يكاد أمل المواطن ينتهي حول استرداد الأموال المنهوبة، بعد مرور أكثر من 4 سنوات على ثورة 25 يناير، وذلك بسبب عدم قدرة الدولة المصرية حتى هذه اللحظة على استعادة المليارات المنهوبة من قبل الفاسدين من رموز النظام السابق ، والذين جمعوا ثروات طائلة، في حسابات بنكية بمختلف دول العالم.
وتمر الدولة الآن بالمرحلة الرابعة في مسلسل استرداد الأموال المنهوبة، بعدما دعا وزير العدل المستشار أحمد الزند الخاضعين لجهاز الكسب غير الشرعي من أصحاب القضايا إلى سرعة المبادرة بالتصالح مع الدولة والاستفادة من التعديلات التي طرأت مؤخرا على القانون.
وقدّر برلمان 2012 حجم الأموال التي هرّبها رموز نظام الرئيس المخلوع لخارج البلاد بما يصل إلى 134 مليار دولار أمريكي، بخلاف الأموال التي ما زالت داخل البلاد.
ورغم تجميد العمل بتلك الحسابات فإنها لا تزال تنتظر صدور أحكام نهائية تبت في إدانة من تم تجميد أرصدتهم بشكل كامل، ولكن ذلك لم يحدث، وأفرج عن مبارك ونجليه، وكذا أغلب رموز نظامه، وظل بعضهم هاربين خارج البلاد، وربما ما تسبب في العمل بالمصالحة أن القضاء لم يصل معهم للنتائج المرجوة، بينما وجد المشرع في تعديلات القانون مخرجا للمدانين، ومصدرا للدخل القومي الذي يمر بمرحلة صعبة تحتاج لموارد ضخمة لتمويل عمليات التنمية.
المجلس العسكري
وفي عهد المجلس العسكري السابق برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي، تم تشكيل لجنة قضائية لاسترداد الأموال المنهوبة من الخارج برئاسة المستشار عاصم الجوهري، رئيس جهاز الكسب غير المشروع الأسبق، وهي اللجنة التي أقامت دعوى قضائية ضد وزارة الخزانة البريطانية لإلزامها بالتعاون مع القاهرة لاستعادة أموالها، وأنشأت قاعدة بيانات خاصة بكل المعلومات والمستندات التي حصلت عليها جهات التحقيق الخاصة بمبارك وأفراد أسرته وبعدد من المسؤولين السابقين وبعض رجال الأعمال المصريين ولكنها لم تجنِ أي شيء حتى الآن.
الحرية والعدالة يرفض
في مارس 2012، رفض حزب الحرية والعدالة، عروض التصالح مع رموز النظام السابق مقابل استرداد الأموال، وقال رئيس حزب الحرية والعدالة حينها الدكتور محمد مرسي، إن التصالح مع رموز النظام السابق مقابل استرجاع الأموال أمر غير مقبول على الإطلاق ويعتبر جريمة كبيرة في حق الوطن، وأضاف مرسي أن الحكومة لا تملك هذا التصالح ومن يملك هو الشعب فقط..
وقال مرسي في مداخلة مع فضائية “الحياة”، إن فساد رموز النظام السابق يقدر بعشرات المليارات، وإن طلب المتهمون التصالح مقابل الأموال يعد إقرارا بجرائمهم، ويجب عقابهم عليها ومحاولة استرجاعها لأنها أُخذت بغير حق.
وكان وزير المالية المصري حينها، ممتاز السعيد، قد قال إن السلطات تلقت عروضا من بعض نزلاء سجن طرة المحكوم عليهم للتصالح في بعض قضايا الفساد المالي مقابل التنازل عن بعض الممتلكات، وكان أبرز هذه العروض مقدما من أحمد عز وحسين سالم.
وأوضح وزير المالية أن العروض لا تزال محل نظر ولم يتم البت فيها بعد، وقال إن “الحكومة جادة في بحث ومتابعة الأموال المنهوبة والمهربة التي خرجت قبل الثورة أو بعدها، وإنها كلفت السلطات المعنية بمتابعة الأمر”.
