إلا تاريخنا..
مرسي لم يقتل فخرج عليه ملايين..
والسيسي لم يمنع برنامجا ساخرا وقبض على صاحب جريدة..
لا أدري كيف يسهل لعاقل قلب حقائق لم يمض عليها عشرات السنين إنما أحداث عاشها 99% من شعبنا..
كيف تنتقل من أحداث الاتحادية في نوفمبر 2012 إلى مظاهرات 30 يونيو 2013 التي لم يُقتل بها أحد ثم فجأة إلى منع برنامج واحتجاز صاحب جريدة في عهد الانقلاب دون أن يشد انتباهك أن آلافا قُتلوا في رابعة وما بعدها..
عندما يتعلق الأمر بتاريخ شعب.. فإن الانحيازات السياسية تتراجع.. وعندما تتعلق بأرواح آلاف من شعبنا لم تجف دماؤها فإن القيم الإنسانية هي ما يجب أن تسود..
وقد رويت الأحداث بدقة في شاهد على العصر وأعود للتذكير بعنوينها:
– دعاني إلى عشاء مرشح للرئاسة سابق الخميس 15 نوفمبر 2012 ليعرض علي أنهم سيخرجون لإزاحة مرسي خلال ذكرى محمد محمود (لم يكن قد صدر الإعلان الدستوري).. وحذرته بأن ذلك يقسم الثورة ويفتح الباب للدولة العميقة..
– الإثنين 19 نوفمبر بدأت أحداث محمد محمود الثانية بنصب خيمة مستشفى ميداني (ولم يكن قد صدر الإعلان الدستوري)..
– في 20 نوفمبر ضُربت الجمعية التأسيسية بالمولوتوف (ولم يكن الإعلان الدستوري قد صدر)..
– في 21 نوفمبر حوصرت التأسيسية وضُرب مكتبي بوزارة الشئون البرلمانية (ولم يكن الإعلان الدستوري قد صدر).
– في 22 نوفمبر (يوم خميس) صدر الإعلان الدستوري من الرئيس مرسي دون تشاور مع كثير من شركائه (يحمل تاريخ اليوم السابق)..
– في 23 نوفمبر (الجمعة دعت أحزاب ما سمي فيما بعد جبهة الانقاذ للمسير للاتحادية).
– الثلاثاء 27 نوفمبر صعد متظاهرون على أسوار الاتحادية وأعلنوا أنهم سيقتحمون القصر يوم الجمعة وجرى ملاحقة سيارة الرئيس بالحجارة والمولولتوف.
– الأربعاء 28 مظاهرات مؤيدة للرئيس اعادت احتلال منطقة أمام القصر..
– اشتباكات اعقبتها في المساء نتج عنها عشرة شهداء..
تواصلاتنا لحل المشكلة:
ابتداء من الجمعة 23 تواصلنا مع كافة القوى السياسية.. وتواصلت شخصيا مع الأستاذ وائل غنيم ممثلا عن الدكتور البرادعي..
واقترحنا ما يلي:
أولا: عمل حوار وطني يشمل موضوعات: الجمعية التأسيسية (تأجيلها أو إعادة صياغتها بشرط إجماع وطني لأن تشكيلها جاء وفقا لاستفتاء شعبي) فلا يمكن للدكتور مرسي أو غيره أن يغير من أوضاع التأسيسية.. (ولذا يفتقد الصواب ما جاء على لسان البعض أن الإعلان الدستوري غير في أوضاع التأسيسية فهو إنما مد في مدة عملها، وهو ما رفضته الجمعية والتزمت بحدودها المقررة بالمادة 60 من الإعلان الدستوري ل 30 مارس 2011 بالمواد المستفتى عليها في 19 مارس 2011).
وبالتالي فعندما تلقي كلمة أن الإعلان الدستوري غير بأوضاع التأسيسية فأنت تُخطئ.
ثانيا: موضوع إعادة تشكيل الحكومة.
ثالثا: إلغاء تاما للإعلان الدستوري.
وإذ انتهت المشاورات إلى اشتراط أن يعلن الدكتور مرسي وقف عمل الجمعية وأن يُعيد تشكيلها قبل أي حوار.
وإذ رفضنا ذلك لأنه لا الدكتور مرسي ولا أي قوى أخرى (منفردة) كان يمكنها وقف عمل التأسيسية المشكلة بناء على إجراءات جرى الاستفتاء عليها ، وجاءت نتيجة مفاوضات لمدة 3 أشهر بين كل القوى؛ وإعادة تغييرها سيكون انقلابا على الدستور المؤقت القائم وقتها، ولا يمكن أن يحمله الدكتور مرسي منفردا.
