مساء الخميس الماضي الأول من أكتوبر، أعلن الاحتلال عن مقتل مستوطن وزوجته في عملية إطلاق نار على سيارتهما قرب مستوطنة “إيتمار” القريبة من نابلس، في حين لم يصب أطفالهم الأربعة بأذى.
العملية التي أثلجت صدور الفلسطينيين، وأعادت الأمل في نفوسهم بعودة عمليات الانتقام وردع المستوطنين عن جرائمهم بحق الفلسطينيين، أوقفت أجهزة الأمن الإسرائيلية على قدم واحدة؛ لأنها الأولى التي يستخدم فيها سلاح ورصاص منذ أشهر.
تبنى الجناح المسلح لحركة “فتح” العملية بعد تنفيذها بساعات، فيما قال مراقبون -لـ”رصد”- إن العملية تحمل بصمات “القسام” وأن التخطيط لها لا يتم بيوم وليلة.
لم تعلن حماس المسؤولية عن العملية، لكنها باركتها واعتبرتها ردًا طبيعيًا على جرائم الاحتلال والمستوطنين وتدنيس الأقصى والمقدسات، ودعت إلى مواصلتها لاسترداد الحقوق بعد فشل “أوسلو” ومشروع المفاوضات التي تنتهجها حركة “فتح”.
واصل الاحتلال البحث والتحري للوصول إلى الفاعلين كعادته، معتمدًا في ذلك على قوة التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة الفلسطينية.
مساء أمس، وبعد خمسة أيام بالتمام، أعلن “الشاباك” عن اعتقال الخلية التي نفذت العملية، وهم خمسة عناصر من كتائب “القسام” الجناح المسلح لحماس يقودهم أسير محرر.
وكتب أوفير جندلمان، الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على حسابه على موقع “فيس بوك” أن اعتقال المجموعة تم بالتنسيق بين الجيش وجهاز الأمن الداخلي “الشاباك”.
وقال إن المجموعة المعتقلة تنتمي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وهي تضم خمسة أشخاص، وتم اعتقالهم بعد 24 ساعة من تنفيذ العملية بفضل عمليات استخباراتية.
وتمت إحالة المعتقلين إلى التحقيق في الشاباك واعترفوا بأنهم نفذوا العملية المذكورة.
ووفق ما نشر الناطق الإسرائيلي من تفاصيل، قام أحد أفراد الخلية بكشف الطريق وقام آخر بقيادة السيارة التي استخدمها فردان آخران لتنفيذ العملية؛ حيث قائد الخلية لم يركب السيارة التي استخدمت للتنفيذ.
وأضاف أنه تم اعتقال عدد من “المشتبهين” الآخرين الذين ساعدوا الخلية في تنفيذ العملية.
أسماء الخلية
ونشر جندلمان أسماء أفراد الخلية المنفذة للعملية وهي:
قائد الخلية: راغب أحمد محمد عليوي، من مواليد 1978، عضو في حماس من نابلس وأسير سابق، وقام بتجنيد أفراد الخلية وأمرهم بتنفيذ عمليات وزودهم بالسلاح.
يحيى محمد نائف عبدالله حاج حمد، من مواليد 1991 ومن سكان نابلس وينتمي لحماس، وهو أطلق النار في العملية وفي عمليات أخرى مماثلة.
سمير زهير إبراهيم كوسى، من مواليد 1982 ومن سكان نابلس، وينتمي لحماس وشارك في 3 عمليات سابقة، وتولى في عملية بيت فوريك قيادة السيارة التي استخدمها المهاجمون أثناء تنفيذ العملية.
كرم لطفي فتحي رزق، من مواليد 1992 ومن سكان نابلس وينتمي لحماس، وخرج إلى تنفيذ العملية حاملًا مسدسًا ولكنه أصيب خلالها بطلقة نارية أطلقها زميله في الخلية.
زيد زياد جميل عامر، من مواليد 1989 ومن سكان نابلس وينتمي لحماس، وقام بكشف الطريق الذي سافرت فيه مركبة العائلة الإسرائيلية التي استهدفها أفراد الخلية.
طرف الخيط
لكن السؤال: كيف وصل الاحتلال إلى طرف الخيط الذي قاد إلى اعتقالهم؟ وسائل الإعلام الإسرائيلية زادت على حديث “جندلمان” أن عملية اعتقال خلية نابلس جاءت بعد تلقيهم معلومات مهمة من أجهزة أمن السلطة.
تقول المعلومات التي حصلت عليها شبكة “رصد”، إن أحد المنفذين أصيب في العملية بطريق الخطأ من زميله، وهو الشاب كرم، نقل على إثرها إلى المستشفى العربي التخصصي الحكومي في نابلس للعلاج.
