حالة من الارتباك والتخبط تسيطر على الإعلام الرياضي طوال العامين الماضيين، فى ظل تعثر المنظومة الرياضية فى إدارة الملف على نحو يحقق أرباحًا مرضية تضمن استمرار النشاط الإعلامي، وكذلك تدخل المحسوبية ورأس المال؛ الأمر الذي أدى إلى إغلاق العديد من الفضائيات الرياضية وتشريد المئات من العاملين.
أعلنت قنوات “النهار” عن نيتها إغلاق نسختها الرياضية على خلفية أزمة بيع حقوق بث المسابقة المحلية، وهو ما يعني أن ساحة الإعلام الرياضي ضاقت على أهلها بما رحبت ولم يعد يكافح من أجل البقاء سوى قناتي “النيل للرياضة” المملوكة للدولة والتي تخسر بدورها ملايين الجنيهات و”الأهلي” التي يدعمها النادي الاهلى.
لم تفلح محاولات عشرات القنوات والبرامج الصمود أمام حالة الانهيار التي ضربت البلد بأكمله، فاسودت شاشات “دريم سبورت” التي كانت بمثابة السهم الذي اخترق المنظومة الإعلامية وسحبت وراءها عددًا من الفضائيات نتيجة أزمات مادية متتالية.
ميلودي سبورت
قنوات ميلودي سبورت وزووم سبورت لم تكن أحسن حالاً، رغم الأسماء التي لمعت على شاشاتها في وجود محمد شبانة وعلاء صادق، فتدخل الفشل الإداري والأزمات المالية إلى قطع البث، فيما كانت النهار رياضة رغم صمودها حتى تلك اللحظة أبرز ضحايا فشل المنظومة الرياضية بعد انحسار الموارد الإعلانية في ظل عدم وجود خريطة واضحة للكرة المصرية ومباريات الدوري والكأس المحلية، وتواصل عجزها عن الحصول على حقوق بث مباريات الدوري المصري 2015-2016، لتدخل قناة أخرى إلى قائمة الضحايا.
الأمر لم يتوقف عند حاجز القنوات الرياضية، وإنما امتد إلى العديد من البرامج التي حاولت أن تبقى على الشاشة دون جدوى، فكانت المحصلة توقف برنامج العديد من الأسماء اللامعة، منهم: خالد الغندور ومحمد شبانة ووائل رياض ومصطفى عبده، وبقيت تجارب على استحياء هنا وهناك تستثمر في أسماء أصحابها وتواصل بقوة الدفع مثل شوبير على “صدى البلد” وشلبي على “ten”.
إيهاب جلال -رئيس قنوات النهار- أكد أن أزمة القنوات الرياضية تأتي فى المقام الأول بسبب سيطرة المحسوبية على عمل القابعين في موقع المسؤولية، والتي تدعم قنوات بعينها في إطار المصالح المشتركة بين رجال الجبلاية والمؤسسات الإعلامية.
المحسوبية
وأوضح جلال -في تصريحات خاصة لـ”رصد”- أن الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد أسهمت بشكل كبير في توقف العديد من القنوات الرياضية في ظل غياب الرعاة وتراجع الإعلانات، وهو ما أدى إلى تراكم المديونية على أصحاب القنوات وأدى إلى ملاحقة عدد منهم قضائيًا.
بدوره، اعتبر رامي بهجت -معد برنامج “الكورة مع شيتوس”- أن البرامج الرياضية هي الحلقة الأضعف في المؤسسات الإعلامية والتي يسهل الإطاحة بها مع أول الأزمات المادية التي تضرب القناة، دون النظر إلى عشرات العاملين في تلك البرامج.
وشدد بهجت على أن الفشل الإداري وافتقاد الرؤية يأتيان على رأس أسباب الأزمة وقبل الأزمة المادية، مشيرًا إلى أن أكثر القنوات لا تؤمن بأهمية البرامج الرياضية ولا تسعي إلى بذل الأموال من أجل الحصول على حقوق بث المسابقات الرياضية، وهو ما يؤدي إلى عزوف المعلنين، وبالتالي يكون البرنامج هو الضحية.
وأوضح “أن مغالاة القائمين على الرياضة المصرية في مطالبهم المادية لبيع حقوق البث مع دخول بعض رجال الأعمال على خط شراء المسابقات بمبالغ كبيرة وتسويقها حصريًّا إلى جهات معينة، حصر حقوق البث عند أطراف معينة قادرة على ضخ الأموال وتمتلك خطوط تواصل مباشرة ومصالح مشتركة مع أعضاء مجلس إدارة اللعبة.
الانقلاب العسكري
وحمل محمد مصطفى، ناقد رياضي، الانقلاب العسكري مسؤولية فشل المنظومة الرياضية، باعتبارها امتدادًا طبيعيًّا لحالة الانهيار التي تسيطر على باقي مؤسسات الدولة وتردي مختلف الملفات فى دولاب العمل الحكومي، وعلى رأسها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وتساءل مصطفى: كيف يمكن أن تنهض المنظومة الرياضية في ظل عدم قدرة الدولة على إقامة مباريات في حضور الجماهير وعدم انتظام المسابقات الرياضية، وعدم الثقة في استضافة مصر للاستحقاقات المهمة والتي كان آخرها بطولة العالم للإسكواش.
واختتم الناقد الرياضي تصريحاته لـ”رصد” بالتأكيد على أنه في ظل الاقتصاد المنهار وغلاء الأسعار وهروب رأس المال وارتفاع الدولار، بات من الصعب أن يغامر رجال الأعمال بالاستثمار في قطاع مضطرب، مثل الرياضة.