بقلم: أحمد نصار
لست مضطرا لأن أقول أنني مؤيد بالطبع لأي دعوة للتوجه نحو ميدان رابعة العدوية أو ميدان التحرير أو أي ميدان من ميادين مصر، رفضا لحكم السيسي والمطالبة بإسقاط الانقلاب العسكري، ومحاكمة المجرمين المتورطين فيه.
لكني لا أخفي اندهاشي عن تجدد تلك الدعوات الآن، للعودة إلى الميدان! فما الجديد فيما يجري، وما الذي تغير في الساحة السياسية المصرية حتى يفكر “من ليس في الميدان” الآن في العودة إليه؟؟
دعونا نعرض الحقائق ببساطة؛ ونجليها بوضوح حتى لا ينخدع أحد بما يقال: هناك طرف موجود في الميدان منذ أكثر من عامين ونصف، منذ 28 يونيو 2013، منذ أن استشعر خطرا محدقا بالثورة، متمثلا في انقلاب عسكري، رفضوه وقاوموه واعتصموا في قلب القاهرة رفضا له، فقتلوا واعتقلوا، وحرقوا أحياء.
والذي فعل هذا ليس السيسي وحده، بل أن بعض المطالبين بالعودة للميدان الآن شريك أصيل في الجريمة وأيديهم ملطخة بالدماء، وسمعتهم ملطخة بالعار!
هل ننسى علاء عبد الفتاح وهو يدعو لفض اعتصام النهضة بالقوة؟؟ وهل ننسى أحمد دومة على شاشة ONTV وهو يفرح بقتل الإخوان يوم المذبحة، ويحزن على تويتر لأن البقية لم يموتوا؟؟
هل ننسى 6 إبريل وهي تقابل أشتون حين زارت مصر وتقول لها أن الإخوان إرهابيين؟؟ أو هل ننساهم حين قابلوا عدلي منصور الطرطور وذهبوا في جولة حول العالم لشرح أن ما جرى لم يكن انقلابا عسكريا؟؟
هل ننسى باسم يوسف وهو يغني بعد المذبحة فرحا “السيسي فشخ الإخوان”؟؟
هل ننسى أحمد ماهر وهو يعلن للملأ في رسالة بخط يده أنه كان يعلم أن انقلابا دمويا سيقوم به العسكر، وستراق فيه الدماء، تمهيدا لعودة الجيش للحكم؟؟
هل ننسى حسام فودة وياسر الهواري وهم ضيوف مستمرون على الجزيرة والجزيرة مباشر يصفون الثوار بالإرهاب، ويسخرون من أعدادهم، ويبشرون بخارطة طريق السيسي؟؟
لم أنسى شخصيا هذه الوجوه العكرة، ولا أعتقد أن أي ثائر مصري نساها، بل يعتبرهم شركاء أصيلون في المجزرة والانقلاب.
ورغم هذا فباب الثورة مفتوح، وباب التوبة لم يغلق بعد، فقط أعلنوا للجميع أن ما جرى كان انقلابا وأنكم أخطأتم بالمشاركة فيه، وأعطيتموه غطاء سياسيا، ثم عودوا إلى الميدان، رافعين مطالب الثائرين فيه! وقتها أهلا ومرحبا بكم!
أيها العائدون إلى الميدان: ستجدون هناك ثائرين أحرار منذ عامين ونصف، رافضين للانقلاب العسكري، ومطالبين بعودة الشرعية. ارفعوا ذات مطالبهم وقدموا الاعتذار لهم، وانضموا إلى ركاب الثورة، لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لنا ولكم.
لكن مجرد إطلاق دعوات مجهولة المصدر دون تحديد الطرف الداعي إلى هذه العودة أو الهدف من ورائها، فلربما يعني هذا أنكم أيقنتم أن السيسي لم يعد حمارا رابحا، وأنكم فقط تغيرون سياستكم غير نادمين على خطاياكم، بعد أن طردكم السيسي من السلطة، وحرمكم من البرلمان، وتريدون القفز على ثورة استمرت بدونكم ورغم خيانتكم! ساعتها قاتلكم الله، ولا مرحبا بكم!