اعتبر عدد من الحقوقيين أن تعديلات قانون تنظيم السجون هي تعديلات قمعية جديدة مخالفة للمواثيق المعاهدات الدولية الملزمة لمصر، أهمها اتفاقية مناهضة التعذيب والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدينة والسياسية.
وأصدر عبد الفتاح السيسي قرارا بقانون رقم 106 لسنة 2015 بموجب السلطة الممنوحة له بالتشريع بتعديلات على قانون السجون رقم 396 لسنة 1965.
وشمل القانون على مادتين الأولى تعديل 14 مادة من مواد قانون السجون وفي الثانية إضافة أربع مواد جديدة على القانون.
تقنين التعذيب
وقال أحمد كمال أبو المجد، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقًا، أن التعديلات قننت حالات التعذيب بحق المحبوسين والمعتقلين بداخل السجون، كما قننت مواد تهدد سلامة الأسر والأهالي وأقرباء المعتقلين أثناء زيارتهم أو اعتراضهم على ما يحدث لهم من انتهاكات.
وأضاف في تصريح لـ”رصد”، أن التعديلات الهدف منها هو قمع المعتقلين والمسجونين بداخل السجون والقضاء على أي مظهر من مظاهر حرية الرأي والتعبير لهم، وتوسيع دائرة التعسف لتشمل الأهالي والأقارب لأول مرة.
لم تحدد نوعية أماكن الاحتجاز
يقول نجاد البرعي، المحامي والناشط الحقوقي، إن التعديلات لم يفاجأ بها المجتمع الحقوقي مثلها مثل جميع القوانين، حيث تنفرد رئاسة الجمهورية ممثلة في عبد الفتاح السيسي في سن القوانين دونما اعتبار للمجتمع المدني.
وأكد البرعي في تصريح لـ”رصد”، أن التعديلات كانت وصفت السجون كمكان للاحتجاز دونما أي التفات إلى أماكن الاحتجاز الأخرى التي يتم احتجاز أغلب المعتقلين فيها.
تجارة غرف المحبوسين
أكدت نيفين ملك، الناشط الحقوقية، أن التعديلات على المادة 14 رفعت حق المحبوس احتياطيا في وضعه في غرف من جنيه ونصف في اليوم إلة 15 جنيها مصريا، مما يعني أن وزارة الداخلية يمكنها إنشاء زنازين مخصصة تؤجر للقادرين ولا عزاء للمحبوسين احتياطيا الفقراء والمحتاجين، مما سيزيد من التمييز بين السجناء المطبق أصلا في السجون.
وأشارت إلى أن التعديلات على المادة 34 من القانون تعتبر من أبشع التعديلات، إذ إنه وبدلا من أن يتم العمل على تقليل العقوبات أو ما يسمى “التأديب” في القانون فإن السيسي في التعديلات قام بتغليظها وبدلا من أن يقوم بتنقيصها قام بزيادتها، حيث كانت العقوبات التأديبية في القانون القديم أربع عقوبات تم إضافة عقوبتين لها ليصبح المجموع 6 عقوبات.
التحكم في أطباء السجن
لم يضف القانون أي تعديلات على وضعية أطباء السجون ولا تغيير في تبعيتهم الكاملة لإدارة السجون، لكونهم من ضباط الشرطة من حيث الإشراف والرقابة وتوقيع الجزاء عليهم وبالتالي فإن هذا الأمر يفقدهم الاستقلالية اللازمة لإتمام عملهم بالشكل الأمثل، لاسيما وأن تقارير هؤلاء الأطباء في أغلب الأحيان تكون هي الفيصل في تحديد مسؤولية إدارة السجن عند حدوث أي انتهاك أو تجاوز يمس حقوق المساجين وسلامتهم الصحية والبدنية.
التحكم في الزيارات
التعديلات على المادة 38 من القانون الخاصة بالزيارة والمراسلات المقروءة والتليفونية، أدخلت لأول مرة حق إجراء المكالمات التليفونية للمسجونين وهو أمر محمود، إلا أنها أطلقت يد وزارة الداخلية في جواز منع الزيارة منعًا مطلقًا أو مقيدًا دون تحديد الحالات التي يجوز لها فيها إجراء هذا المنع وغلق السجون في وجه الزائرين ومنعهم من زيارة ذويهم، فلم يتحدد بالقانون على وجه الدقة ما هي الظروف والأوقات التي تبيح لإدارة السجن منع الزيارة.
تقنين الحبس الاحتياطي
بدلا من أن يقوم السيسي بمنع الحبس الانفرادي كونها جريمة قام بتقنين جريمة الحبس الانفرادي للمعتقلين لمدة 30 يوما كنوع من أنواع تغليظ العقوبة، حيث كان مقررا في المادة القديمة لمدة 15 يوما فقط، كما أنم لم يحدد سقفا زمنيا للمرات التي يتم وضع المسجونين أو المحبوسين بداخل الحبس الانفرادي، الأمر الذي يمثل إصرارا على مخالفة القوانين الدولية التي تعتبر الحبس الانفرادي جريمة في حق المعتقلين وتعد شكلا من أشكال التعذيب لما ينتج عنه من آثار نفسية وبدنية.
غرفة شديدة الحراسة
تم استحداث غرفة بداخل السجون المختلفة تحت مسمى “غرفة خاصة شديدة الحراسة”، حيث يوضح المعتقل أو المسجون في هذه الغرفة لمدة 30 يوما دون تحديد للأسباب، ويترك الأمر للائحة الخاصة بوزارة الداخلية، مما قد يسمح لإساءة استخدام هذا الحق واستخدامه كتهديد وورقة في يد وزارة الداخلية للضغط بها على المعتقلين أو السجناء لتكون بمثابة غرفة للتعذيب.
تهميش دور المجلس القومي لحقوق الإنسان
التعديلات على المادة 73 همشت دور المجلس القومي لحقوق الإنسان، فبدلا من أن يقوم السيسي بإعطاء المجلس القومي لحقوق الإنسان الحق في الإخطار لزيارات السجون، جعله يتبع الإجراءات العادية إذ لا يحق له زيارة السجون إلا بتصريح من النيابة العامة.
معاقبة الأقرباء
في المادة 92 نصت المادة على الحبس مدة لا تقل عن شهر وبالغرامة التي لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد على 5000 جنيه لاتهامات فضفاضة لا يوجد لها تعريف واضح، مثل “إدخال رسائل مخالفة للنظام المقرر”، و”إعطاء شيء ممنوع للسجين”.
تقنين استخدام القوة
قننت المادة 8 لقوات السجن استخدام القوة مع المسجون دون أن تحدد ما هي هذه القوة، وما هو المسموح بها أو عدم المسموح، مما قد يسمح باستعمال الرصاص الحي بحق المعتقلين والمحبوسين، ناهيك بأن القوة المبهمة هذه سيتم استعمالها في حالات غير مفهومة، ولا يوجد لها تعريف واضح مثل “أوامر مستندة إلى القانون أو لوائح السجن”.