هو عبد الأمير أبو التين، ابن جاسم أبو التين، بائع التين المجفف في الشتاء والأخضر في الصيف، المعروف من أبناء مدينة “الناصرية” العراقية بتدينه الشديد، وإيمانه بآل البيت، والذي اضطره فقره للهجرة إلى روسيا، حيث تزوج من روسية اسمها، ماريا لافنونوفا، أنجبت له صبيًا أسماه عبد الأمير، لكن صعوبة النطق باسمه جعلت والده يوافق على تسميته فلاديمير، بينما صار اسمه هو بوتين، بدل أبو التين العراقية.
بعد شكسبير الذي ولد ، مثل عبد الأمير أبو التين، جنوب العراق، في بلدة صغيرة اسمها الزبير، وكان شيخًا معروفًا بحبه آل البيت، لكن ظروفه أجبرته على الهجرة إلى بريطانيا، حيث تحول من الشيخ زبير إلى شكسبير، وكان أول شيعي عراقي يدهش العالم بإبداعه الأدبي.
أما عبد الأمير أبو التين اليوم فيعد أول شيعي عراقي تذهل عبقريته العسكرية البشرية جمعاء، بما ابتدعه من طرق حربية لم تكن معروفة قبله، منها إرسال طائرات حربية وسفن قتالية ودبابات لإنقاذ إخوته العراقيين والسوريين في العقيدة، فضلًا عن إصداره أمرًا بإطلاق صواريخ مجنحة وطوافة لقتل خصومهم، كفار كفرنبل واللطامنة وكفرزيتا وباقي قرى أرياف حمص وحماة وإدلب، الذين وصلت جحافلهم إلى مشارف العتبات المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء وسامراء.
ولولا لطف الله وغيرة عبد الأمير الدينية، لكانوا احتلوها وأبادوا المؤمنين من سكانها، لكن عبد الأمير هبّ للدفاع عن دينه، وصاح: يا إمام، قبل أن تتولى قواته تدمير كفار سورية، وإنقاذ أتباع آل البيت الأبرار.
هناك رواية أخرى، تجعل أسرة عبد الأمير من أصول أذربيجانية ذات جذور إيرانية، وتقول إنها لعبت دورًا كبيرًا في نشر التشيع في أذربيجان وجوارها، وبفضل تمسكها قرونًا بحب آل البيت، وتربية أطفالها على الولاء لهم، هب حفيدها عبد الأمير لحماية شيعة سورية، وأعلن استعداده لحماية شيعة العراق أيضًا، وهو ينتظر اليوم رد حكومتهم، فإن جاء سلبياً رفضه، وتدخل بدافع من وازعه الديني وواجبه الإلهي، وأرسل جيشه لرد كفار الفلوجة والرمادي والموصل عن أتباع آل البيت، مثلما فعل في سورية ،أيجوز، بعد هذه الإنجازات الإيمانية، أن لا يُمنح أبو التين لقب آية الله، تقديرًا لتدينه وإنقاذ أهله في سورية والعراق؟ .
هل نضحك عند قراءة هذه التخريفات التي تبعث على البكاء بمرارة وحرقة؟ وهل نتوقف عند ما فيها من احتقار صارخ لقيادات سورية والعراق السياسية والعسكرية التي يدفع عجزها عن صيانة أمن شعبها وحياته إلى تعيّش كثير من مواطنيه على قصصٍ تثير أحقادًا مزمنة، تحرّض قطاعاته بعضها ضد بعضها الآخر، وتغرقهم في خرافاتٍ تسوّرها بخزعبلاتٍ تضفي القداسة على مجرمٍ مثل بوتين، رئيس روسيا الذي أرسل جيشه خدمة لمصالح استعمارية روسية، ولم يرسله دفاعا عن “آل البيت أو الفيلا أو الشاليه”، تكمن فاعليتها كخرافات في مضامينها المذهبية والشعورية اللاغية للعقل ومحاكماته المنطقية، والقادرة على إبعاد من يصدقها عن الأسباب الحقيقية لما يعانيه من مشكلاتٍ، ينتجها من يحرّضونه على شركائه في معاناة الظلم والفقر والقهر، كي لا يتحد وإياهم ضدهم.
لا أعرف كم من الناس صدّق رواية عبد الأمير أبو التين، لكنني أثق بأن عددًا هائلًا من السوريين يعتقد أن اسم رئيس روسيا الأصلي هو “بوطين”، مثنى بوط، حذاء العسكر الذي كثيرًا ما ألغى لابسوه عقولهم، وفكّروا بواسطته، كما يفعل رائد المخابرات السوفييتية السابق، بوطين.