حذر العلماء المتخصصون بمجال البيئة بجميع أنحاء العالم، من الآثار السلبية التي تنتجها تغييرات المناخ، والتي ستؤثر في المقام الأول على الدول العربية خاصة مصر، في ظل تزايد التوقعات حول فتح عدة طرق للملاحة الدولية والتي ستأخذ مسارات بديلة عن قناة السويس، عقب ذوبان أجزاء من المحيط المتجمد شمالا.
وأضاف العلماء خلال آخر التقارير البيئية، أن عائدات مصر من قناة السويس باعتبارها مصدرا رئيسيا لضخ العملة الصعبة، ستقيد عقب ظهور طرق ملاحة دولية أخرى، هذا بالاضافة إلى تعرض أجزاء من دلتا النيل للغرق، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، مما يؤدى إلى تهجير الملايين من قلب مصر والذي يعد أكثر منطقة مأهولة بالسكان.
وأحدثت آخر تصريحات للعالم المصري بوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، الدكتور عصام حجي، والذي صرح بها في قمة المناخ المنعقدة مؤخرا بالعاصمة الفرنسية باريس، بلبلة في الوسط الإعلامي والاقتصادي، حيث أكد أن مصر تنتظر كارثة بيئية جديدة ستؤثر على أهم مصادر دخلها القومي، مشيرًا إلى أن حركة العبور بقناة السويس مهددة بسبب تغيرات مناخية جديدة.
وقال “حجي”، في تدوينة له على موقع “فيس بوك” إن التغيرات المناخية في المناطق القطبية أدت إلى ذوبان الجليد نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، مما فتح طرقًا ملاحية قصيرة بين أوروبا وآسيا، مؤكدًا أن ذلك سيكون تأثيره سلبيًا على قناة السويس والاستثمارات المحيط بها.
وعن حل هذه الأزمة قال العالم المصري: “مصر اليوم في أمس الحاجة لكفاءاتها في الداخل والخارج لتفعيل مصادر طاقة نظيفة ومتجددة ودراسات دقيقة لتطوير وتحديث الموارد المائية والابتعاد عن تحويل مصر إلى سوق لاستيراد الصناعات ومصادر الطاقة الملوثة”، مطالبا بضرورة إقامة قاعدة مشتركة للبيانات بين مصر والمنطقة العربية للاستفادة منها في تنفيذ مشروعات من شأنها الحد من تأثير هذه التغيرات على الاستثمار الزراعي والصناعي والسياحي.
وقال الخبير البيئي، مجدي علام، في تصريحات لشبكة “رصد”، إن “أزمة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية ترتبط بشكل أساسي بموضوع ارتفاع درجة حرارة الأرض، وذلك لتسببها في ارتفاع سطح البحر وتمدد مياهه”، مشيراً إلى أن مشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض سوف تؤدي إلى التسريع بالآثار السلبية للتغيرات المناخية وتعرض مناطق كثيرة للغرق ومنها شمال الدلتا، الأمر الذي يحتم على مصر المشارك في كل الاتفاقيات الدولية والتي تتعهد بمنع استخدام أي شيء يضر بالبيئة ويعمل على ارتفاع درجة حرارة الأرض والاتجاه للطاقة المتجددة والنظيفة.
وشدد “علام” على ضرورة وضع الخطط اللازمة لحماية المناطق الهشة والضعيفة في شمال الدلتا من تأثير ارتفاع مياه سطح البحر وعدم التقليل من خطورته، مشيرا إلى أهمية تنفيذ الحكومة خططاً عملية لحماية هذه المناطق من الغرق، وعدم ترك الأجيال المقبلة بالتعامل وحدها مع كارثة التغيرات المناخية، والتي سيصعب إيجاد حل لها وقتها.
وأكد خبراء بيئيون أنه لا توجد دراسات مستقبلية في مصر عن الآثار المتوقعة للتغيرات المناخية، مشيرين إلى أنه من المحتمل حدوث تداخل بين مياه البحر المتوسط والمياه الجوفية العذبة في شمال الدلتا قريبا، حيث من المتوقع تعرض أكثر من 2500 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية للتدهور في الإنتاجية بسبب التغيرات المناخية خلال الـ25 عاما المقبلة.
جدير بالذكر أن المناطق الساحلية في الدول العربية ستكون الأكثر تضرراً من هذه التغيرات، بسبب ارتفاع الكثافة السكانية في هذه المناطق والتي تصل إلى 50% من إجمالي عدد السكان في المنطقة العربية البالغ أكثر من 360 مليون نسمة، والذي يتوقع أن يرتفع إلى 600 مليون بحلول عام 2050.
وتعتبر مصر من أكثر دول العالم تضررا من التغيرات المناخية، فضلا عن ظهور عدة آثار سلبية مبدئية لذلك من خلال هبوط بعض الأراضي في مدينة الإسكندرية على سبيل المثال بمعدل 5 ملليمترات سنويا.
وكان المركز القومي لبحوث المياه، قد أكد في تصريحات سابقة، أنه تجري حالياً متابعة مستوى ملوحة مياه الري في المناطق الشمالية والمياه الجوفية وحركة المياه على السواحل، موضحا أنه تتم دراسة هذه التغيرات وآثارها من خلال نموذج رياضي مصري وآخر أميركي، للكشف عن التغيرات المناخية التي تتعرض لها مصر، ووضع حلول عملية للحد من تأثيرها.
وأضاف أنه تم إعداد دراستين عن التغيرات المناخية: الأولى تدور حول التعامل مع التغير المناخي وآثاره على السواحل المصرية من بورسعيد وحتى الإسكندرية، والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لها، والدراسة الأخرى عن تكلفة التغير المناخي في هذه المناطق.