وأشار السعيد إلى أن مصر تقدمت بطلبات للعديد من الدول للاستعلام عن الأموال المهربة، لكن الإجراءات القانونية لها أصولها وتوقيتاتها في الدول المختلفة.
وأكد مرسي أن بيان الحكومة مرفوض من قبل مجلس الشعب وأن البرلمان مستمر في إجراءات حجب الثقة عن حكومة الدكتور كمال الجنزوري، مشيرا إلى أن قرار سحب الثقة لن يأتي إلا بسبب سوء الإدارة وعدم أخذ الأمور بجدية وهذا ما دفع الأغلبية بالمجلس للضغط على الحكومة.
مرسي يشكل لجنة
كما شكل الرئيس محمد مرسي لجنة لاسترداد الأموال برئاسة الدكتور محمد أمين المهدي، ولم تحقق تلك اللجنة نتائج ملموسة، وهذا ما أكده الدكتور حسام عيسى نائب رئيس اللجنة، الذي قال إن استرداد الأموال المنهوبة أصبح أمرا مستحيلا.
مبادرة شعبية
ومع الفشل المتكرر للجان التي شكلتها الحكومات المتلاحقة لاسترداد الأموال المنهوبة، تم تشكيل مبادرة شعبية لاسترداد أموال مصر، ترأسها معتز صلاح الدين، الذي أكد أن القانون الذي أصدره مجلس الوزراء خطوة على أول الطريق، مؤكدا أن طوال الأربعة أعوام كانت هناك خطوات حكومية دون إرادة سياسية حقيقية لاستعادة تلك الأموال والتي تقدر بنحو مليار و300 مليون دولار.
ويضيف صلاح الدين: “الأموال المصرية المجمدة في سويسرا هي الأقرب للاسترداد لأسباب عديدة، منها مساندة الرأي العام السويسري لعودة الأموال المصرية، فضلا عن مساندة منظمات المجتمع المدني الداعمة لموقف مصر”.
وأضاف صلاح أن المبادرة حققت إنجازات عديدة في هذا الشأن، بعضها تمثل في إمداد الجهات القضائية في مصر بمستندات تخص فساد بعض رموز النظام الأسبق، ولم يتم الإعلان عنها بناء على طلب هذه الجهات، كما تمثلت الإنجازات في مساندة عدد من نواب الكونجرس لجهود المبادرة وعلى رأسهم ديفيد برايس.
ومن أبرز الشخصيات التي تم التحقيق معها في قضايا الكسب غير المشروع الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجلاه وزوجاتهم، فضلا عن عدد من رموز نظام مبارك الذين تقدموا بطلب تسويات، وهم صفوت الشريف وحسين سالم ورشيد محمد رشيد، وزكريا عزمي، وأنس الفقي وفتحي سرور، وإبراهيم سليمان، وعهدي فضلي، أسامة المراسي ويوسف بطرس غالي، ومن المرجح أن يسدد زكريا عزمي مبلغ 36 مليونًا و367 ألف جنيه، بينما سيسدد صفوت الشريف ونجلاه ما يقرب من 300 مليون جنيه، وحسين سالم مبلغ 4 مليارات و600 مليون دولار، ورشيد محمد رشيد وابنته 500 مليون جنيه.
مبادرة وزير العدل
ودعا وزير العدل المستشار أحمد الزند الخاضعين لجهاز الكسب غير الشرعي من أصحاب القضايا إلى سرعة المبادرة بالتصالح مع الدولة والاستفادة من التعديلات التي طرأت مؤخرا على القانون.
وقال الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق السابق، إن الاقتصاد المصري في حاجة إلى أي أموال عامة تم الاستيلاء عليها لتصب في صالح المجتمع.
وأشار إلى أن هناك مبالغات كبيرة في حجم الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج أثناء ثورة يناير 2011، ومن الخطأ تصوير كل رجال الأعمال على أنهم نهبوا المال العام بعد ثورة يناير، مؤكدا أن اتهام شخص بالاستيلاء على المال العام ليس معناه ثبوت التهمة عليه، موضحا أنه إذا تم التصالح بعد ثبوت الأدلة بالاستيلاء على المال العام تتم إعادة الأموال مضاعفة.