قال الباحث السياسي، عبده فايد، طالب الماجستير بالعلوم السياسية في جامعة دوبسبورج-آيس الألمانية، إن شبكة العلاقات التركية-الروسية معقدة ومتينة لأقصى درجة، مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري بين أنقرة وموسكو وصل في 2014 إلى حاجز 33 مليار دولار.
وكتب في منشور له عبر صفحته الرسمية على موقع “فيس بوك” قائلا: “أردوغان كان في زيارة لموسكو أواخر سبتمبر الماضي للمشاركة في افتتاح جامع موسكو الكبير، وأعلن أن هدفه رفع ميزان التبادل التجاري بين الدولتين لحاجز الـ100 مليار $ بحلول 2023”.
وأضاف: “تركيا أكبر مستقبل للسياحة الروسية بواقع 5 ملايين سائح سنويًا، وموسكو هي ثاني أكبر شريك تجاري لأنقرة بعد ألمانيا التي تحتل مكانة مميزة في التبادل التجاري بفعل وجود جالية تركية تقدر بـ3 ملايين شخص في برلين، إضافة إلى أن روسيا هي المزود الأول للطاقة في تركيا.. قرابة 60% من إمدادات الغاز، و12% من إمدادات النفط تأتي من موسكو، بالإضافة إلى اتفاق وُقع عام 2010 يقضي بقيام ‘روساتوم‘ الروسية بإنشاء أول مفاعل نووي لتوليد الطاقة في تركيا بقوة 4800 ميجاوات (مفاعل أك كويو) تبلغ كلفته الإجمالية 22 مليار $”.
وتابع: “وحاليًا يجري العمل بين الطرفين على مشروع لنقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود مرورًا بتركيا، وصولًا إلى اليونان عبر أنابيب يصل طولها لـ1100 كم.. سيحل محل مشروع South Stream الذي ألغته موسكو ديسمبر 2014، بعد أن كان مقررًا له نقل الغاز الروسي لأوروبا عبر خط أنابيب يمر بوسط أوروبا وصولًا للنمسا”.
وأردف: “والمشروع، إن تم، له أهمية قصوي للبلدين، من ناحية ستصبح تركيا بوابة عبور الطاقة للاتحاد الأوروبي بما يعزز موقفها التفاوضي في مسيرة نيل عضوية منطقة الشنجن، التي حدثت بها انفراجة مؤخرًا بتعهد ميركل بفتح الباب الـ17 من فصول المفاوضات، والمتعلق بالسياسة المالية، حال قيام تركيا بتنسيق أكبر مع اليونان لمنع تدفق اللاجئين، ومن ناحية أخرى ستحتفظ روسيا بقدرتها على التحكم في احتياجات أوروبا الطاقوية، في ظل موجة العقوبات”.
واستطرد موضحًا: “الاعتمادية المتبادلة بين الطرفين على مستويات عدة (Interdependenz )، وفي القلب منها المصالح الاقتصادية العملاقة، هي بمثابة شبكة الأمان التي ستحتوي أي خلافات بين موسكو وأنقرة، سواء بسبب تباين المواقف من معالجة الأزمة السورية، أو الموقف الروسي من بعض الأنظمة العربية التي ليست علي وفاق مع تركيا، أو حتي بسبب إسقاط الطائرة الروسية المقاتلة بجوار الأسد، ولا يوجد طرف من الطرفين علي استعداد للمغامرة بتصعيد الخلاف حد تصرف عدائي رسمي، قد ينصرف لاستخدام أي شكل من أشكال القوة العسكرية كما يترقب البعض”.
وواصل حديثه قائلا: “الحادث قد يدفع لمزيد من التنسيق لتجنب حوادث مماثلة بعد توبيخ دبلوماسي وتوتير للأجواء، أو لمزيد من الضغط العسكري الروسي علي خصوم الأسد، أصدقاء أردوجان، وفي أسوأ الأحوال عرقلة مشروع تعاون اقتصادي هنا أو هناك، دون مساس بصلب العلاقات المتميزة بين الطرفين”.
واختتم بقوله: “الاقتصاد كان وسيظل الأرضية العظمي لامتصاص أي توترات سياسية حالية أو مستقبلية بين الطرفين.. فنتظر شوية ونتفرج علي إدارة الدول علاقاتها، بين التوافق في مناطق والاشتباك في أخري.. من غير عادتنا الحنجورية في انتظار حرب عالمية ثالثة، وكأنها لو قامت سننجو مثلًا!”.