المتحدث باسم نتنياهو أكد هذه الإصابة؛ حيث أسقط كرم مسدسًا كان بحوزته في مكان العملية بعد إصابته، وعثرت قوات الأمن الإسرائيلية لاحقًا على المسدس.
بعد تنفيذ العملية، هرب المقاومون إلى مدينة نابلس، ونقل المصاب إلى المستشفى الحكومي للعلاج تحت اسم “كرم المصري”.
يوم الأحد الماضي، اقتحمت قوة إسرائيلية خاصة “مستعربين” المستشفى التخصصي في نابلس واعتقلت الجريح “كرم”، قبل أن يعلن الشاباك عن اعتقال الخلية المنفذة للعملية في مساء اليوم التالي “الإثنين”، ليسدل الستار على أخطر عملية قسامية أرقت الاحتلال في هذه المرحلة.
أحد الممرضين العاملين في المستشفى الحكومي، أوضح لـ”رصد” أن الجريح “كرم” دخل المستشفى على أنها إصابة عمل، كما أخبر القائمون على علاجه، مشيرًا إلى طرف الخيط الذي قاد إلى اعتقال الخلية قائلًا: سياسة الأجهزة الأمنية تلزم جميع المستشفيات بالتبليغ عن أي حادث عمل أو سير أو اعتداء من قبل آخرين.
وأضاف لـ”رصد”، أنه بالفعل تم إبلاغ أمن السلطة بذلك الذين قدموا سريعًا لأخذ إفادة الجريح “كرم”، لكنه أشار إلى أن إفادته قد تكون لم تقنع المستجوبين له.
يضيف “في اليوم التالي تم حصار المستشفى واقتحامه من قوة إسرائيلية خاصة واعتقلت الشاب “كرم المصري”، مؤكدًا أنه تم الاتصال على الأجهزة الأمنية لكنهم لم يردوا على اتصالهم مع العلم أن سجن جنيد التابع لمخابرات السلطة لا يبعد سوى أمتار عن المستشفى.
وتبين من أسماء الخلية التي أعلنها الشاباك، أن أحدهم “كرم رزق”، وهو نفسه المعتقل حيث دخل المستشفى على ما يبدو باسم “مستعار” من عائلة المصري للتمويه والتضليل، لكن أمره سرعان ما اكتشف.
ويقول أمنيون مختصون، إن الخلية اركبت خطأ فادحًا بنقل الجريح إلى مستشفى حكومي ملزم بتقديم معلومات عن المصابين داخله للأجهزة الأمنية المعروفة بارتباطها مع الاحتلال الإسرائيلي.
ونصحوا بضرورة نقل أي مقاوم وعلاجه بطرق يقدرها القائمون على العمل المقاوم.
وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون، حمَّل “حماس” في غزة، والقيادي البارز صالح العاروري في تركيا، المسؤولية عن العملية، وتقول الأخبار إن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر “كابينت” أقر في اجتماعه، أمس، عودة سياسة الاغتيالات الإسرائيلية.
حماس بدورها، وعلى لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، طلبت توضيحًا من السلطة الفلسطينية حول إعلان “إسرائيل” وجود تعاون مشترك لاعتقال خلية نابلس.
وقال “أبو زهري” -في تصريح له، مساء الإثنين-: إن السلطة مطالبة بتوضيح موقفها تجاه التصريحات الإسرائيلية بشأن خلية نابلس.
واعتبر أن إعلان الاحتلال عن تعاون مع السلطة حول عملية الاعتقالات في نابلس هو أمر “خطير”، معربًا عن أمله في أن يكون الاعلان كاذبًا، على حد قوله.
وفي سياق تصاعد المواجهات في الضفة، دعا رئيس السلطة محمود عباس، الإثنين، أعضاء المجلس العسكري وقادة الأجهزة الأمنية إلى منع حصول “تصعيد” بادعاء أن التصعيد يخدم المخططات الإسرائيلية.
ودعا عباس قادة الأجهزة الأمنية إلى “اليقظة والحذر” وتفويت الفرصة على ما أسماه “المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تصعيد الوضع وجره إلى مربع العنف”.
وجاء في بيان، أن الرئيس عباس أصدر تعليماته لقادة الأجهزة الأمنية، خلال اجتماع معهم، مساء الإثنين، دعاهم فيه أيضًا إلى “اتخاذ عدد من الإجراءات لضمان حفظ الأمان للوطن والمواطنين”.
وكانت الرئاسة الفلسطينية اتهمت إسرائيل بأنها “صاحبة المصلحة في جر الأمور نحو دائرة العنف للخروج من المأزق السياسي والعزلة الدولية”.