على القضاء على أي مصوغات قانونية دولية دعت في السابق لانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في حرب يونيو 1967 مما يؤدي لتثبيت الأوضاع المعوجة على الأرض، والضغط على الفلسطينيين ليقبلوا بما تقدمه لهم من فتات، ومن أهم هذه الجهود ما يتعلق بالكلمات والتلميحات والكتابات من قِبل أنصار إسرائيل للمطالبة “بإعادة كتابة قرار مجلس الأمن 242″ الصادر بإجماع أصوات أعضائه مجلس الأمن 1967”.
واستطرد في مقالته قائلاً: “ولا يترك كبار المسؤولين الأمريكيين فرصة إلا ويعبرون عن رغبتهم ودفعهم لما يرونه واقعًا جديدًا نفعيًّا بين دول عربية وإسرائيل حتى دون التوقيع على اتفاقيات سلام أو معاهدات اعتراف دبلوماسي متبادلة”.
وأكد المنشاوي -في مقالته- أن جوهر التحالف كإحدى صور العلاقات بين الدول ينصب حول الاعتقاد بوجود مصالح تجمع بين أطرافه، أو مخاطر تهددهم معًا. من هنا يندفع بعض العرب (نظمًا وحكامًا وأفرادًا) للاعتقاد بأن هناك مصالح مشتركة تجمعهم بإسرائيل.. خطورة هذا الاقتراب تتمثل في حقيقة أنه لا توجد أي مصالح مشتركة بين العرب وإسرائيل. وتؤدي نظرة سريعة على أدبيات الفكر السياسي الإسرائيلي للكشف عن أن جوهر علاقات إسرائيل مع العرب أقرب للمعادلة الصفرية، فما ينفع العرب يضر بإسرائيل وما يفيد إسرائيل يضر حتمًا بالعرب عاجلاً أو آجلاً.
واختتم مقالته بقوله: “في النهاية هل يستطيع حكام العرب إحياء القضية الفلسطينية؟ أم أنهم سيسهمون في إنجاح استراتيجية إسرائيل بإقناع شعوبهم أن “الاحتلال ليس هو أصل القضية”، وأن هناك مشكلات أكثر أهمية يجب التعاون بينهما لمواجهتها، وهو ما حدث ويحدث تجاه إيران، وما هو يتكرر في حال مواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية”.