وطلبنا أن يكون ذلك باتفاق عام بين كل القوى.. فرفض رفقاؤنا..
وبالتالي خُضنا الدعوة لحوار وطني منفردين.. واستقبلنا من شاء أن يشارك في حل مشكلة لم تنشأ عن الإعلان الدستوري وإنما نشأت لأن جزءا من رفقائنا يرفضون التعاون مع رئيس منتخب منذ انتخابه في نهاية يونيو من نفس العام.. بل وتضامن جزء من رفقائنا مع نائب عام مبارك ومع المحكمة الدستورية التي عينها مبارك والتي لم ترض يوما عن الثورة ولم تقبل بمآلاتها..
وفي الحوار الوطني أعلن الدكتور مرسي في يوم 6 ديسمبر 2012 أنه سينزل على نتائج الحوار أيا كان دون مراجعة..
وفي 8 ديسمبر اجتمعت كثير من القوى السياسية وبينها جزء مهم مما انضوى فيما بعد تحت راية جبهة الانقاذ.. وجرى تبني حلولا محددة صاغها خمسة أشخاص في صورة إعلان دستوري وقع عليه رئيس الجمهورية دون قراءته بتاريخ الجلسة..
وبالتالي فإن الإعلان الدستوري المؤرخ 8 ديسمبر 2012 تتحمل مسؤوليته القوى التي شاركت في الحوار.. والقوى التي رفضت المشاركة.. ولا يتحمل مسؤوليته رئيس الجمهورية الذي وضع الأمانة بيد المتحاورين وأعلن قبل بدء الحوار نزوله على أي قرارات محتملة.
وكان نتيجة الإعلان الدستوري المؤرخ 8 ديسمبر 2012
– الاستمرار في الترتيب للاستفتاء على مشروع الدستور في 15 ديسمبر 2012.
– إلغاء الإعلان الدستوري المؤرخ 21 نوفمبر (لكنه صدر في 22 نوفمبر)
– الإبقاء على آثر هذا الإعلان بشأن تغيير النائب العام فقط.
– تقرير أنه في حالة رفض الشعب لمشروع الدستور فإن جمعية تأسيسية أخرى تتكون من 100 شخص بالانتخاب المباشر خلال 3 أشهر.
وبناء على نتائج الحوار الوطني جرى الاستفتاء على الدستور في مواجهة تمرد من الدولة العميقة ومع ذلك حاز ثقة 64% من الشعب..
وبعدها استقلتُ من الحكومة لرغبتي – التي لم تلق موافقة – في أن يجري تعديل شامل للحكومة بعد وضع الدستور لتشكيل حكومة قادرة على مواجهة أوضاع توقعت أن لا تستقر بسبب ممارسات الدولة العميقة وعناد رفقاء الثورة..
أما الأحداث منذ يناير 2013 حتى الانقلاب في 3 يوليو 2013 فكانت بتوجيه تام وواضح من الثورة المضادة بعد أن وثقت من تمكن الخلاف بين قوى الثورة.. وبعد أن أقنعت جزءا من رفقائنا بأن الجيش في صفهم إن هم استطاعوا حشد مليون متظاهر في الشارع..
وبالتالي فإن رفقاءنا في الحكم استمروا على أداء روتيني لا يُدرك أن ثورة مضادة تتحضّر لإسقاط مطالب الشعب.. ورفقائنا في المعارضة استمروا على عنادهم وثقتهم بأنهم إن حاصروا السلطة المنتخبة فإن قوى الدولة العميقة ستسقطها وتمنحهم السلطة..
وهو ما لا يسمح لأحد بأن يُزوّر تاريخا.. أو أن يتجاوز حقوق الشهداء بأن يذكر بعضا ويتجاوز على بعض.. أو أن يسوّي رفقاء ثورة ومن يتحمل معاناة استعادة الحرية بانقلاب دموي.. بل ويقدم الانقلاب لأنه لا يشير إلى جرائمه..
فإن شهداءنا منذ 28 يناير 2011 حتى شهداء الأمس الذين قضوا تحت التعذيب في الأقسام هم في رقاب نظام القمع والاستبداد الذي لم يُسلّم السلطة يوما لأبناء شعبنا.. وإنما ناور لتلافي آثار الثورة.. ووضع الفخاخ التي وقع فيها الجميع بدون استثناء حتى عاد النظم القديم..
نحن ندعو الجميع لاصطفاف يستعيد روح يناير ومطالب الشعب وأمل بناء دولة العدل والكرامة.. لكننا لا يمكن أن نسكت عن التلاعب بتاريخ أمة وحوادث يملكها شعب كامل ولا يجوز استخدامها لفض خصومة سياسية.