عادت أزمة المغرب والجزائر من جديد، بسبب البوليساريو، وبدأ الأمر مؤخرًا حينما وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس انتقادات لاذعة للجزائر في خطابه خلال زيارته لكبرى محافظات الصحراء الغربية ليل الجمعة بمناسبة الذكرى الأربعين “للمسيرة الخضراء”.
واستنكر الملك محمد السادس ما قامت به الجزائر بعدما تركت سكان مخيمات تندوف للاجئين الصحراويين في “وضعية مأساوية ولا إنسانية”.
وقال متسائلا “لماذا لم تقم الجزائر بأي شيء من أجل تحسين أوضاع سكان تندوف الذين لا يتجاوز عددهم 40 ألفا على أقصى تقدير، أي حي متوسط بالجزائر العاصمة؟”.
ورأى العاهل المغربي أن ذلك “يعني أنها لم تستطع أو لا تريد أن توفر لهم طيلة أربعين سنة – حوالي ستة آلاف سكن يصون كرامتهم بمعدل 150 وحدة سكنية سنويا”.
وتابع “لماذا تقبل الجزائر التي صرفت المليارات في حربها العسكرية والدبلوماسية ضد المغرب بترك ساكني تندوف في هذه الوضعية المأساوية واللاإنسانية؟”.
ودعا الملك الحكومة إلى التفكير في إقامة محور للنقل الجوي انطلاقا من الصحراء الغربية نحو إفريقيا.
كما تحدث عن عزم المغرب “بناء الميناء الأطلسي الكبير لمدينة الداخلة وإنجاز مشاريع كبرى للطاقة الشمسية والريحية”.
وتقع ولاية تندوف الجزائرية في الجنوب الغربي للبلاد.
في ما أبدت الجزائر انزعاجها من هذه التصريحات ووصف وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة تصريحات الملك المغربي محمد السادس بـ”غير الملائمة”، مؤكدا موقف الجزائر المبدئي وهو حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.
وقال لعمامرة: “التصريحات غير الملائمة” الصادرة مؤخرا عن ملك المغرب تجاه الجزائر بسبب دعمها المطلق لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير “لها وقع المراهنة على الأسوأ”.
وأضاف لعمامرة خلال ندوة صحفية مع نظيرته الكولومبية ماريا أنخيلا هولغوينا أن الجزائر تسعى لتسوية الخلافات الدولية سلميا قائلا: “نمتنع عن صب الزيت على النار، فنحن لا نمارس دبلوماسية الأبواق ونقوم بأمور لا يعلن عنها دائما”.
وقال لمعامرة إن الجزائر تدعم موقف الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بحق شعب الصحراوي في تقرير المصير، مضيف أن ذلك حتمي وموقف الجزائر ثابت في هذا الشأن.
البوليساريو تستغل الأزمة
وفي نفس السياق وردا على تصريحات الملك المغربي التي ألقاها في مدينة العيون، بمناسبة الذكرى الـ 40 للمسيرة الخضراء، هدد زعيم جبهة “البوليساريو” محمد عبد العزيز بالرجوع مرة أخرى إلى الحرب وحمل السلاح ضد المغرب.
ونقلت صحيفة “لافانكوارديا” الإسبانية عن زعيم جبهة “البوليساريو” حول دعوة بعض الصحراويين بالرجوع إلى الحرب قوله: “اعتبروني واحدا من هؤلاء الصحراويين، فخيار العودة إلى الكفاح غير مستبعد، وهو واحد من عدة خيارات، ستطرح في مؤتمر الجبهة، في منتصف شهر ديسمبر المقبل”.
وكان ملك المغرب محمد السادس قد هاجم قادة جبهة “البوليساريو” في خطاب المسيرة الخضراء واتهمهم بالكسب على حساب مآسي محتجزي تندوف.
ويقترح المغرب مشروع الحكم الذاتي كحل للنزاع المفتعل في الصحراء المغربية.
ويحظى المقترح المغربي بدعم من قبل المجتمع الدولي، وترفض جبهة “البوليساريو” المقترح المغربي وتطالب بتقرير المصير.
علاقة البوليساريو مع الجزائر
والبوليساريو جبهة بوليساريو تعني اختصارا الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، تأسست بعد انعقاد مؤتمرها التأسيسي في 20 مايو 1973 وتهدف إلى إقامة دولة مستقلة في إقليم الصحراء الغربية.
لعبت الدبلوماسية الجزائرية دورا نشطا في صفوف دول العالم فجعلت منظمة الوحدة الأفريقية تعترف بالحكومة الصحراوية عضوا فيها وذلك ما دفع بالمغرب إلى الانسحاب من هذه المنظمة القارية في 12 نوفمبر 1982.
وقد قام المغرب عام 1980 ببناء حائط حول “المثلث المفيد” (السمارة-العيون-بوجدور) واضعا سورا واقيا حول المناطق الصحراوية الغنية بالفوسفات والمدن الصحراوية الأساسية، وجعل هذا السور أهم الأراضي الصحراوية في مأمن من هجمات البوليساريو.
الملك يمارس الضغط بالمثل
وقال زهير سالم، مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتجية، إن العاهل المغرب، يلعب بنفس أسلوب الجزائر، فهي تدعم جبهة “البوليساريو” المغربي، بينما الملك محمد السادس اتجه إلى ولاية تيندوف الجزائرية التي تعاني من فقر.
وأضاف سالم، في تصريح لـ”رصد” الجزائر تسير وراء دافعها الهيمنة الاستعمارية على المنطقة، وذلك من خلال التزامها منذ عام 1975 بتقسيم الوحدة الترابية للمغرب، مشيرا إلى أنها تدعم مشروعا انفصاليا رغم ادعاءاتها بدعم تقرير المصير.
وأكد سالم أن دول الغرب تستخدم الطرفين في إشعال الفتنة في شمال أفريقيا، كذلك الحال ما يحدث بين مصر وقطر، وباكستان والهند، فالعالم الغربي يستفيد من جميع أشكال النزاع عبر توظيف أتباعه في الدول للانصياع لهذة الفتنة.
البوليساريو ومصر
وكان الإعلام الرسمي المغربي قد وصف عبد الفتاح السيسي بـ”قائد الانقلاب”، في وقت أكد فيه على شرعية الرئيس محمد مرسي.
وتداول نشطاء على موقع التواصل “فيس بوك” فيديو لأحد الضباط المصريين برتبة رائد مع مجموعة من جماعة البوليساريو وهو يحرضهم ضد دولة المغرب.
وقال النشطاء أن هذا من أهم أسباب تغير الخطاب المغربي تجاه السلطات المصرية الحالية.
وفي الفيديو المتداول يقول الضابط المصري “بتاعتهم ومحدش هياخدها منهم، لازم تستغل كل مميزات قبل العيوب زي ما حصل عندنا في مصر، إيه اللي هينفعك وإيه اللي هيضرك، يعني لازم هذا الموقف يستغل كويس جدا، الأرض دي أرضكم والأرض دي محدش ياخدها منكم، وجاتلك الفرصة إنك تقول كده فمضيعهاش منك، المينورسو إذا لم يتم إنشاؤها في الصحراء الغربية معنى ذلك أنه لا يوجد حق للبوليساريو”.