أثار عرض مصر على روسيا إمدادها بمنتاجات بديلة للسلع التركية التي تم وقف استيرادها، حالة من الجدل والسخرية بين عدد من الاقتصاديين الذين أكدوا أن مصر لا تملك ما تكفي بها نفسها، فضلًا عن أن تصدر لدول أخرى، وتسد خانة دولة كبيرة بحجم “تركيا”.
وأكد خبراء اقتصاديون -في تصريحات خاصة لـ”رصد”- أن عرض مصر سياسي فقط وليس لديه علاقة بالواقع فمصر ليس لديها أي قدرة على تعويض مكان تركيا، مشددين على أن “فاقد الشيء لا يعطيه”.
مصر تعرض على روسيا تعويض المنتجات التركية
وكشف المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، تقديم عرض لوزير الصناعة الروسي، دينيس مانتوروف، يقضي بسد احتياجات موسكو من المنتجات التي كانت تستوردها من تركيا، عقب صدور قرار روسي بوضع قيود على الاستيراد من أنقرة.
وطالب الوزير الجانب الروسي بموافاة مصر بقائمة تتضمن أهم واردات موسكو من تركيا، حتى يتسنى دراسة زيارة المستوردين الروس لمصر؛ للتعرف على الشركات المصرية المنتجة وعقد اجتماع مع المصدرين المصريين؛ لبحث سبل التعاون بين الجانبين وتوفير كل احتياجات السوق الروسية من تلك المنتجات، خلال الفترة المقبلة.
كما طالب الجانب الروسي بالسماح بتسجيل جميع منتجات الألبان المصرية وليس الأجبان فقط؛ لتسهيل نفاذ السلع المصرية إلى موسكو.
العرض المصري فشل قبل ذلك
وأكد الكاتب الصحفي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين السابق والخبير الاقتصادي، أنه سبق أن أجرت مصر مباحثات مع روسيا حول التبادل التجاري بين البلدين خلال تولي منير فخري عبدالنور وزارة التجارة، على أساس أن يتم مقايضة الغاز والقمح الروسي مع منتاجات مصرية.
وأضاف الولي -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن هذه المباحثات فشلت بسبب أنه لم يكن هناك أية سلع مصرية يتم مقايضتها، مشيرًا إلى أن الأمر نفسه حدث مع الصين؛ حيث حاولت أن تقيم مصر مع الصين تبادل تجاري ولكنها فشلت.
وأوضح الولي “أن مصر ليس لديها فائض إنتاجي ليتم مبادلته، وأن مصر لديها عجز في الميزان التجاري، وأن التصريحات المصرية مجرد تصريحات سياسية لا قيمة لها”.
فاقد الشيء لا يعطيه
وقال حافظ الصاوي، الخبير الاقتصادي، إن فاقد الشيء لا يعطيه؛ فمصر تستورد 35% من منتجاتها الغذائية و75% من منتجاتها الاستهلاكية.
وأضاف الصاوي -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن ما تصدره مصر سلع تقليدية لا تنطبق مع المواصفات الروسية، ولا تلبي احتياجات السوق الروسية، في حين أن تركيا لديها فائض كبير في المنتجات الغذائية والصناعية، وتوافق المواصفات الأوربية، فلا توجد منافسة بين مصر وتركيا.
وأشار الصاوي إلى أن مصر تستورد من روسيا القمح والغاز ومصر دولة استهلاكية وليس لديها أي شيء تصدره.
روسيا تتخلى عن مصر
ومن جانبه، قال الصحفي الاقتصادي محمد صلاح، رئيس تحرير مجلة فوربس المصرية الاقتصادية، إن الاتحاد الأوروبي بدوره أعلن “أنه فاتح ذراعيه لاحتضان تركيا وتعويضها عن أي شيء ينتج عن أزمة روسيا”.
وأضاف -في منشور له على “فيس بوك”- أنه يفتح باب التشاور من جديد في موضوع دخول تركيا الاتحاد الأوروبي أو على الأقل دخول الأتراك أوروبا دون تأشيرة.
وأشار إلى أن اللعب أصبح على المكشوف، وأن روسيا ستنعزل من جديد، ومن ثم آجلًا أم عاجلًا ممكن تتخلى عن مصر من أجل مصالحها.
وأضاف أن هذا يعني أن تركيا لديها وضع سياسي واقتصادي جيد والعالم يعمل لها حسابًا، مضيفًا “واحنا (مصر) بنلعب في الوقت الضايع ومالناش أي وزن عالمي لا سياسي ولا اقتصادي”.
هاشتاج لدعم البضائع التركية
ودشن نشطاء على “تويتر”، هاشتاج (#دعم_البضائع_التركية) للتضامن مع تركيا بعد اتخاذ روسيا إجراءات اقتصادية انتقامية ضد أنقرة، بعد 4 أيام من إسقاط طائرة حربية روسية اخترقت الأجواء التركية متجاهلة التحذيرات.
وأعرب النشطاء -من خلال الهشتاج- التضامن مع تركيا بعد القرارات الاقتصادية الروسية.
النشطاء الذين ينتمون إلى عدة دول عربية أكدوا أنه ليس من المروءة ترك تركيا التي لعبت دورًا مهمًّا في دعم القضايا العربية وحدها.
تحذيرات من حياد الخليج
وكان الكاتب الصحفي السعودي، عبدالرحمن الراشد، قد حذر -في مقال له نشر السبت في صحيفة “الشرق الأوسط”- من موقف دول الخليج المحايد إزاء الأزمة الروسية- التركية.
وطالب السعودية ودول الخليج بتحديد موقفها، معتبرًا أن موقف الحياد قد يعني لها التفريط في مستقبل سوريا واستيلاء إيران عليها مع العراق؛ الأمر الذي يهدد مصالح الخليج.
كما أشار إلى أن الأوضاع في سوريا ستشهد فصلًا جديدًا من الحرب بالوكالة، وأن المنطقة ستشهد بناء تكتلات سياسية وتحالفات أخرى، معتبرًا أن التحدي الأصعب سيواجه الدول العربية في الخليج لانسجام إيران والعراق وسوريا مع المعسكر الروسي.