تعد كلية العلوم إحدى أبرز الكليات التي يلتحق بها الطلاب العلميون في العالم؛ إذ إنها تحتل مكانة سامية بين الكليات بجامعات الدول المتقدمة، لكنها لا تحظى بأي اهتمام أو تقدير في مصر، بالرغم من تخرج عدد من العلماء والنوابغ منها، والذين حصلوا على جائزة نوبل أو جوائز العلوم التقديرية المختلفة منها.
ومن أبرز العلماء المصريين الخريجين من كلية العلوم، والذين سطعت أسماؤهم في سماء العلوم في العالم، هو الدكتور العالم “أحمد زويل”.
ومن المعروف أن نبوغ زويل في العلم وحصوله على جائزة نوبل، جاء بعد مغادرته لمصر ودراسته بالخارج، مما يعد مؤشرًا قويًا على خلل النظام التعليمي في مصر، وعدم توفر الإمكانيات والمعامل الملائمة لإجراء التجارب الدقيقة.
وفي تصريحات خاصة لشبكة “رصد” بين عدد من خريجي كلية العلوم معاناتهم؛ حيث تقول حنان معروف، خريجة كلية العلوم دفعة 2010: “أحببت منذ صغري التجارب والأبحاث والكيمياء وكنت أحلم دائمًا بدخولي لكلية العلوم، وحققت هدفي ودخلتها، وكانت الكارثة!”.
وأضافت: “تخرجت منذ خمس سنوات ولا أجد حتى الآن مكانًا بحثيًا أعمل به، قدمت أوراقي في العديد من المراكز ليكون ردهم لا نحتاج حاليًا وسنتصل بك إذا احتجنا، كيف لبلد كاملة لا توفر لخريجي كلية في مختلف المحافظات أماكن العمل المناسبة لهم، فالمتعارف أن 95% من الخريجين لا يعملون في معامل الأبحاث العلمية، من إذًا يجري الأبحاث والتجارب العلمية؟، فمراكز البحوث في مصر محدودة ولا تأخذ إلا أعدادًا قليلة كل عام، وقد لا تعتمد هذه الأعداد على الكفاءات، وكيف تنهض مصر وهي لا تدعم البحث العلمي؟، فلا علم بدون علماء ونحن المفترض أن نكون العلماء ولكننا لا نعمل”.
وعبر مصطفى عزوز عن أسفه جراء ما تشهده كلية العلوم، قائلاً: “تمنيت كلية الصيدلة، ولكن مجموع درجاتي في الثانوية العامة لم يمكنني من دخولها فالتحقت بكلية العلوم، لم أكرهها في البداية ولكن تدريجيًا المجتمع جعلني أكرهها”.
وأضاف: “كرهتها أكثر حين تخرجت ولم أجد الوظيفة الجيدة منها وفي النهاية سلكت مجال التدريس في مدرسة خاصة، مما يعني مستقبلاً مهددًا، ولا وظيفة ثابتة، بعد أربع سنوات من دراسة صعبة جدًا، ولا أتذكر إلا القليل منها”.
وفي السياق نفسه يذكر الكيميائي صلاح أحمد، الحاصل على دبلوم الكمياء الحيوية والميكروبيولوجي: “تخرجت من الكلية واتمرمط وأخدت دبلوم عشان أفتح معمل تحاليل، ييجي الأطباء مش عاجبهم ويرفعوا على النقابة قضية ويقولوا دا مش من حق خريجين العلوم، مش بس كده المستشفيات كمان مش بتاخد خريجين علوم بتفضل الفنيين اللي اتخرجوا من معاهد فني صحي، وكمان لما أشتغل في شركة أدوية وأنا كنت بدرس أصلا كيميا في الأربع سنين، ييجوا الصيادلة يعملوا حملة والشركات تاخد صيادلة وممكن كام واحد من علوم بس بالواسطة؟، طب احنا نشتغل فين دلوقتي؟”.
بينما أوضح سمير ناصر أن “خريجي كليات العلوم لهم مجالات عِدة من أخصائي التحاليل الطبية والأشعة ومكافحة العدوى، والمكروبيولوجيا بشركات الأدوية والأغذية، ومعامل محطات تنقية المياه، ومهندسين جودة ومندوبين دعائيين لشركات الأدوية في شركات الأدوية والأغذية والكيمائيين في المصانع الأدوية والبترول والحديد والصلب والسكر والألبان والبلاستك والسراميك والملح والصودا والمياه والأصباغ والقطن الطبي والعصائر وفي المعامل الطبية والباحثين في مراكز البحوث، ولكن فعليًا لو أحصينا كم خريجًا يعمل في هذه المجالات، ستصدمنا الأعداد القليلة واكتفاء المؤسسات بالقليل جدًّا منهم، سواء بحجة عدم توفر أماكن وهذا لسنوات قد تصل لخمس سنوات أو أكثر أو بحجة عدم توفر المال للرواتب لذا سأكتفي بالعدد الموجود عندي حتى وإن كان قليل الخبرة وغير كاف”.
وبين تلك الدوامات أصبح الطلاب يصابون بالاكتئاب طوال سنوات الدراسة، وتزيد درجته بعد تخرجهم واصطدامهم بالواقع، ليبحثوا بعد ذلك عن أي مجالات أخرى للعمل بها ليمضوا في طريق حياتهم.