دكتور نسي فوطة في بطن مريض ومات المريض هل كل الدكاترة قتلة
مهندس بنى عمارة ووقعت هل كل المهندسين مخطئون
رجل دين ارتكب ذنبًا هل كل رجال الدين مذنبون
صحفي مرتشٍ هل كل الصحفيين مرتشون
هل حينما قتل ظابط أبيض شابًا أسود بأميركا كل الشرطة أصبحوا مجرمين
جوابي:
السؤال المطروح مش كام واحد من دول أخطأ ولكن إذا كان الخطأ ممنهج، يعني نابع من خلل مؤسسي ومش نابع من تقصير بسيط أو خطأ شخصي. مثلا لو لقينا مستشفى نسبة الوفاة فيها أكتر من الطبيعي فده لازم يسترعي الانتباه. ممكن في طبيب معين مهمل وما بيتعاقبش ولا بيتحاسب وعلشان كدا نسبة الوفيات عالية.
وممكن يكون السبب إن في غرفة عمليات مش معقمة وإن الخطأ في المستشفى مش في الأطباء. لكن لازم في كل الحالات يتعمل تحقيق ومتابعة وتتوقع جزاءات على المقصر والعيوب تتعالج. يعني مش لازم كل الأطباء يكونوا مهملين علشان أبدأ أنزعج.
نفس الحاجة في أقسام الشرطة. أقسام الشرطة مش المفروض الناس تموت فيها. وبالتالي لو شفت أعداد متزايدة من الناس الأصحاء بتموت في الحجز، زي الأسبوع اللي فات (٤ في أسبوع واحد) فده لازم يستدعي الانتباه، ولازم يتعمل تحقيق مش بس في الحالات الفردية إنما في الأسباب الهيكلية اللي بتخللي ده يحصل.
يعني مثلا لما نعرف إن أدراج مكاتب ضباط المباحث فيها عصي كهربائية، وإن أقسام الشرطة فيها “تلاجات”، وإن “حفلات الاستقبال” بتتعمل بشكل منتظم، وإن قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية بيجعلوا من شبه المستحيل إثبات جريمة التعذيب، وإن القضايا القليلة الي نجح فيها أهالي ضحية التعذيب إثبات واقعة التعذيب لكن العقوبة اللي القاضي حكم بيها خُففت أو أُسقطت — لو كل دا توفر (وهو متوفر بالفعل) يبقى احنا قدام مناخ عام بيشجع على تفشي الحالات الفردية وبيجعل منها ظاهرة مؤسسية.
أما بخصوص الضباط البيض اللي بيقتلول شباب “أسود” في أمريكا فدي بالفعل ظاهرة، وأنا كتبت عنها من يومين على صفحتي هنا. ومرة تانية، مش المقصود إن كل الضباط البيض مجرمين، ولكن إن المناخ العام للشرطة الأمريكية بيسمح بوجود الظاهرة دي وبيقويها.
وأخيرا أحب أسألك: كام واحد لازم يموت كل أسبوع في أقسام الشرطة علشات حضرتك تقتنع إننا قدام ظاهرة؟ مايتين؟ ماية؟ خمسين؟ عشرة؟ عن نفسي، لما ألاقي أربعة بيموتوا في الحجز في أسبوع واحد، ولما أعرف إن دا مش أول أسبوع يحصل فيه كده، فلازم أشك وأخاف.
* الدكتور خالد فهمي – أستاذ التاريخ في جامعة هارفارد والجامعة الأميركية في القاهرة