ما زالت الإنتكاسات المستمرة لمخرجات التعليم متواصلة في عالمنا العربي بشكل لا يمكن السكوت عنه ، حيث لا يوجد أي خطط أو أهداف إستراتيجية جديدة للنهوض بواقع التعليم ، وهذا الأمر أدى إلى تدني مستوى القيم الثقافية في دولنا العربية ، ومن ثم زحف بنا هذا التدني إلى تدني جميع المؤسسات التعليمية التربوية ، كتدني المستوى التعليمي للمعلمين والمدرسين بشكل واضح ، وكذلك بروز ظاهرة التسيب العلمي الناتج عن قلة الخبرة التدريسية في المدارس والجامعات ، وإنهيار المستوى التدريسي وبروز حالات التزوير والغش التربوي ، حتى أصبحت المؤسسة التعليمية آلة يدخل بها الطالب ويخرج منها حاملا الدرجات العلمية المختلفة من دون أي خطط أو أهداف أو رسالة يؤديها ويقدمها للمجتمع ، سوى شهادة علمية يعتبرها وسيلة لكسب الرزق فقط .
وبالمقابل لماذا لا تتبنى المؤسسات التعليمية في أوطاننا العربية إستراتيجية واضحة لتطوير التعليم ، والنهوض به إلى أعلى مستويات التقدم العلمي ، ويتم من خلاله إعطاء دور فعال لمستشاري التطوير وأصحاب الإختصاص للنظر في إعادة كل ما هو شائب ومضر لأجيالنا العربية ، مع الإستعانة بتجارب الدول المتقدمة علميا في مجال التعليم ، حيث في الدول الأوربية تقوم المؤسسات التعليمية بتقييم المدرس الأوربي كل خمس سنوات ، وإذا تبين لهم إنه لا يصلح لمواصلة عمله وتطوير ذاته يتم إستبداله تلقائيا ، وإبعاده عن هذه المهنة المقدسة .
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” اليونيسيف ” من إن 12 مليون طفل في الشرق الأوسط محرومون من التعليم ، بسبب الفقر والتمييز الجنسي والعنف ، علما إن هذه الحصيلة لا تشمل الأطفال الذين أجبروا على ترك المؤسسات التعليمية بسبب الحروب وإنعدام الأمن في كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا ، والذين يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين طفل ، وعزت المنظمة هذا الوضع إلى عدد من العوامل منها شح الموارد المخصصة لقطاع التعليم ، إذ إن حجم الإنفاق على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي في معظم دول العالم النامي لا يتجاوز 6% ، هذا إضافة إلى ضعف التكوين للمعلمين والبنية التحتية للمدارس وإنعدام اللوازم المدرسية أحيانا أو غلائها خصوصا في المناطق الفقيرة .