أصبح الفقر في عالمنا العربي والإسلامي آفة سامة تدخل وتنشر سمومها القاتلة في جيوب شعوبنا العربية يوميا من غير رحمة أو إنسانية ، فمأساة ومعاناة أغلب ومعظم شعوبنا العربية تنحصر في الحالة المزرية والمتردية التي يعيشونها من غير أمان أو طمأنينة ، حتى أصبح الوضع يتفاقم في دولنا العربية يوما بعد آخر ، وعدد الفقراء والمحتاجين يزداد إزديادا كبيرا وملحوظا ، وأصبحت حالة البؤس والفقر والمرض والحاجة هما العناوين الرئيسية لفقراء الوطن العربي ، وبالمقابل عندما نشاهد الأغنياء يزدادون غنى ، ويتمتعون بأبهى حياة يتخللها البذخ والترف ضاربين بعرض الحائط مأساة ومعاناة الفقراء في الوطن العربي ، حينها تتوارد في أذهاننا مقولة ” حاميها حراميها ” .
ولكن حين نحلل مشكلة الفقر التي اجتاحت وتفشت في دولنا العربية ، حتى أصبحت ظاهرة سيئة تؤثر وبشكل سلبي على ثقافة وتطور عالمنا العربي ، فيأتي في أذهاننا بأن السبب الرئيسي لتلك الظاهرة هو تعنت وظلم وإستبداد بعض القادة العرب على تحويل دولهم إلى منابع للفقر من خلال صنع دوائر الحروب ، وإثارة حالة من الفوضى والبلبلة لإشغال شعوبهم كما نراها حاليا في مصر وليبيا والعراق وسوريا واليمن ، وكذلك إنتشار البطالة والفساد والأمية والجهل وغياب العدالة والديكتاتورية المتفشية عند الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال ، وإنعدام مستوى الدخل وإنتشار الجرائم .
وأيضا الصراعات الداخلية والمشاكل التي تواجهها بعض الدول العربية مع نظرائها ، وعدم إيجاد الحلول التطويرية التي ترفع قيمة العلم والبحوث والدراسات العلمية ، وعدم الجدية في محاربة الفساد وعدم تطبيق خطط التنمية ، والإنفاق المبالغ فيه على التسليح ، أدى إلى تفاقم وإنتشار ظاهرة الفقر ، حتى أصبحت شعوبنا العربية والإسلامية عديمة الثقة بحكوماتها ، مما أدى إلى نمو حالة عدم الأمان والإحباط ، وهنا تنعدم روح العدالة الإجتماعية في توزيع الثروات الإقتصادية ، حتى أصبحت في يد الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال الذين للأسف يستخدمون الفقراء أداة رخيصة لمشاريعهم الرأسمالية .
إذن فالجشع والطمع والرغبة في السيطرة على ثروات دولنا العربية أصبح هو الهدف الذي يصبوا إليه بعض الحكام العرب الذين يعبثون ويتمتعون بمقدرات دولنا كما لو كانت ملكهم الخاص ، فوفقا لإحصائيات البنك الدولي عام 2013 يبلغ عدد سكان العالم العربي حوالي 345 مليون شخص ، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي للدول العربية مجتمعة تريليون و490 مليار دولار ، إلا إن نصيب الفرد من هذا الناتج لا يزيد عن 3500 دولار في السنة ، حيث يعيش في العالم العربي 11 مليون شخص على أقل من دولار واحد في اليوم ، ويعيش %80 من فقراء اليمن في مناطق ريفية ، ويعيش نصفهم على أقل من دولارين في اليوم ، أما في مصر أكبر الدول العربية من حيث السكان تزيد نسبة الفقر عن %30 بل أن ثلثي السكان في صعيد مصر يعانون الفقر والتخلف ، إذن فمن واجبنا كمسلمين أن نتبع قول الله تعالى في كتابه الكريم ” يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون ” صدق الله العظيم .