يستعرض الكاتب الفلسطيني محمد عايش، الأسباب التي أدت إلى انهيار الجنيه المصري أمام الدولار، مؤكدًا أن رحلة انهيار الجنيه أمام الدولار بدأت في أعقاب الانقلاب العسكري؛ كنتيجة طبيعية لنزول الجيش إلى الشارع ودخوله عالم السياسة وفرض سيطرته على الدولة والشعب.
وقال -عبر مقاله المنشور على موقع “ميدل إيست مونيتور”-: بدأ انخفاض الدولار أمام الجنيه بالتدريج منذ 2013، وهذا يعني أن الحكومة كانت ناجحة في تأجيل الانخفاض وليس التغلب عليه أو تجنبه؛ بسبب أن مصر هي ثاني أكبر اقتصاد تستلم معونات بالعملة الصعبة من الدول الخليجية في الفترة ما بين منتصف 2013 ونهاية 2014، ووصلت قيمة هذه المعونات إلى 20 مليار دولار، وهو ما ساعد الحكومة على تجنب الانهيار وحمى البلاد من الانهيار الاقتصادي الذي كان سيحدث في الغالب نتيجة الانقلاب العسكري.
وأشار الكاتب، إلى أن سعر الدولار يوم 28-6-2013 وهو اليوم الذي تم فيه نشر الجيش للتحضير للانقلاب العسكري كان 6.9 جنيهات، وخلال الثلاثة شهور التي أعقبت الانقلاب العسكري ارتفعت قيمة الجنيه ارتفاعًا طفيفًا كنتيجة لمليارات الدولارات التي تسلمتها مصر كمساعدات، وهو ما ساعد في استقرار الاقتصاد وغطى تكلفة نشر قوات الجيش في الشوارع.
وأضاف، في 2014 بدأ الجنيه المصري في التدهور التدريجي مرة أخرى، لكن المساعدات المالية منعته من الانهيار، وفي بداية 2015 كان الدولار يساوي 7.1 جنيه، لكن غياب المساعدات أدى إلى أسرع تدهور في قيمة الجنيه المصري منذ عهد الملك فاروق؛ إذ فقد 14% من قيمته في أربعة شهور.
ويعدد الكاتب أسباب انهيار الجنيه المصري أمام الدولار:
– السبب الأول لهذا الانهيار، هو نشر الجيش في الشوارع، وتعطيل مؤسسات الدولة، وهو ما يتكلف ملايين الدولارات يوميًا ويحمل الاقتصاد أعباءً إضافية، ويزيد من عجز الموازنة، كما أن القوات المسلحة أجبر ت على سحب مزيد من الاحتياطي بسبب نقص المساعدات الخليجية.
– السبب الثاني لهذا التدهور، هو انهيار قطاع السياحة الذي يمثل من 7 إلى 11 بالمائة من الناتج القومي، والأهم من ذلك هو أن القطاع يولد 20 بالمائة من العملة الصعبة ويرجع هذا التراجع إلى أن السياحة الأوروبية تشكل 70 بالمائة من السياحة الواردة إلى مصر، أما العرب فيشكلون فقط 8 بالمائة، والجميع يعرف أن السائح الأوروبي لن يزور بلدًا مضطربًا سياسيًا أو يشهد أحداث عنف، كما أن صورة مصر قد شوهت خلال العامين الماضيين بسبب اعتقال الصحفيين، وأحكام الإعدام الجماعية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وهذه الأمور يتعامل معها الغرب بجدية، وتجعل الكثير من الناس خائفين أو مترددين في السفر.
– السبب الثالث وربما الأهم، هو ازدياد الفساد؛ إذ إنه خلال العامين الماضيين لا يوجد برلمان، ولا معارضة سياسية أو مساءلة، وتقع البلاد تحت حكم فرد واحد يقود الجيش والذي بدوره يسيطر على ما يزيد على 40 بالمائة من اقتصاد البلاد، وهذا المناخ يعزز الفساد بلا شك ويسمح للفساد أن يسرق ما شاء من موارد الدولة.
ويرى الكاتب أن كل هذه العوامل تؤدي إلى فراغ خزينة الدولة، وتسببت في التدهور الحاد في الاحتياطات النقدية؛ إذ فقد جنيه 10 بالمائة من قيمته أمام الدولار خلال شهر سبتمبر بعد أن فقد الاحتياطي 3 مليارات دولار خلال ثلاثة أشهر.
وختم الكاتب بالقول: “الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها مصر خانقة وخطيرة، وتجنب ذلك يكون فقط عن طريق خطة طوارئ تهدف إلى استعادة وإحياء السياحة وجذب المزيد من الاستثمارات، وهذان القطاعان يمكن إحياؤهما عن طريق توفير مناخ الحرية، والانفتاح، والاستقرار، والديمقراطية، وحقوق الإنسان.